قصـة التـقـارب بين مصلحـة السجون ورجـال "حمـاس"

حجم الخط

بقلم: يهوشع براينر


طعن سجين أمني من «حماس»، الأحد الماضي، سجاناً في سجن عوفر وأصابه إصابة طفيفة. وقد علمت «هآرتس» أنه قبل الحادث بأسبوعين وصلت الى مصلحة السجون معلومات كثيرة وردت أيضاً من أشخاص كبار من «حماس» في السجن حول نية أعضاء «حماس» المس بالسجانين انتقاماً على التفتيشات التي أجريت في القسم المحتجزين فيه. ولكن رغم التحذير المسبق إلا أنهم في مصلحة السجون لم يتخذوا وسائل الحذر المناسبة. وحسب أقوال عدة مصادر فإن نائب المسؤول عن القسم الذي طعن في عنقه دخل الى القسم بدون حماية وبدون مرافقة من قوات خاصة. تنصل زعماء سجناء «حماس» من عملية الطعن، ولكنهم في جهاز الأمن استقبلوا ذلك بالتشكك.
هذه الحادثة تتساوق مع التوجه الذي شخصه، مؤخراً، أيضاً رجال جهاز الأمن، وأيضاً السجناء الأمنيون: تقارب بين كبار سجناء «حماس» ورجال مصلحة السجون. في السنوات الأخيرة كان رجال «فتح» مقربين من قادة مصلحة السجون. ولكن الآن حسب هذه المصادر فان سجناء المنظمة الفلسطينية المعادية يحظون بتقارب مفضل في السجون.
قبل عملية الطعن، وعلى خلفية التوتر بين سجناء «حماس» والسجانين، حصل أحد كبار السجناء على مصادقة استثنائية للتحدث مع أصدقائه في السجون الأخرى في محاولة لتهدئة النفوس. وقد أبلغت مصادر كبيرة الصحيفة بأن مهند شريم، الذي قام بإرسال «مخرب» لتنفيذ العملية في فندق «بارك» في نتانيا، اتصل من مكتب أحد القادة في سجن رامون بالهواتف المحمولة مع قادة السجناء ووعدهم بفتح «صفحة جديدة بين «حماس» ومصلحة السجون». ولكن بعد بضعة أيام تم تنفيذ عملية طعن الجندي في عنقه التي انتهت أيضا بإصابة طفيفة.
حادثة شريم تضاف الى عدة تسهيلات لسجناء «حماس» و»غض النظر» كما يعتبر ذلك مصدر أمني، عن خرق القوانين. وفي كانون الأول تم ضبط أحد زعماء سجناء «حماس» في سجن كتسيعوت وهو يقوم بنقل هاتف محمول إلى سجين أمني. ومن المعروف أنه يحظر على السجناء التنقل بين الاقسام، وبالتأكيد وهم يحملون الهواتف. ورغم أن المخالفة اعتبرت مخالفة شديدة، إلا أن العقوبة التي حصل عليها السجين كانت بسيطة نسبيا وهي العزل لبضعة أيام. وبعد ذلك عاد إلى القسم. وفي القسم الذي يدور الحديث عنه في كتسيعوت توجد هواتف عامة قامت الإدارة بتركيبها. وحسب الاتفاق بين سجناء «حماس» وجهاز الأمن فان استخدام هذه الهواتف سيحظر إذا تم ضبط هاتف محمول في القسم. ولكن قادة السجن امتنعوا عن تعطيل الهواتف على الفور، وفعلوا ذلك بعد أسبوع فقط.
هذه الأحداث تشير إلى اللعبة المزدوجة التي تلعبها مصلحة السجون فيما يتعلق بالهواتف. فمن جهة، تحارب مصلحة السجون من اجل منع التهريبات، ومن جهة اخرى رجالها يدركون أن كبار السجناء توجد بحوزتهم هواتف، واحياناً مثلما في حادثة شريم، يستغلون ذلك لغرض تهدئة النفوس عن طريق اجراء المكالمات مع سجناء آخرين وحتى مع اعضاء «حماس» في القطاع. عملياً، في الأقسام الأمنية من المفروض أن يكون هناك تشويش لا يسمح بإجراء المكالمات بالهواتف المحمولة. ولكن حسب بعض المصادر فإنه فعلياً يتم احتجاز قادة «حماس» في أقسام لا يوجد فيها تشويش، وذلك بصورة متعمدة.
في المقابل، يحظى سجناء «فتح» بالتجاهل من قبل مصلحة السجون. التغير في المعاملة يتمثل في عمليات التفتيش ونشاطات الوحدات الخاصة في الاقسام التي يوجد فيها سجناء «فتح»، ومحاولات حل قيادات «فتح» في الأقسام عبر إعادة وضع كبار السجناء في سجون مختلفة. وحسب أقوال بعض المصادر، أضرت هذه الخطوات بجمع المعلومات الاستخبارية للمصلحة، حيث إن سجناء «فتح» تعاونوا على الأغلب مع جهاز الأمن. وقال مصدر أمني للصحيفة بأنهم في «الشاباك» ايضاً قلقون من هذا التوجه.
«إذا كانوا يعتقدون في مصلحة السجون أن «حماس» هي شريك، فانهم في هذا الأسبوع في سجن عوفر فهموا كيف ينظرون اليهم حقاً»، قال للصحيفة مصدر مقرب من سجناء «فتح»، اثناء تطرقه لعملية طعن السجان. وحسب قول هذا المصدر فانهم «في «حماس» يدركون أن مصلحة السجون تخضع للعنف. والآن هم يستخدمون العنف بقوة مع «فتح». من يقترب من الأفعى يجب عليه عدم الاندهاش إذا قامت بلدغه». وقد قدر المصدر ذاته بأنه توجد علاقة بين ما يحدث في السجون وبين محاولات إسرائيل للتوصل الى تسوية مع «حماس». «هم يعتقدون أن التقارب مع «حماس» في السجون سيساعدهم على تحقيق الهدوء في غزة، وربما يساعدهم في التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الجنود والمخطوفين بوساطة السجناء. وهم لا يعرفون أن «حماس» تقوم باستغلال ذلك. في هذا الأسبوع كان يمكن أن ينتهي الأمر بسجان مقتول في سجن عوفر، وفي المستقبل يمكن أن ينتهي الأمر بعملية»، قال.
أجريت قبل الحادثة في سجن عوفر عملية تفتيش في قسم سجناء «حماس»، الذي تم ضبط 11 هاتفاً محمولاً فيه وعشرات البطاقات الذكية التي استخدمها السجناء. وهذه لم تكن المحاولة الاولى لضرب السجانين على هذه الخلفية. ففي آذار 2019 تم طعن سجان على أيدي معتقل إداري من «حماس» اتهم بمحاولة تنفيذ عملية خطيرة وحكم عليه تسعة اشهر سجناً فعلياً في إطار صفقة ادعاء. وقبل يوم من ذلك تم طعن سجان في عنقه واصيب اصابة خطيرة. من قام بالطعن كان سجيناً من «حماس» حكم عليه بالسجن 12 سنة بسبب محاولة تنفيذ عملية «انتحارية»، وكان يتوقع إطلاق سراحه خلال سنة ونصف. وقال السجين لمحققي «الشاباك»، شتريت ولنداو، بأنه عمل على مسؤوليته. ولكنهم في «الشاباك» وفي مصلحة السجون على ثقة بأن الأوامر لضرب السجانين صدرت من رؤساء «حماس» في هذه الحالة مثلما كانت الحال في سجن عوفر، الأسبوع الماضي.
في الأسابيع الأخيرة نجحت مصلحة السجون والشرطة في إحباط عدة محاولات تهريب، وتم ضبط هواتف محمولة في السجون. ولكنهم يجدون صعوبة في تنفيذ الحكم على المسؤولين عن هذه التهريبات. وفي الشهر الماضي اعتقل في سجن رامون ضابط من مصلحة السجون بتهمة أنه خلال فترة طويلة قام بتهريب هواتف لسجناء «فتح» مقابل المال. وإضافة الى ذلك تم اعتقال عدد من السجناء وشرطي فلسطيني من الخليل، كانت بصماته موجودة على الملصق الموجود على أحد الاجهزة التي تم ضبطها. ولكن مؤخرا تم إطلاق سراح الضابط من مصلحة السجون وفرضت عليه الاقامة الجبرية، حيث شوهد فيها وهو يحتفل في الفيس بوك. ايضا السجناء والشرطي الفلسطيني تم إطلاق سراحهم، حيث تبين أنه هو نفسه كان سجينا في سجن رامون، وهذا كما يبدو هو سبب وجود بصماته على الملصق.
          في حادثة اخرى ضبط ضابط الأمن في مستشفى بارزيلاي في مرحاض في قسم الأشعة الطبقية جسمين مشبوهين كان فيهما اجزاء هواتف. وحسب الاشتباه فان سجينا امنيا من «فتح»، جاء لاجراء فحصوصات، كان عليه تهريب هذه الأجهزة إلى السجن. وثقت كاميرات الحماية مشتبهاً فيه قام بوضع الأجسام، وهو سائق سيارة عمومية من شرقي القدس، ولكن هو أيضا تم إطلاق سراحه بعد عشرة أيام تقريباً.
ومن مصلحة السجون جاء رداً على ذلك: «ننفي الاقوال التي لا أساس لها والتي يطرحها المقال. مصلحة السجون تتعامل حسب القانون بمهنية وتصميم مع جميع السجناء الأمنيين بدون صلة بانتمائهم التنظيمي. السجانون والجنود في مصلحة السجون سيستمرون في العمل بلا هوادة مع أي سيناريو أو تهديد يعرض حياتهم للخطر ومن خلال الشعور بالمسؤولية الوطنية». وفي المصلحة ينفون أن مهند شريم حصل على مصادقة للتحدث مع سجناء في سجون أخرى؛ وفيما يتعلق بالحادثة في سجن كتسيعوت ورد أنه باستثناء العزل فان السجين منعت عنه الزيارات مدة شهرين وقطعت عنه اموال الكانتينا، وفتح له ملف بسبب تهريب الهاتف. وفي مصلحة السجون قالوا ايضا إن الهواتف العمومية في السجن تم تعطيلها مدة اسبوع. وبالنسبة للحادثة في سجن عوفر جاء من مصلحة السجون أنه لم تكن هناك معلومات استخبارية مسبقة عن الهجوم. «عند فحص الوقائع تبين أن سلسلة الإجراءات التي اتخذت في الأشهر الأخيرة ضد السجناء الأمنيين تعكس السياسة التنظيمية المصممة ضدهم، وضمن ذلك توزيع الأقسام والتفتيشات اليومية المشددة، وتشتيت القيادات وإدخال السجناء الى العزل، وتشديد ظروف حياتهم، وتوسيع مشروع تشويش الهواتف المحمولة ليشمل جميع الاقسام الأمنية»، جاء في رد مصلحة السجون.

 عن «هآرتس»