"القائمة السوداء" .. الفلسطينيون سيدفعون الثمن!

حجم الخط

بقلم: بن – درور يميني

 

كان المشروع الاستيطاني، ولا يزال، إحدى صخور الخلاف الأقسى في المجتمع الإسرائيلي.
ثمة أغلبية تحب المستوطنين. فمعظمهم ملح البلاد. أناس مساهمون. هم الأوائل في الوحدات القتالية. هم الأوائل في العطاء. ولكن من المشكوك فيه أن تكون ثمة أغلبية تؤيد المشروع الاستيطاني. يبين استطلاع، أُجري في العام 2017، أن أغلبية الجمهور تعارض توسيع المستوطنات إلى خارج الكتل، و69 في المئة مستعدون لإخلاء مستوطنات في إطار اتفاق أو تسوية.

عندما تتدخل المحافل الدولية في الجدال الداخلي والمشروع في إسرائيل نفسها فإنها تساعد بالأساس ذاك الجزء من اليمين الإسرائيلي الذي يؤيد ضم "المناطق" وإقامة مستوطنات أو بؤر استيطانية في كل زاوية، لأن هذه المحافل لا تبحث عن أي اتفاق نزيه بين إسرائيل والفلسطينيين. فهذه المحافل تسيطر عليها أغلبية تلقائية من الدول الظلامية. وحتى لو كان لبعض هذه الدول علاقات، علنية أو سرية، مع إسرائيل فإنها في اللقاءات العلنية تبقي على الخط القديم والمنفر للعداء لإسرائيل.

على رأس مسيرة العداء لإسرائيل يقف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. في السنة الماضية اتخذ المجلس 18 قرارا ضد إسرائيل، مقابل 7 ضد باقي دول العالم معاً.

فنزويلا التي تقمع مواطنيها؟ إيران التي تقتل المتظاهرين؟ مينمار التي نفذت تطهيرا عرقيا؟ الصين التي تحتجز ملايين المسلمين في "معسكرات إعادة التثقيف"؟ - إسرائيل هي المشكلة.

انتقاد المستوطنات ليس لاسامية، ولكن حسب تعريف اللاسامية الذي تبنته دول أوروبية والاتحاد الاوروبي، فان هوس المجلس بإسرائيل هو تعبير واضح عن اللاسامية.

لقد نشرت رئيسة تشيلي السابقة، ميشيل باتشلت، التي تتولى منصب مفوض حقوق الانسان بتكليف من المجلس، أول من أمس، "القائمة السوداء" للشركات العاملة في "المناطق".

لا يفترض بنشر القائمة أن يكون له معنى فوري، ولكن ينبغي أن نتذكر بأن شركة كبرى، صوداستريم، اضطرت لإغلاق أعمالها التجارية في "المناطق" نتيجة لضغط دولي من محافل مؤيدة لمقاطعة إسرائيل.

ثمة تخوف من أنه وفقا لتلك السابقة فان حملة المقاطعة ستستخدم القائمة لممارسة ضغط مشابه على مزيد من الشركات.

في المناطق الصناعية في "المناطق" يعمل قرابة 20 الف فلسطيني. هذا ليس استغلالا وليس استعمارا. في العديد من الشركات، المدرجة ضمن القائمة، وصل فلسطينيون إلى مواقع عليا، وهم مسؤولون عن عمال يهود. يكسبون أكثر بكثير من الأجر المتوسط في مناطق السلطة الفلسطينية. لقد حاولت السلطة نفسها في الماضي فرض المقاطعة على منتجات المستوطنات، وطلبت من الفلسطينيين وقف العمل في المناطق الصناعية المشتركة، ولكن الفشل كان ذريعا.

فالعمال هناك يشكلون مرسى جديا في الاقتصاد الفلسطيني. كان هذا قدراً هم أنفسهم ما كان يمكنهم أن يحتملوه. ونقل صوداستريم من "المناطق" إلى إسرائيل كان نجاحاً لحملة المقاطعة ولكن مئات العاملين الفلسطينيين دفعوا الثمن، وفقدوا مكان عمل ممتاز. هكذا بحيث إن الشركات الإسرائيلية موضع الحديث من شأنها أن تتضرر، ولكن الضرر الذي سيلحق بالفلسطينيين سيكون اكبر.

يمكن ويجب إجراء النقاش الجماهيري حول المستوطنات. هذا نقاش مشروع. يوجد فرق بين الانتقاد للمشروع الاستيطاني وبين حملة المقاطعة التي تعارض مجرد وجود إسرائيل. وأكثر من ذلك حتى لو وعندما ستكون التسوية أو الاتفاق مع الفلسطينيين، فان المناطق الصناعية بالذات والتي تعمل فيها الشركات الإسرائيلية ستكون حاجة لتبقى، ولا سيما في صالح الفلسطينيين.

إن حملة المقاطعة، كما ينبغي الاعتراف، نالت إنجازاً، ولكن الثمن، إذا ما تحول الإنجاز الرمزي إلى عملي، سيدفعه الفلسطينيون.


عن "يديعوت"