الاتحاد الأوروبي ودعم منظمات المجتمع المدني الفلسطيني

حجم الخط

بقلم: شاي هار تسفي


على مدى السنين وفرت مؤسسات الاتحاد الأوروبي دعماً اقتصادياً بعشرات ملايين الشواكل لمنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، تبعاً لبند اشتراطي ثابت، يوجد في العقود مع منظمات المجتمع المدني في أرجاء العالم: من أجل الحصول على الدعم يجب ألا تكون أي علاقات للمنظمات التي تتمتع بالمساعدات المالية بمحافل الإرهاب.
مؤخراً ثار جام غضب منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في أعقاب شرط آخر طرحه الاتحاد الأوروبي لتلقي المساعدات: فالحاصلون على المنح مطالبون بأن يتأكدوا أن الأطراف الثالثة (الموردين الفرعيين، المشاركين في ورشات العمل، وما شابه) المرتبطة بهم، ويستفيدون بشكل غير مباشر من الأموال الأوروبية، لا يوجدون في قائمة العقوبات للاتحاد. يغضب الفلسطينيون ويرفضون بكل شدة التوقيع على مثل هذا البند. وهم يرفضون رفضاً باتاً القول الأوروبي: إن جهات مثل «حماس» والجبهة الشعبية منظمات «إرهابية»، إذ إن هؤلاء حسب فكرهم أحزاب سياسية شرعية.
هذا التساذج والرفض الفلسطينيان ليسا مفاجئين. ففي نهاية 2019 كشف جهاز الأمن العام – «الشاباك» شبكة واسعة ومنظمة لنشطاء من الجبهة الشعبية، التي نفذت العملية التي قتلت فيها رينا شنراف وأصيب أخوها وأبوها. ويدعي الفلسطينيون أن الجبهة الشعبية ليست منظمة «إرهابية»، ويشيرون إلى حقيقة أن بعض أعضاء الخلية التي انكشفت كانوا يتبوؤون مناصب أساسية في منظمة المجتمع المدني الفلسطيني، «الضمير» التي تلقت في السنوات الأخيرة مساعدات بحجم نحو ثمانية ملايين شيكل من دول وهيئات في أوروبا. هكذا، مثلاً، أُعطيت المنظمة في 2018 منحة من سويسرا بحجم نحو نصف مليون شيكل. وكان نشطاء كبار آخرون في منظمات المجتمع المدني الفلسطيني أعضاء على مدى السنين في منظمات «إرهابية» معلنة، بل مكث بعضهم في السجن الإسرائيلي.
إن رفض المنظمات الفلسطينية نزع الشرعية – والتي تحظى بتأييد جهات رسمية في السلطة الفلسطينية، إلى جانب جهات في منظمات «الإرهاب» – لقطع العلاقات مع منظمات «إرهابية إجرامية»، يثبت كم تستخدم الغلاف المدني للتقدم بمعركة «الإرهاب» ضد دولة إسرائيل.
إن الخلاف بين الاتحاد الأوروبي والفلسطينيين هو خلاف جوهري: هل نهج «نشيط حقوق إنسان في النهار – وإرهابي في الليل»، الذي في نظر الفلسطينيين طبيعي وشرعي، مقبول من الاتحاد الأوروبي؟
يخيل أنه حتى الاتحاد الأوروبي ملّ التضليل الفلسطيني، بل دفع المال لقاءه. على الاتحاد أن يقف صلباً في وجه الضغوط الفلسطينية: فالاستسلام للضغط ينقل رسالة خطيرة، فيها بمثابة إعطاء تسويغ لمنظمات «الإرهاب». عليه أن يشترط إعطاء كل مساعدة مالية بصفر علاقات مع جهات «الإرهاب» – مباشرة، غير مباشرة، عبر طرف أول، ثانٍ، أو ثالث. هذا هو الأمر الصحيح، الجدير والأخلاقي لعمله.

 عن «إسرائيل اليوم»