أكـاذيـب يـرويـهـا لـنـا نـتـنـيـاهـو عـن الأمـن

اليكس فيشمان.jpg
حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان


بدأ المعقل الايراني في سورية يتفكك، وإسرائيل هي القوة العظمى العسكرية الثامنة في العالم، وتتطلع "حماس" الى التسوية مع إسرائيل، ولم يتبقَ إلا أن نحرر لـ"حماس" طرف خيط اقتصادي كي نتمكن من البدء بتفكيك الملاجئ في غلاف غزة. هذه فقط حفنة من الترهات التي تخرج على لسان القيادة السياسية الامنية في الاسابيع الاخيرة، كجزء من الدعاية الانتخابية. يخلقون احساسا زائفا بالقوة: نحن امبراطورية. هذه بالضبط هي اعراض ذاك الغرور الذي شهدناه عشية حرب "يوم الغفران" وعشية حرب لبنان.
فاستنادا إلى ماذا، مثلا، يقول وزير الدفاع، نفتالي بينيت، إن المعقل الايراني في سورية يتفكك؟ فهل صورة استخبارية لشهر بعد تصفية سليماني بات يمكنها أن تدل على انعطافة استراتيجية كهذه لدى الايرانيين؟ في إسرائيل يستخفون بخليفة قاسم سليماني، اسماعيل قآني، تماما مثلما لم يقدروا على نحو صحيح السادات ونصرالله في بداية طريقهما.
فبالذات قيود القوة السياسية لقآني من شأنها ان توجهه نحو قرارات أكثر مغامرة بكثير في المجال العسكري.
لا شك بأن قوة القدس تجتاز هذه الأيام شدا لأوضاعها. وكتلميح للمستقبل، عين في منصب نائب قآني محمد حجازي، قائد فيلق لبنان في قوة القدس، والذي هو الشخصية المركزية في مشروع دقة الصواريخ لـ "حزب الله". ولكن بينيت، في غضون شهر، غير بهراء لسانه الوضع في سورية، تماما مثلما هدأ غزة.
ان التسهيلات التي اعطيت لـ"حماس" في الاونة الاخيرة هي وليدة خيال اخترعته دولة إسرائيل لنفسها، وبموجبه حشرت "حماس" في الزاوية، ونشأت نافذة فرص لفرض الهدوء عليها. هذا الخيال هو الذي يقف خلف القول الهاذي لوزير الدفاع عن "الارهاب" الاخذ في الافول، ما يبرر اصدار آلاف تصاريح العمل للعاملين من غزة في إسرائيل – تحت غطاء التراخيص للتجار – بلا مقابل. يومان بلا بالونات لا يعنيان ان "الارهاب" ينطفئ. فمنذ سنتين وهم يروون لنا بأن التسوية تقبع خلف الزاوية، غير ان "حماس" لا تتعاون مع هذه القصة، لا توقف حقا "الارهاب" من القطاع، تواصل ابتزاز إسرائيل بنار صاروخية وترفض الحديث عن الاسرى والمفقودين. تضغط "حماس" بنجاح أمام إسرائيل – وليس العكس. والدليل: في اليوم الذي منحت فيه إسرائيل الاف تصاريح العمل ووسعت مجال الصيد احتفل، أول من أمس، قناصو "الجهاد الاسلامي" باطلاق النار نحو قوات الجيش الإسرائيلي.
ولكن الخدعة الكبرى هي من مدرسة نتنياهو والتي تقول ان إسرائيل هي القوة العظمى الثامنة في العالم.
لقد باتت هذه جولة الانتخابات الثانية التي يستخدم بها هذا التلاعب. وهو يستخدم معطى مأخوذا من استطلاع سنوي يجريه معهد غالوب بالتعاون مع جامعة بنسلفانيا برعاية مجلة "US NEWS AND WORLD REPORT".
فتحت عنوان "الدولة الممتازة" يُسأل نحو عشرين ألف شخص في بضع عشرات من الدول عن رأسهم في نحو ستين دولة في العالم. وذلك دون أن يزوروها أو أن يتعرفوا إليها. بحيث يفحص الاستطلاع عمليا صورة هذه الدول في نظر المستطلعين، في سلسلة طويلة من المواضيع، بما فيها الأمن، الذي هو الآخر ينقسم إلى بضعة تصنيفات مثل العلاقات الدولية، القوة العسكرية، الزعامة وغيرها.
وفيما يتعلق فقط بصورة القوة العسكرية لإسرائيل – صنفها المستطلعون في المكان الثاني في العالم بعد روسيا وقبل الولايات المتحدة والصين.
رئيس الوزراء لا يستخدم هذا المعطى كي لا يجعل من نفسه اضحوكة. فعندما توزن إلى جانب القوة العسكرية معطيات اخرى من القدرات مثل التأثير الدولي، الاستقرار السياسي وما شابه، تهبط إسرائيل الى المكان الثاني. ولكن عندما يفحص بماذا يفكر مواطنو العالم عن دولة إسرائيل في كل مقاييس الاستطلاع – مثل جودة الحياة، الاقتصاد، الحركة، التأثير الثقافي وغيره – نهبط إلى المكان الـ 29. هبوط بخمس مراتب مقارنة ببدء ولاية نتنياهو. تجدر الاشارة إلى أن معاهد بحث رائدة في العالم في مجال الأمن – والتي تستند إلى مواد استخبارية ومعطيات علنية – تشير إلى انخفاض تدريجي في قدرة إسرائيل العسكرية في العقد الأخير، بما في ذلك في موضوع النووي.
صحيح أن المعطيات الكاذبة تخدم الدعاية الانتخابية، ولكنها أرضية لعدم الاكتراث، للاستخفاف بالعدو، وللجاهزية المتردية.

عن "يديعوت"