الردود الإسرائيلية على «القائمة السوداء»: بدأ الضمّ !

حجم الخط

بقلم: نوعا لنداو



تأييد إسرائيل الكاسح، أول من أمس، لمشروع المستوطنات في أعقاب نشر قائمة الشركات التي تعمل فيها من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أثبت، مرة أخرى، كيف أن الضم الذي يتحدث الجميع عنه الآن قد حدث بالفعل منذ زمن بعيد.
دون أي تصويت دراماتيكي في الكنيست أو إجراء استفتاء عام ودون أي هدايا من إدارة ترامب، وقفت المؤسسة الرسمية في دولة إسرائيل بشكل واضح إلى جانب المستوطنات في الضفة الغربية.
ضبط رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، نفسه هذه المرة بشكل مفاجئ أمام اتهام المجلس باللاسامية، لكنه أعلن مثلما هي العادة في الدول الآخذة نحو العزلة من الناحية الدولية بأن "من سيقاطعنا هو نفسه سيقاطع"، حيث إن إسرائيل تقاطع محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ومؤسسات دولية أخرى.
وما الضير إذا أضيف إليها مجلس آخر؟ الوزراء في حزبه، ومنهم ياريف لفين وجلعاد أردان، كانوا أقل ضبطا للنفس، وقفزوا مباشرة إلى عالم الشعارات الثابتة لاستغلال الكارثة ورخصها. وقد أحسن صنعاً رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، الذي حاول جاهداً طرح صورة رسمية، أكثر تسامحا وتوازنا، وقام بتسمية قاعدة البيانات عن الشركات التي تعمل في المستوطنات بـ "القائمة السوداء للشركات الإسرائيلية التي تعمل في البلدات"، وأضاف: "هذه مبادرة مخجلة تذكرنا بفترة ظلامية في تاريخنا".
حسب ريفلين فإن نشر قاعدة البيانات الدولية عن الشركات التي تعمل في المستوطنات – غير القانونية حسب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة – لا تقل أهميته عن أهمية الكارثة.
ومن الجدير التوضيح بأن هذه القائمة لا تشمل عقوبات أو مقاطعة فعلية. وبالتأكيد لا يوجد فيها أي غرف للغاز.
هذا هو الرئيس الذي استضاف، مؤخراً، قطارا جويا مثيرا للانطباع لعشرات الزعماء في مؤتمر ضد اللاسامية في القدس، وطلب منهم الدفاع عن الديمقراطية وأشار إلى "القدرة التي كانت للمجتمع في حينه على الاتحاد والعمل من أجل هدف مشترك، وإلى واجب وضرورة أن يعمل المجتمع الدولي الآن على مواصلة العمل معا على أساس القيم المشتركة".
يبدو أن القانون الدولي والمؤسسات الدولية غير ديمقراطية بما فيه الكفاية حسب رأي ريفلين. أو ربما يتعلق الأمر بحماية انتقائية للديمقراطية المريحة له.
إن تأييد ضم المستوطنات بالفعل كان واضحاً أيضا في أوساط المعارضة في إسرائيل.
رئيس "أزرق أبيض"، بني غانتس، قال إن "هذا يوم أسود لحقوق الإنسان. ممثلية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة منقطعة عن الواقع".
وشريكه في القائمة، يائير لبيد، ذهب أبعد من ذلك ووصف المندوبة السامية، المرأة النشيطة جدا والتي تحظى بالتقدير الدولي بـ "المندوبة السامية لحقوق الإرهابيين في الأمم المتحدة"، حتى أنه أضاف وهدد: "عندما سنشكل الحكومة سنعمل ضدهم بكل القوة وبلا تردد". وعندما نتذكر كيف تعمل إسرائيل ضد "الإرهابيين" فإن هذا الاقتباس يقلقنا أكثر.
ولكن بيان الإدانة الأكثر مفاجأة كان بيان رئيس قائمة اليسار، ظاهريا، العمل – غيشر وميرتس، عمير بيرتس.
"نعارض المقاطعات وقرار الأمم المتحدة هو قرار زائد ويثير الغضب"، قال رئيس القائمة التي تشمل ميرتس، والتي حتى الآن أيدت مقاطعة منتوجات المستوطنات.
"سنعمل في جميع الساحات من أجل إلغاء القرار والحفاظ على اقتصاد إسرائيلي قوي وعلى أماكن العمل للإسرائيليين"، أضاف بيرتس في بيان أثار عدم رضى، على الأقل في أوساط المصوتين الذين ما زالوا يصوتون لميرتس.
هذه كانت شهادة الوفاة الرسمية لليسار الصهيوني أمام الضم الذي حدث في الوقت الذي ما زال يدين فيه باليد الأخرى الضم الذي لم يحدث.
من وراء الكواليس أيضا مؤسسات الدولة الرسمية، وعلى رأسها وزارة الخارجية، أعطت توجيهاتها ضد قرار نشر القائمة. في هذه التوجيهات أطلقت نحو الجو عدة مرات الحروف "بي.دي.اس" (حركة المقاطعة).
ومن لا يزال يعتقد بالخطأ أن حرب إسرائيل ضد حركة المقاطعة هي ضد مقاطعة كل إسرائيل في حدود 1948 من الأفضل له أن يستيقظ. نية إسرائيل هي أيضا بلغة القانون وبنشاطاتها، أمر حاسم: الدفاع عن المستوطنات ضد المقاطعة. ليس التمييز بين حق إسرائيل في الوجود كدولة وبين الخلاف على المستوطنات هو الأمر الذي يهم الدولة، بل بالذات خلط الحدود. هكذا أيضا أوضح الموظفون الإسرائيليون المجندون لمهاجمة القانون الدولي الآن باسم الضم، أول من أمس. وبابتسامة غير مريحة، قال أحد الأشخاص، الذين أعطوا التوجيهات ضمن الاتهامات باللاسامية من صفحة الرسائل الثابتة، إنه في إسرائيل 2020 فإن اللاسامية والـ بي.دي.اس هي كلمات مترادفة.
في الأسابيع الأخيرة وفي أعقاب نشر خطة ترامب بدأت حملات صاخبة لنشطاء من اليمين ومن اليسار مع وضد الضم الرسمي للمستوطنات.
أحداث أول من أمس أثبتت أن هذا نقاش فارغ على رموز فقط. فالضم الفعلي حدث بالفعل، وهو يحدث كل يوم.
ولكن فقط قانونياً ما زالوا يتصارعون عليه. تتعامل إسرائيل فعليا مع المستوطنات، وكأنها جزء لا ينفصل عن دولة إسرائيل منذ فترة طويلة.
ومعنى الضم في القانون لن يغير بصورة قاطعة أي شيء لم يحدث على الأرض.
دون دونالد ترامب وسفيره، دافيد فريدمان، سبق أن قمنا بضم كل شيء بأنفسنا، تماما وحدنا. الاعتراف الرسمي هو فقط نكهة.

عن "هآرتس"