منذ اكثر من عامين حدثت تغيرات ومتغيرات على سياسة الفيسبوك تجاه النشطاء الفلسطنيين وتجاه المواضيع المطروحة على صفحاتهم ، وتراوحت تلك المتغيرات تحت مبدأ الفيسبوك وما يتعارض مع سياسته ، فتتراوح العقوبات بين الاغلاق الكامل او المؤقت والنسبي وتحت سبب اثارة الكره والتحريض على العنف، هكذا يقع النشطاء الفلسطينيين تحت طائلة تلك العقوبات للحد من نشاطاتهم او افكارهم او طرح اي معالجات تخص قضيتهم وتخص الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الذي ما عاد يسمى صراع عربيا ً صهيونيا .
ولماذا انا قلت منذ عامين فبالتاكيد ان الخلايا الاسرائيلية المتابعة للنشاطات الفلسطينية قائمة وتعمل ليل نهار لمحاربة اي نضالات فلسطينية سواء عبر الفيسبوك او مواقع التواصل الاجتماعي الاخرى او مراقبتها او عمل دراسات عليها ومراكز استطلاع ، ولكن من المهم هنا ان نذكر ايضا البلاغات التي تتم على الصفحات وهي ليست بلاغات اسرائيلية او نشطاء اسرائيليين بل هم من نفس البعض الفلسطيني والمنافسين والمتناحرين في الساحة الفلسطينية ، فالقضية هي اخر ما يفكرون به فالمهم كيف ان نتصيد لبعضنا البعض وكيف نتحارب فيما بيننا في سياسة كسر العظم ولو كان هذا السلوك قد يحجب او يقلص او يضعف او ينهي نشاطات فلسطينية تعتبر مربع من مربعات النضال الوطني الفلسطيني والفكري والسياسي ضد الاحتلال الاسرائيلي ، وهنا تكمن المشكلة وتكمن الازمة .
حدثت تلك المتغيرات عندما اعلنت مديرة النيابة العامة وبناءا على قانون الجرائم الالكترونية التعاون مع ادارة الفيسبوك في ملاحقة من يثير العنف او يسيء لتلك القيادة التي تتحكم في الشعب الفلسطيني بما ينافي كل الشرعيات القانونية والدستورية والوطنية ايضا وهنا مشكلة اخرى ايضا ً. اذكر ليلة العدوان على غزة عام 2014 وبشكل مفاجئ وصلتني رسالة من ادارة الفيسبوك بانني لن استطيع العودة لحسابي مرة اخرى وبدون سابق انذار واضطررت لفتح حساب اخر وحساب اخر الا ان تقنيات الفيسبوك اصبحت متطورة جدا ً وتضع كثير من الحسابات الفلسطينية وكما افادت ادارة الفيسبوك ليس بواسطة النظام الالكتروني فقط بل هناك لجنة متخصصة للفلسطينيين وما يطرحون من خطاب على صفحاته .
تعرض مئات الفلسطينيين للعقوبات على الفيسبوك الجزئية والكلية والزمانية ايضا ولكن ما ادهشني ومنذ ثلاث شهور ايضا ً تم ايقافي عن المشاركة في المجموعات والتي تقارب اكثر من 500 مجموعة واصبح هذا العقاب يمدد كل اسبوعين واضطررت لفتح حساب اخر الا ان تلك التقنيات اكتشفت ان هناك ربط ما بين الصفحتين وللاسف وصلتني رسالة ايضا ً بايقاف مشاركتي على صفحات الفيسبوك لمدة شهر من النشر والتعليق والماسنجر والاعجابات ، حقيقة ولم افلح في عمل حساب جديد بعد ان اتخذت جميع الاجراءات القانونية والفنية وقبول الصفحة الا انه بشكل مفاجئ ايضا افادت ادارة الفيسبوك بعدم تمكني من استعمال هذا الحساب .
المشكلة لا تكمن بانها مشكلة شخصية بل هي مشكلة شعب مناضل يناضل من اجل حقوقه فاذا كانت خسارتنا في جميع الميادين الدبلوماسية والسياسية والعسكرية فهي ايضا اصبحت خسارة امام الاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي من اجراءات تتخذها الصهيونية الارثوذوكسية والصهيونية وفئات من الشعب الفلسطيني تدافع عن خفرع وعن خوفو وعن منقرع كهياكل بشرية تقدس وممنوع عليا نقتها او الاعتراض على سياساتها التي ادت الى انهيار البرنامج الوطني والمنظومة الاجتماعية الفلسطينية واصبح تاريخنا في مهب الريح امام ما طرحه ترامب والتحولات التي حدثت في المنطقة ، لقد خسرنا دول العالم وخسرنا محيطنا وخسرت تلك القيادة شعبها المظلوم الفقير المستضعف ايضا الموضوع على لائحة المزاد في مشاريع سياسية لم يكن الفلسطينيين طرفا فيها بل البعض منهم هو ما املي عليه ذلك واصبحت مطالبه تشكل مبادرة بالتاكيد كانت ضد الطموح الفلسطيني والحقوق الفلسطينية .
ان السياسة القائمة الان بعدم التعريف الدقيق لمفهوم العنف والارهاب فتح المجال واسعا وامام الاستخدام السيء لقانون الجرائم الالكترونية التي اقرته السلطة الفلسطينية لحماية المواطن وليس ضده وهذا ما حدث ان هذا القانون اصبح يترجم بمنظور امني وبتعاون اقليمي ودولي كما افاد رئيس السلطة لمحاربة العنف الاقليمي والدولي و ( المحلي ) .
تبقى المشكلة قائمة وحرب ضروس وحرب لا تقل خطورة عن حرب الصاروخ والمدفع والقتل والاجتياح ، فهي محاولة لاجتياح العقل الفلسطيني او اخماده او قتله ، هذه سياسة الفيسبوك وهذه رعونة المبلغين على صفحات النشطاء الفلسطينيين من اجل الولاء لهذا او ذاك وفلسطين اخر ما يفكرون بها ، واريد ان اشير هنا ان صفقة القرن ليس مضمونها اقتصاديا او جغرافيا او ثقافيا مهدرا ً للحقوق الفلسطينية وللتاريخ الفلسطيني بل هي ايضا ً حرب كما قلت اكثر من خطورة على النشاط الفلسطيني والعقل الفلسطيني المقاوم والمناضل على صفحات التواصل الاجتماعي التي هي الطريق الوحيد لمخاطبة الذات البينية ومخاطبة العالم والشعوب الاخرى ، فهي عملية قتل واخماد للعقل الفلسطيني وحصاره في مربع النسيان في حين ان الاعلام الفلسطيني هذا الاعلام الفاشل الذي لا يسخر خدماته الا لمن هدم الكيانية الوطنية الفلسطينية ابرهه الفلسطيني ولا يقبل هذا الاعلام الا المسوقين لخطابات المحنكين كما يدعون هم المحنكين وهم الفشلة مع الفشل تلو الفشل مع الفشل الذي يصبح بمرتبة ما قاله ابو اياد رحمه الله ان الخيانة اصبحت وجهة نظر ، هكذا يستقبل الاعلام الفلسطيني بكل وسائله الفضائية والمواقع والجرائد الا فئة المصفقين والمسحجين وتحوير الفكر والثقافة الفلسطينية بالمقاس والثوب الذي يناسب هذا النهج او ذاك وهكذا ضاعت النخب الفلسطينية والمثقف الفلسطيني وضاعت الارض وضاع الوطن ومازلوا يعبثون ليس فقط من خلال اطروحات مهترئة بل مازالوا يعبثون بالعقل الفلسطيني بمحصارته او قتله من اجل اتمام ماهو دون صفقة ترامب ، هكذا سيكون الحال في ظل هذا السلوك وهذا النهج وهذا الوجود ومجموعة المصفقين من النخب وغير النخب ولك الله يا فلسطين.