الحرب التجارية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية: الطرفان يخسران

حجم الخط

وكالة خبر

 

ايهاب، وهو تاجر فلسطيني للخضار والفواكه في غور الأردن وصاحب بسطة في شارع 90، كان شاهدا قبل بضعة ايام على مشهد مختلف. سيارة في صندوقها الخلفي موز يجلب الانتباه بشكل خاص، تجمع حولها تجار للفواكه من المنطقة وحاولوا شراء الـ 10 كغم من الموز، التي مؤخرا كان يمكن إيجادها في كل مكان، لكن في الوقت الحالي تحول الى سلعة نادرة وثمينة.

حبات الموز ما زالت متصلة بالقطف، ولم يتم وضعها في صناديق خاصة مكتوب عليها بالعبرية، مثلما هي العادة. وقد تم بيعها للتجار بمبلغ 7 شواكل للكيلو. في السابق كان سعر كيلو الموز 1.5 شيكل. وقد تم تهريبه من إسرائيل الى الضفة الغربية في سيارة مع لوحة ترخيص إسرائيلية، الامر الذي سهل عبوها في الحاجز بين غور الينابيع وغور الأردن بدون فحص، قال إيهاب.

الموز تحول الى سلعة ثمينة في الضفة بسبب قرار وزير الدفاع نفتالي بينيت في نهاية الشهر الماضي منع استيراد المزروعات من الضفة الغربية. هذا القرار أدى الى رد مشابه من قبل السلطة الفلسطينية التي منعت استيراد الفواكه والخضراوات من إسرائيل. فواكه كثيرة يتم بيعها في الضفة هي مستوردة من إسرائيل، ووقف الاستيراد أدى الى ارتفاع الاسعار. ايضا تعاني إسرائيل من وقف العلاقة الزراعية مع السلطة. وحسب اقوال مدير عام منظمة منتجي الفواكه في إسرائيل، يارون بلحسن، في فرع الموز الإسرائيلي يصدرون الى الضفة الغربية وقطاع غزة 500 – 1000 طن في الأسبوع.

بدأت الحرب التجارية قبل بضعة اشهر عندما قرر رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، وقف استيراد العجول من إسرائيل الى مناطق السلطة، كجزء من محاولة تقليص تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي. وحسب معطيات منسق اعمال الحكومة في "المناطق"، فقد تم قبل هذا القرار استيراد بالمتوسط 10 آلاف رأس عجل شهريا، 60 في المئة من استهلاك اللحوم في الضفة وغزة. وردت إسرائيل بفرض عقوبات على السلطة، منها سحب تصاريح الدخول لتجار ورجال اعمال فلسطينيين ومنع ادخال الابقار التي تم استيرادها من اماكن اخرى.

في اعقاب الضغط توصل الطرفان الى اتفاق لاستئناف استيراد العجول من إسرائيل، وفي المقابل بدأت السلطة بالإشراف على عدد من العجول التي تدخل الى الضفة، وقامت بتنظيم آلية تصاريح استيراد للمستوردين. وحسب معطيات مكتب منسق اعمال الحكومة في "المناطق" فإنه في الشهر الذي جاء بعد انتهاء الازمة تم استيراد نحو 13 ألف رأس عجل من إسرائيل. جمعية مربي العجول في إسرائيل لم تكن راضية عن ذلك، وطلبت الغاء طريقة التصاريح التي حسب ادعائها تعطي افضلية لمقربي السلطة. وحسب اقوال مصدر مطلع فإن هذا الادعاء لم يتم اثباته. بينيت استجاب للطلب واعلن عن منع دخول البضائع من الضفة الى إسرائيل في محاولة للضغط على السلطة من اجل التوقف عن استخدام آلية التصاريح.
ونتيجة للحرب التجارية، شرح بلحسن، تم إغراق السوق الإسرائيلية بالموز، حيث انخفض سعره من 4 شواكل الى 2.5 شيكل للكيلو. وهذه خسارة كبيرة للفرع. وحسب معطيات وزارة الزراعة الإسرائيلية فإن سعر الموز للمستهلك انخفض في الاسبوع الماضي بـ 4 في المئة عما كان في الاسبوع الذي سبقه. في نهاية الاسبوع الماضي شددت إسرائيل قيودها واعلنت بأنها ستمنع الفلسطينيين من نقل المنتوجات الزراعية في جسر اللنبي، وهي الحدود بين الضفة والاردن وبوابة الخروج الوحيدة من "المناطق" الى العالم.

المتضررون الاساسيون من هذا القرار هم المزارعون الفلسطينيون. وحسب معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية فإنه في العام 2018 بلغ التصدير الزراعي من الضفة الى إسرائيل 88 مليون دولار، 68 في المئة من التصدير الزراعي من الضفة. في غور الاردن، احد المناطق في الضفة التي فيها الزراعة هي فرع رئيسي، فإن تأثير الحرب التجارية اصبح ملموسا، حيث إن اسعار الخضراوات انخفضت بسبب إغراق السوق الفلسطينية بالسلع.

مهند، وهو مزارع وتاجر في قرية بردلة وأب لسبعة أولاد، يصدر 80 في المئة من انتاجه للسوق الإسرائيلية. "قبل قرار بينيت كنت ابيع صندوق الخيار بـ 60 شيكلا، أما الآن فأنا أبيعه بـ 25 شيكلا"، قال. مهند، الذي يزرع الباذنجان والكوسا والخيار، يزرعها حسب اتفاقات مع تجار من إسرائيل، لذلك فإن حقله متوافق تماما مع احتياجات السوق الإسرائيلية. وحسب قوله، من الأجدى زراعة هذه المواد في الضفة لأنها تحتاج الى أيد عاملة كثيرة، ومتوسط الاجور في الضفة أقل بكثير مما هو في إسرائيل.

المزارعون الفلسطينيون ونظراؤهم في إسرائيل يحاولون محاربة هذه القيود عبر تهريب المنتوجات على جانبي الحاجز في منطقة بيسان. وحسب اقوال مهند، يوم الثلاثاء الماضي صودرت ثلاث شاحنات نقلت الخضراوات من الضفة الى إسرائيل، وكانت الخسارة 40 ألف شيكل.

على أحد مداخل بردلة كان هناك 8 فلسطينيين من المنطقة يعبئون الخيار والكوسا والبطاطا في صناديق عليها كتابة بالعبرية. منير، المزارع والتاجر الذي اشرف على العمل، قال، إنه شعر بالخسارة الاقتصادية من الأسبوع الذي اعقب إغلاق المعابر. "هذا هو الوقت الأفضل للمزارعين في المنطقة"، قال، "من الآن وحتى حزيران نقطف ونزرع مرة أخرى. ولكنني لا أنوي زراعة الكوسا، الآن، لأنني ببساطة لا أعرف ماذا سأفعل به".

النقص واضح ايضا على بسطة فواكه ايهاب. الفواكه يشتريها من سوق الجملة في نابلس. والآن يوجد لديه عدد من صناديق الحمضيات، التي حسب قوله كانت توجد في الثلاجة مدة اسبوع. بعد ذلك قيل له في السوق بأنه لن يكون له المزيد من الحمضيات اذا لم يتغير الوضع.

في السابق كان سعر كيلو الليمون شيكلين، أما الآن وصل السعر الى 6 – 7 شواكل. وقد قال ايهاب، إنه باستثناء الحمضيات يوجد لديه عدة صناديق للتوت التي هي من انتاج غزة.

"بصفتي تاجرا للفواكه اقول إنه لا يوجد لنا أي بديل عن السوق الإسرائيلية"، قال. وعندما سئل عن الحرب التجارية اضاف، إن "الطرفين يتضرران، لكن في حين أن الإسرائيليين يمكنهم بسهولة الاستيراد من اماكن اخرى، فنحن في هذه الاثناء لا توجد لنا سوق بديلة. كان يجب ايجاد سوق كهذه قبل اتخاذ هذه الاجراءات".

مدير عام شركة "تسيمح بنانوت" التي توجد في غور الأردن، موشيه نافون، قال، إنه في الموسم الحالي تسوق الشركة بشكل عام خُمس الانتاج في الضفة الغربية وغزة. وحسب قوله في كل سنة تصدّر الشركة نحو 10 آلاف طن موز الى "المناطق". وقد قال، إنه خلافا لفواكه اخرى، الموز لا يمكن الاحتفاظ به لفترة طويلة بعد انضاجه، ولا يمكن ابقاؤه على الاشجار، عندما يصل الى النضج الجزئي بدون أن يتضرر. لذلك، الضرر في هذا الفرع فوري بشكل أكبر. "في هذه الاثناء نحتفظ بالفواكه على الاشجار ونرميها بعد ذلك"، قال نافون، "ما يوجد في بيت التعبئة وما لا يمكننا اخراجه الى المناطق يتم اتلافه أو يتم بيعه بثمن بخس في الاسواق. من المؤلم رمي الفواكه، لكن ايضا بيعها في اسواق الجملة سيحطم الاسعار".

وقد جاء من مكتب وزير الدفاع "في اعقاب المقاطعة المستمرة التي فرضتها السلطة الفلسطينية على مربي العجول في إسرائيل والتي اضرت بشكل كبير بمئات المزارع، قرر وزير الدفاع منع استيراد المنتوجات الزراعية من السلطة لإسرائيل. وايضا فرض عقوبات اخرى. ادعاءاتكم غريبة على اقل تقدير، لأن المزارعين الإسرائيليين هم الذين توجهوا لوزير الدفاع من اجل التدخل في المسألة. حتى أنهم أيدوا القرار بشكل علني. يجب على السلطة الفلسطينية إنهاء المقاطعة أحادية الجانب لصالح الطرفين. وعندما سيرفع الفلسطينيون المقاطعة فإن التجارة بين السلطة وإسرائيل ستعود إلى السير بصورة سليمة".

عن "هآرتس"