الرئيس عباس يعيد العرب إلى قضيتهم المركزية!

طلال عوكل.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

بعد وقت قصير من متابعة كلمة الرئيس عباس أمام مجلس وزراء خارجية الدول العربية، شعرت وكأنه يعلق على بعض مواقف الدول العربية إزاء ما تسمى «صفقة القرن»، وكنت قد لاحظت أن هذه المواقف تضمنت ثلاثة «مبادئ» تقدير جهود أميركا، والدعوة إلى مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وثالثاً، هذه المفاوضات ينبغي أن تعقد تحت الرعاية الأميركية، كما لاحظت من خلال صياغة هذه المواقف، وكأنها قد صدرت من جهة واحدة نظراً لتماثلها الغريب، من هنا كان ما اعتبره تصدياً من قبل الرئيس عباس لهذه المواقف، وذلك عندما تضمنت كلمته، وبشكل غير مباشر، رداً على هذه «المبادئ».
 فقد رد الرئيس على مقولة: تقدير جهود أميركا، بسرد تاريخ موثق من جهد أميركي متصل، منذ وعد بلفور، للتآمر على قضية الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن أميركا لم تكن على علم بما يجري من مفاوضات أدت إلى التوقيع على اتفاق أوسلو، وإلا لأفشلته، وسرد الرئيس جملة من المواقف الأميركية التي تشير الى أن جهود أميركا كانت منصبّة على تقويض أي جهد باتجاه التوصل الى حل عادل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي مستثنياً موقف إدارة أوباما لدى توصل مجلس الأمن الدولي الى القرار 2334 عندما صاغت أميركا وبريطانيا هذا القرار، ولم تستخدم الأولى حق النقض ما أفسح المجال لصدوره في سابقة هي الأولى في تاريخ تصويت أميركا في مجلس الأمن إزاء القضية الفلسطينية.
في ظل إدارة ترامب، تم اتخاذ خطوات سياسية أميركية تتعارض مع وعودها خلال عدد من الاجتماعات بين الرئيسين عباس وترامب، ما أدى إلى وقف السلطة الوطنية لكافة علاقاتها مع الولايات المتحدة باستثناء وكالة المخابرات المركزية، في سياق الحملة الدولية ضد الإرهاب، فهل هذا التاريخ الموثق لموقف أميركا يبرر موقف بعض العرب بتقدير جهود أميركا إزاء هذا الملف؟!
عقدت فلسطين مع إسرائيل مفاوضات مباشرة، في عهدي رابين وأولمرت، وتم التوصل الى تفاهمات جدية قريبة من اتفاق نهائي، إلا ان الأول تم اغتياله والثاني تم سجنه (!) وبعد وصول نتنياهو وخلال ثلاث ولايات من حكوماته، لم تجر أي عملية تفاوض لأنه ليس لا يريد السلام، بل كونه غير مقتنع بعملية السلام، وبعد ذلك يدعو بعض العرب الى مفاوضات ثنائية مباشرة ترفضها إدارة نتنياهو حتى لأنه لا يمكن والحال هذه، يقول الرئيس عباس ضمناً، عقد أي مفاوضات برعاية أميركية، وإذا كان بعض العرب يتساءلون ويدعون، حول عدم وجود بديل لهذه الصفقة، فإن للعرب مبادرتهم التي أجمعوا عليها العام 2002، باعتبارها الحد الأدنى، وهي المبادرة التي تضمنتها مبادرة الرئيس عباس التي تقدم بها الى الأمم المتحدة في شباط 2018، على أساس مؤتمر دولي وبرعاية من «الرباعية الدولية»، بديلاً عن التفرد الأميركي المرفوض.
على إسرائيل ان تتحمل مسؤولياتها كقوة احتلال على الأرض الفلسطينية بعد ان تحررت فلسطين من التزاماتها بموجب اتفاق أوسلو عندما تبنت خطة ترامب، بما في ذلك الالتزامات الأمنية والتنسيق الأمني، هذه هي اهم الخطوات التاريخية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية إزاء مواجهة هذه الصفقة، وعندما يتبنى بيان مجلس الجامعة العربية الرؤية الفلسطينية على صعيد مجابهة صفقة القرن كما ورد في نهاية اجتماعاته، فإنه بذلك يؤكد على ما جاء في كلمة الرئيس عباس من أن الفلسطينيين لا يريدون من العرب الوقوف في وجه أميركا، بقدر ما يريدون تبني الموقف الفلسطيني، وهذا ما حدث فعلاً بنص البيان الذي يعتبر استجابة مباشرة لكلمة الرئيس وجهوده في توحيد كلمة العرب خلف القضية المركزية، بعدما توحدت الساحة الفلسطينية، خلف الرئيس في مواجهة كارثة الصفقة!