أعلن مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في قطاع غزة ماتياس شمالي، أنه خلال الشهور القادمة ستكون "الأونروا" مضطرة إلى إعادة النظر في بعض مشاريعها في غزة؛ بسبب قلة الأموال.
وقال في تصريح صحفي مساء يوم الخميس: "نحن قلقون من توقعات هذا العام، والمؤشرات هنا توضح أنه سيكون من الصعب جمع التبرعات للعمل في فلسطين وليس فقط للأونروا".
وأضاف "العام الماضي 2019 للمرة الأولى منذ عام 2012، تمويلينا أقل من مليار دولار وهذا مقلق، وهذا يتبين أنه بعد حملة جمع التبرعات الناجحة، في عام 2018 حينما أخذنا أكثر من مليار دولار من جمع التبرعات قد تأثر وتدهور بشكل كبير ونحن قلقون من هذا الأمر".
وفيما يتعلق بإنهاء عقود البرامج النسائية وإذاعة إرادة قال: "كان يجب علينا أن نوقف هذه المؤسسة من برامج المرأة، والسبب هو المال، انتهت أموالنا، بعد نداء الطوارئ، وكان يجب علينا أن نضع الأولويات، والأولوية الآن هي للغذاء والصحة النفسية، وكان يتوجب علينا أن نوقف بعض من هذه العقود بسبب العجز المالي، وهذا كان السبب الرئيسي".
وتابع "هناك أمر آخر، هذه العقود كانت معروضة لبرامج البطالة التي كان من المفترض أن تكون قصيرة المدى، نحن نحاول أن نجد طرق أخرى لنعمل مع المؤسسات الشريكة".
وفيما يتعلق بمستقبل "أونروا"، أوضح أن هناك دول تشعر أنه ليس هناك حاجة للأونروا وأنها هي سبب المشكلات، منهم الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أنه لا يوجه إليها أصابع الاتهام، هم قالوا هذا بشكل علني أوقفوا كل التمويل، وإسرائيل هي دولة أخرى.
وأضاف أن "القادة السياسيين يقولون إنهم لا يحتاجون الأونروا ويجب إنهائها، ولكن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يؤمنون بحاجة استمرار بقاء الأونروا وتمثل ذلك من خلال التصويت التاريخي قبل فترة حيث صوتت 170 دولة لتجديد التفويض للأونروا في ديسمبر الماضي".
وتابع "تلك الدول كان ممكن أن لا تصوت لصالح تجديد التفويض للأونروا لو لا إيمانهم بنا، فأنا لا أعتقد أن قلة الدعم المالي يمثل رغبة لأغلبية الأعضاء في الأمم المتحدة للتخلص من الأونروا".
وأردف "الشيء الواضح أن هناك الكثير من الدول الأعضاء ونعلم أنها لا تستطيع توفير الأموال بسبب حجم موازنة الأونروا، و رسالتي أننا سنتغلب على إيجاد المال الكافي والأمر ليس التخلص من الأونروا لكننا سنواجه الصعوبات ولن تكون أزمة وجودية كمن يريد أن يوقف عملنا".
وأشار إلى أنه في عام 2018 و 2019 المتبرعين الأكثر كانوا من أوروبا على رأسهم الاتحاد الأوروبي كمؤسسة، وألمانيا كانت الدولة الأعلى تبرعا ويتبعها دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وآخرين مثل السويد.
ونوَّه إلى أنه في عام 2018 كان هناك إسهامات كبيرة من أربع دول خليجية، حيث تبرعت الإمارات بـ200 مليون دولار وهي تدعم بكثرة مجالات الصحة والتعليم في قطاع غزة، موضحا أنه في العام الماضي 2019 كانت المساهمة الجماعية لدول الخليج أقل.
وقال: "ولكن نعم كان هناك دعم، ونحن ممتنون للدعم المستمر من الإمارات العربية التي أمنت التمويل لبرامج التعليم والبرامج الأساسية ومشاريع أخرى، الإمارات هي من أهم الداعمين وشريك ونحن نريد أن تستمر في ذلك".
بينما ما يتعلق بالتحديات التي تواجه "أونروا"، تابع شمالي: "أعتقد أن المشكلة الأساسية أننا لا نجد المال الكافي لعملنا، و أنا قلق على الدعم الإنساني وتوفير الغذاء لأكثر من مليون إنسان وإعادة تأهيل مخيمات اللاجئين".
وأضاف "هناك الكثير من الناس ليس فقط من تضررت ودمرت منازلهم في عام 2014 ولكن هناك آخرين بيوتهم تهالكت مع مرور الزمن، الكثير من اللاجئين ينتظرون الدعم منا وانا قلق اننا لن نجد المال الكافي لتغطية الاحتياجات الانسانية والخدمات الأساسية التي تتوسع ومثال يعكس ذلك مساحة الفصل الدراسي في 276 مدرسة يتوسع".
وقال "عندما بدأت العمل قبل سنتين كان الفصل الدراسي يضم أقل من 40 طالب والان يزداد العدد، وفي 22 مركز صحي تديرها الأونروا نلاحظ ارتفاع في المراجعين ونحن لم نوقف خدماتنا".
وحول الأوضاع في قطاع غزة، أوضح: "حينما نتحدث عن العاملين هنا أو المليون وأربعمائة ألف لاجئ يعيشون في قطاع غزة، الانطباع العام هنا أن غزة لم تعد صالحة للحياة منذ فترة طويلة، ولا يجب علينا الانتظار لهذا العام أن الحياة في غزة غير صالحة".
وأضاف"أي شخص يعتمد في غذائه على الأونروا وليس له عمل أو إيجاد عمل في الوقت القريب، وأي شخص دون عمل ويحتاج الغذاء منا يعني أن هذه المنطقة لا تصلح للعيش، أو شخص مريض يحتاج للعلاج بالخارج ولا يأخذ تصريح مرور من السلطات الإسرائيلية هذه أيضا يؤكد أن غزة لا تصلح للحياة، وغالبية الناس في غزة ليس فقط اللاجئين، وقطاع غزة منذ وقت هي مكان لا يصلح للحياة".
وتابع "السؤال الحقيقي هنا، لماذا غزة لم تنهار بعد بشكل كامل، حيث هناك الكثير من النشاطات الاقتصادية والكثير من الناس يعملون بأفضل ما لديهم يوميا، والذي أرغب بقوله أن تكاتف الفلسطينيين مع بعضهم وأنا أندهش يوميا بسماع قصص كيف اللاجئين وغير اللاجئين يساعدون بعضهم البعض".
وأردف "وهناك أمر اخر الناس الذين يعيشون في الخارج من الفلسطينيين يساعدون أخوتهم وعائلاتهم، والدور الذي نقوم به كأمم متحدة والمؤسسات الدولية الأخرى كالصليب الأحمر، واعتقد كمثال المساعدات الغذائية تمنع الجوع في غزة".
وتابع "أن عملنا في التعليم والصحة مع دعم دول كثيرة مثل الإمارات العربية المتحدة يعطي الأمل للناس طالما الأطفال يحضون بالتعليم، ولطالما هناك تقديم خدمة صحية جيدة، هذا شيء يعطي نوعا من الكرامة و الأمل للمستقبل، هذا يجب أن يستمر ولكن طبعا الذي نحتاجه من أساسيات هو رفع الحصار وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين".
وتطرَّق إلى مشروع الصحة النفسية، قائلًا: "بخصوص الصحة النفسية والاجتماعية للناس، والذي يقلقني الأشياء التي لا نراها، حيث قطاع غزة منذ 13 عاما عانى من الحصار وثلاثة حروب وتصعيد عسكري وكما رأينا في شهر نوفمبر الماضي كيف تلك الأمور تؤثر على الحالة النفسية للسكان".
وختم بالقول "العاملين في القطاع الصحي بالأونروا يحدثوني بأن هناك الكثير من الناس يأتون للعلاج ويعرفون أنهم لديهم حالة نفسية معينة، الذكريات من الحرب الضغط على الناس من ناحية توفر فرص العمل وحياة أفضل، أنا بشكل شخصي أؤمن بأن الأوضاع هنا يجب ان تتغير أو أنها ستسوء أو أنها تأثر على أكثر من جيل للتغلب على هذه الحالات النفسية الجدية التي يعيشها السكان في غزة".