كيف يتعيّن على إسرائيل أن تتعامل مع "صفقة القرن"؟

حجم الخط

بقلم: عمانويل نافون*


يحوم الآن شك حول مصير خطة القرن؛ لأنه ليس واضحاً بعد إذا ما ومتى ستعطي إدارة ترامب لإسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ بعض بنودها. ولكن كيف يتعين على إسرائيل أن تعمل إذا ما بقيت الخطة نظرية؟ 181 صفحة من الخطة لا تقدم جواباً عن السؤال، ومن شأن الخطة أن تصبح تاريخاً إذا لم يصدر الضوء الأخضر حتى انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني 2020.
وبالتالي من المهم أن تعمد إسرائيل حتى في ظل غياب المفاوضات إلى إقناع إدارة ترامب لتأييد التنفيذ لأجزاء من الخطة. ولكن بالتوازي على إسرائيل أن تبذل أيضاً جهوداً في تخفيض شدة معارضة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. هذا الهدف يجب تحقيقه ليس فقط من خلال تعطيل قرارات مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي (من خلال تصويت الحكومات المؤيدة لإسرائيل) بل وأيضاً بإقناع الزعماء ومصممي الرأي العام الأوروبيين بأن خطة القرن لا تتعارض والقانون الدولي وحل الدولتين.
لقد نشر جوزيف بوريل، المندوب السامي للاتحاد الأوروبي لسياسة الخارجية والأمن، بياناً ادعى فيه أن الخطة «تخرج عن المبادئ الدولية المتفق عليها»، وحذر إسرائيل من أن أي ضم في «يهودا» و»السامرة» «لن يمر بهدوء». على إسرائيل أن تصد ادعاءات كهذه، وأن تعرض على الجموع الأوروبية الحقائق كما هي. ينبغي التشديد على أن خطة القرن تطبق رؤيا رابين، بفارق واحد لصالح الفلسطينيين: فهي تتضمن تبادلاً للأراضي ما كان رابين ليتصوره. كما أن الخطة تنسجم مع قرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن، في أواخر ولاية الرئيس أوباما. لقد كان القرار هزيمة دبلوماسية لإسرائيل، لأنه قرر أن مجلس الأمن «لن يعترف بأي تعديلات على خطوط 67، بما في ذلك في القدس، باستثناء تلك التي يتفق عليها بالمفاوضات بين الطرفين». أما ترامب فقد تحفظ على القرار ولكن مبدأ تبادل الأراضي يستوفي شروط القرار.
كما أن خطة ترامب لا تحرم الفلسطينيين من حق تقرير المصير. فهي بصراحة تقوم على أساس حل الدولتين، بهدف تحقيق «اعتراف متبادل بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي وبدولة فلسطين كدولة قومية للشعب الفلسطيني». وستكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح وستكون سيادتها محدودة، كي لا تهدد أمن إسرائيل. من جهة أخرى سيحصل الفلسطينيون على استثمارات بخمسين مليار دولار في اقتصادهم كي يبنوا البنى التحتية وخلق النمو. في واقع الأمر، تعرض الولايات المتحدة على الفلسطينيين ما فرضته على الألمان وعلى اليابانيين بعد الحرب العالمية الثانية: التخلي التام عن الأيديولوجيا الهدامة مقابل الازدهار الاقتصادي.
لقد رفض الفلسطينيون خطة ترامب منذ الآن، وهم بذلك ثابتون في سياستهم منذ عرض لأول مرة مشروع التقسيم في 1937. إذا واصل الفلسطينيون رفض الخطة ورفض المفاوضات يحتمل أن تضم إسرائيل المناطق المخصصة لها حسب الخطة – تلك الخطوة التي يعارضها الأوروبيون بحزم. ولكن السبيل الوحيد، بالنسبة للأوروبيين، لمنع الضم أحادي الجانب (بدلاً من ثنائي الجانب) هو إقناع الفلسطينيين بخوض المفاوضات على أساس خطة غير كاملة يفترض أن تمنحهم دولة على أرض مشابهة في حجمها للأرض التي كان الأردن ومصر يسيطران عليها قبل 67، دولة يستثمر فيها 50 مليار دولار.

عن «إسرائيل اليوم»

* باحث في معهد القدس للإستراتيجية والأمن ومحاضر بجامعة تل أبيب.