خطط حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي: مقارنة بين «صفقة القرن» وسابقاتها

حجم الخط

بقلم: جلعاد شير


دولة واحدة/ دولتان
مثل سياسة أسلافها في البيت الابيض، تمسكت ادارة ترامب بالحل القائم على حل دولتين لشعبين. ستمكن "خطة القرن" من اقامة دولة فلسطينية – مصغرة، منزوعة السلاح وضعيفة – الى جانب دولة إسرائيل. الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية كشرط مسبق لاقامة الدولة الفلسطينية غاب حتى الآن من كل الخطط التي اقترحتها الولايات المتحدة. وهو يشكل عاملا جديدا في الخطة الأميركية الرسمية التي تدعم طلبات إسرائيل في السنوات الأخيرة. وتشمل الخطة أيضا "الخطة الاقتصادية لترامب" التي تقترح تمويلا كبيرا للدفع قدما بعدد كبير من المجالات في الدولة الفلسطينية عند قيامها، منها اماكن العمل، البنى التحتية، وجهاز الصحة، وجهاز التعليم.

"المناطق" والمستوطنات
تؤيد خطة ترامب ضم 40 في المئة من مناطق ج لإسرائيل، الى جانب تعويض جغرافي للفلسطينيين، بما في ذلك في النقب الغربي. أي أن الدولة الفلسطينية ستقام على 70 في المئة من اراضي الضفة الغربية (وهذا لا يشمل تبادل الاراضي). وحسب الخطة سيتم اخلاء بؤر استيطانية غير قانونية (80 بؤرة)، أي أنه لن يتم اخلاء أي مستوطنة، وستبقى المستوطنات المعزولة كجيوب تحت سيادة إسرائيل. وستتعهد إسرائيل بتجميد البناء في الضفة الغربية مدة أربع سنوات، سيتم خلالها اجراء المفاوضات حول اقامة الدولة الفلسطينية.
تعترف "صفقة القرن" بسيادة إسرائيل في المستوطنات في الضفة وكل منطقة غور الأردن. وتشمل الخطة إمكانية الموافقة على تبادل للأراضي المأهولة في منطقة المثلث التي توجد داخل إسرائيل نفسها والتي تشمل كفر قرع وعرعرة وباقة الغربية وأم الفحم وقلنسوة والطيبة والطيرة وكفر برع وجلجولية. حسب هذه الخطة، في هذه "المناطق" التي فيها يعتبر السكان أنفسهم فلسطينيين، فان تبادل الأراضي سيسمح بتحويل هذه القرى الى جزء من الدولة الفلسطينية. اضافة الى ذلك سيكون هناك تواصل جغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية من خلال ربط مواصلاتي يشمل نفقا وشارعين سريعين وربما اقامة سكة حديد حديثة تمكن الفلسطينيين من اجتياز غور الأردن.
خطة بيل كلينتون من العام 2000، ترسم الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، أو على خط الهدنة في "حرب الاستقلال".
وقد تم الاقتراح فيها أن الدولة الفلسطينية ستقام على 94 – 96 في المئة من أراضي الضفة الغربية، إضافة الى 2 في المئة بترتيبات محددة لا تشكل سيادة.
ستضم إسرائيل من أراضي الضفة الكتل الاستيطانية الكبيرة. وفي المقابل ستعطي الفلسطينيين مناطق قرب القطاع لتوسيعها على اساس نسبة 3: 1. 80 في المئة من المستوطنين في "يهودا" و"السامرة" سيبقون تحت سيادة إسرائيل في الكتل الاستيطانية التي سيتم ضمها لإسرائيل. اضافة الى ذلك تم اقتراح التنازل على إسرائيل عن سيادتها في غور الأردن، ولكن الحديث يتعلق بانسحاب تدريجي يسمح بالتواجد العسكري الإسرائيلي في الغور مدة ست سنوات اخرى: ثلاث سنوات يطبق فيها الاتفاق الدائم، وثلاث سنوات تحت السيادة الفلسطينية.
خارطة الطريق من العام 2003: في المرحلة الثانية من الخطة السياسية للرئيس جورج بوش الابن، فقد ركّز بوش والرباعية الدولية في الشرق الاوسط جهودهم على امكانية اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود مؤقتة كمحطة انتقالية في الطريق الى التسوية الدائمة. في المرحلة الثالثة سيتم بصورة رسمية اطلاق عملية مفاوضات متواصلة وعملياتية تؤدي الى تسوية دائمة حول موضوع الحدود. اضافة الى ذلك سيتم تجميد البناء في المستوطنات، وتفكيك البؤر الاستيطانية التي اقيمت بعد آذار 2001، وتقوم إسرائيل بالانسحاب من المناطق التي احتلتها بعد الانتفاضة الثانية في العام 2000.
أنابوليس 2007 – 2008: في المحادثات بين رئيس الحكومة، ايهود اولمرت، وبين رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، بوساطة وزيرة الخارجية الأميركية، كونداليزا رايس، تم الاقتراح بأن تنسحب إسرائيل الى حدود 1967 مع تبادل للاراضي يشمل ضم الكتل الاستيطانية بمساحة 6.5 في المئة الى إسرائيل. والتي تشمل الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى. وفي المقابل يتم تعويض الفلسطينيين بـ 5.8 في المئة من اراضي إسرائيل. الفجوة المتبقية كي تصبح النسبة 1: 1 في تبادل الاراضي سيغطيها 0.7 في المئة، التي هي الممر بين قطاع غزة والضفة الغربية. ولن يتم السماح لتواجد إسرائيلي في الغور.
جولة جون كيري في 2013 – 2014: تم التخطيط لاجراء مفاوضات على حدود آمنة ومعترف بها بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة، بالاستناد الى خطوط 1967 مع تبادل متفق عليه للاراضي ووفقا لقرار مجلس الامن رقم 242. وأي اتفاق بين الطرفين سيؤدي الى تغيير في الحدود المقترحة في الخطة سيتم الاعتراف به دوليا. وسيتم الحفاظ على التواجد العسكري الإسرائيلي في غور الأردن؛ وستقرر قدرات اجهزة الامن الفلسطينية مدة تواجد إسرائيل فيها.

القدس والأماكن المقدسة
تؤيد "صفقة القرن" سيطرة إسرائيل على القدس اليهودية، بما في ذلك في البلدة القديمة، الى جانب وجود فلسطيني مقلص.
قرية أبوديس وقرى اخرى في شرق القدس سيعترف بها كعاصمة لفلسطين، وسيسمح للفلسطينيين بحرية العبادة والوصول الى الاماكن المقدسة.
ستنتهي الحدود الإسرائيلية للقدس عند جدار الفصل، في حين أن الاحياء التي تقع خارج الجدار سيتم الاعتراف بها كأحياء فلسطينية. بالنسبة لمنطقة الحرم والمسجد الاقصى سيتم الحفاظ على الوضع القائم من خلال التعاون مع الأردن.
خطة كلينتون: بالنسبة للتقسيم الحضري للقدس، المناطق التي يعيش فيها اليهود تكون جزءا من القدس الإسرائيلية، والمناطق التي يعيش فيها العرب تكون جزءا من القدس الفلسطينية.
وفي البلدة القديمة، الحي المسيحي والحي الاسلامي يكونان تحت السيادة الفلسطينية، في حين أن الحي اليهودي يكون تحت سيادة إسرائيل.
الحي الارمني يتم تقسيمه الى قسمين، هكذا سيسمح بوجود ممر تحت سيادة إسرائيل من بوابة يافا وحتى "حائط المبكى"، في حين أن باقي الحي سيكون تحت السيادة الفلسطينية.
ايضا ستكون سيادة فلسطينية في الحرم الى جانب سيادة إسرائيلية في "حائط المبكى".
أيد كلينتون تقسيما عموديا للحرم: المسجد الاقصى وقبة الصخرة والساحة بينهما تكون تحت السيادة الفلسطينية، والفضاء الذي يوجد تحت الارض الموجودة تحت المساجد التي فيها ربما تكون مدفونة بقايا "الهيكل"، يعترف بأن لها مكانة خاصة. في هذا المخطط الهيكلي تم اقتراح بديلين: الأول، تكون سيادة إسرائيلية في الفضاء الذي يوجد تحت الارض لـ "حائط المبكى". الثاني، تم اقتراح انشاء جهاز رقابة دولي يحدد السيادة الفلسطينية بالفضاء الموجود تحت الارض.
خارطة الطريق: حسب الخطة السياسية يجب مناقشة مسألة القدس في اللجنة الدولية الثانية وفقاً لنجاح المراحل المختلفة في الخطة.
أنابوليس: في محادثات اولمرت – أبو مازن اقترح أن يتم تقسيم القدس على أساس عرقي، حيث تكون الاحياء العربية تحت السيادة الفلسطينية والاحياء اليهودية تكون تحت السيادة الإسرائيلية. لذلك، القسم الفلسطيني في القدس يعلن عنه عاصمة لفلسطين. في اطار المحادثات تم اقتراح أن تتنازل إسرائيل عن السيادة في البلدة القديمة، التي ستحصل على مكانة دولية على اساس خطة التقسيم. وسيعتبر الحوض المقدس منطقة تحت وصاية خمس دول: إسرائيل والدولة الفلسطينية والأردن والسعودية والولايات المتحدة. وسيسمح بدخول هذه المنطقة بشكل حر للحجاج من جميع الديانات، وتقرر هذه الدول الترتيبات لهذا الموقع. لم يناقش الاتفاق مسألة السيادة في الحوض المقدس، وتقرر أن صلاحيات الادارة ستنتقل الى نظام الوصاية الدولي.
جولة جون كيري: تؤيد الخطة وصولا حرا وغير مقيد الى الاماكن المقدسة. وسيتم الاعتراف بالقدس بصورة دولية كعاصمة للدولتين. وسيتم ضمان حرية الحركة الكاملة الى الاماكن المقدسة وفقا للوضع القائم. ورغم عدم التطرق بصورة صريحة الى مسألة تقسيم القدس، قرر كيري بأنه يجب عدم تقسيم القدس مثلما كانت في العام 1967.
قضية اللاجئين: حسب صفقة القرن لا يتم السماح بحق العودة الى إسرائيل للاجئين الفلسطينيين. ويجب تطبيق الحل خارج حدود دولة إسرائيل. سيتم تشكيل جهاز لتعويض اللاجئين، وسيسمح بعودة رمزية تحت الرقابة. معظم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان وسورية يبقون في اماكن تواجدهم ويحصلون على دعم اقتصادي.
اقترحت خطة كلينتون حلا مندمجا لمشكلة اللاجئين، يربط بين حق العودة واعادة التأهيل والتوطين والتعويضات. مع ذلك، لا يسمح بحق عودة محدد الى إسرائيل، ولكن الاتفاق سيشمل عدة بدائل ممكنة للاجئين. تشمل قائمة البدائل توطين لاجئين في الدولة الفلسطينية أو في اراضٍ في إسرائيل سيتم نقلها في اطار تبادل الاراضي، اعادة تأهيل في الدول المستضيفة، واعادة توطين في دولة ثالثة أو الدخول الى إسرائيل. أوضحت الخطة بأن العودة الى الضفة الغربية وقطاع غزة والاماكن التي ستحدد في اطار تبادل الاراضي، ستكون من حق اللاجئين الفلسطينيين. واعادة التأهيل في دول اخرى وإعادة التوطين أو الاستيعاب في إسرائيل سيكون مرتبطا بسياسة هذه الدول. اضافة إلى ذلك، أعلن كلينتون أنه يجب تشكيل لجنة دولية تتناول موضوع التعويضات واعادة التوطين والتأهيل.
أعلنت الولايات المتحدة عن استعدادها للوقوف على رأس الجهود الدولية لمساعدة اللاجئين.
انابوليس: الخطة التي اقترحت في محادثات اولمرت – أبو مازن شملت المصادقة على استيعاب حوالى 5 آلاف لاجئ فلسطيني خلال فترة خمس سنوات تقريبا داخل مناطق الخط الاخضر (حسب كونداليزا رايس).
هذا كان اقتراحا أوليا لاولمرت، في حين أن تقارير مختلفة المحت الى أن اولمرت ومساعديه وافقوا على استيعاب 100 ألف لاجئ خلال 15 سنة (حسب عضو الكنيست السابق حاييم رامون).
خارطة الطريق: حسب الخطة السياسية فان الطموح هو التوصل الى حل متفق عليه وعادل ونزيه ومنطقي لقضية اللاجئين، الذي كان يمكن أن يقر في اللجنة الدولية الثانية في اطار المرحلة الثانية للخطة.
جولة جون كيري: حسب الخطة يجب تقديم حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين بمساعدة دولية، والتي هي حيوية لحل شامل. ولكن يجب أن يتساوق مع حل الدولتين وأسس طابع دولة إسرائيل. ولن يتم السماح بعودة اللاجئين الى داخل إسرائيل. مع ذلك، سيسمح بعودة مقلصة للاجئين كبادرة حسن نية انسانية استنادا إلى موافقة إسرائيلية فقط.

مسألة الأمن
تدعم "خطة القرن" السيطرة الامنية الإسرائيلية في كل معابر الحدود، اضافة الى المطالبة بتجرد الدولة الفلسطينية من كل انواع السلاح، واعطاء امكانية لإسرائيل لمواصلة الحرب ضد "الارهاب" والتحريض ضدها.
كما ان نزع سلاح "حماس" وتجريد القطاع يشكلان شرطا لاقامة دولة فلسطينية. غور الأردن يتحدد في الخطة كأمر حرج لامن إسرائيل، وبالتالي سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية. تبقي إسرائيل سيطرتها على المجال الجوي والالكترومغناطيسي من خط الأردن غربا. سلاح البحرية الإسرائيلية يعمل على منع دخول الاسلحة الى الدولة الفلسطينية (بما فيها قطاع غزة). كما ان الدولة الفلسطينية ستمنع من اقامة أي حلف امني، عسكري، او استخباري من شأنه أن يؤثر على امن إسرائيل.
مخطط كلينتون: اقترح ان تكون الدولة الفلسطينية دولة غير عسكرية، وقضى بأن يكون لإسرائيل تواجد عسكري مهم في غور الأردن على مدى ثلاث سنوات وتواجد رمزي في مواقع محددة على مدى ثلاث سنوات اخرى. كما اقترح ان تعطى للدولة الفلسطينية السيادة على مجالها الجوي، ولكن يتعين على الطرفين أن يخلقا ترتيبات خاصة كجواب على احتياجات امن إسرائيل.
انابوليس: في محادثات اولمرت – أبو مازن اتفق بأن على الدولة الفلسطينية أن تحتفظ بقوة شرطية قوية، ولكنها ستكون عديمة الجيش. كما أنه في مؤتمر الدول المانحة، الذي عقد في باريس استمرارا لمؤتمر انابوليس، وعد بمساعدة مالية لاعادة بناء قوات الأمن الفلسطينية.
جولة جون كيري: تواصل إسرائيل السيطرة في معابر الحدود الى الأردن انطلاقا من الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. الدولة الفلسطينية ذات قوات امن محدودة كجزء من كونها دولة مجردة. اضافة الى ذلك، يقام جسم دولي مهمته الردع وأمن الحدود.
وختاماً، فان المسائل الجوهرية التي قيد الخلاف، والتي يفترض أن تحل بالمفاوضات على التسوية الدائمة، بقيت على حالها في العقدين الأخيرين، بل في بعضها اتسعت الفجوات بين الطرفين بالتوازي مع التطورات على الارض وفي الواقع الجغرافي – السياسي.
على مدى السنين اقترحت الادارة الأميركية، تحت الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين، بصفتها الوسيط الاساس (وأحيانا الوحيد) بين إسرائيل والفلسطينيين، بضعة مخططات اساسية. كلها على حد سواء كانت تقوم على اساس الوصول بالمفاوضات الى تسوية دائمة تقوم على اساس مبدأ الدولتين للشعبين، الأرض مقابل السلام، بروح قراري مجلس الامن 242 و 338.
خط مباشر ومتواصل يربط خطة الحكم الذاتي لادارة كارتر في 1978، والتي ادرجت في اطار اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، عبر "اوسلو" بمقتضياته وحتى خطة ترامب.
ولكن الرئيس ترامب غير التوازنات الداخلية وحرف الاقتراح الأميركي بثقل وبشكل واضح لاتجاه الموقف الإسرائيلي، في ظل التشاور الوثيق مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
فهل هذه ستكون سياسة سيتبناها كل من يجلس في المستقبل في البيت الابيض؟ هذه مسألة مفتوحة.

عن "مباط عال"