إهانة الكرامة الفلسطينية المفجّر الحقيقي للتصعيد الأخير

حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان


لا إيران، ولا سورية، لا التسوية، ولا حتى الانتخابات. جولة إطلاق النار في اليومين الأخيرين، والتي كان يمكن أن تجرنا إلى مواجهة عسكرية شاملة هي موضوع المس بالكرامة الوطنية الفلسطينية، فالمحفل في قيادة الجنوب، الذي أصدر الأمر بالدخول في الصباح إلى القطاع وجر جثة «المخرب» وهي معلقة على كفة الجرافة، هو كذاك «العريف الاستراتيجي» الذي يخاف الجميع من أن يفجر ذات يوم الشرق الأوسط، بسبب الجهل وانعدام الحساسية.

عندما أمر وزير الدفاع بينيت بجمع جثث «المخربين» من أجل استخدامها في مفاوضات مستقبلية مع «حماس»، فإنه لا بد لم يقصد تعريض حياة الجنود الذين يدخلون إلى الأرض الفلسطينية لغرض جمع الجثث للخطر.

يمكن الافتراض أنه لم يقصد إهانة كرامة الميت، أمام عيون الكاميرات، أو إثارة الخواطر في القطاع. ولكن هذا ما حصل.

بعد بضع دقائق من نشر شريط جر الجثة انفجرت الشبكات في غزة غضباً. في المخابرات الإسرائيلية كان واضحا أن القصة لن تمر بهدوء: حاول الجيش الشرح بأن النار اندلعت بسبب تصفية «المخربين»، الذين حاولوا زرع عبوة ناسفة على الجدار، ولكن هذا ليس له أساس في الواقع.

فهؤلاء ليسوا «المخربين» الأوائل الذين يقتلون على الجدار: فقبل شهر فقط قتل ثلاثة فلسطينيين في حدث مشابه وصف في الطرف الفلسطيني كـ «إعدام».

لم تطلق الصواريخ، وانتهى هذا بالمظاهرات. أما الحالة التي أمامنا فلم تكن حادثا أمنيا آخر – كان هذا مسا بالكرامة الوطنية الفلسطينية.

إن إهانة الجثة، في كل الثقافات، تخلق غضبا شديدا. وهذه هي القصة الحقيقية. لقد أخذ «الجهاد» على عاتقه تنفيذ الانتقام، وما كان يمكن لـ«حماس» أن تمنعه؛ لأن الجمهور الفلسطيني ما كان ليقف إلى جانبها.

لقد هاجمت إسرائيل في غزة وفي دمشق، وبدأت، مرة أخرى، في ما يعتبر «تدهورا متحكما به». لشدة الحظ، فإن إصابة الصاروخ روضة الأطفال في سديروت انتهت بلا شيء.
فلا سمح الله لو كان هناك مصابون من الأطفال، لاشتعلت غزة، ولما كانت الانتخابات ستجري.

يروي جهاز الأمن لنفسه روايات عن تأثير إيراني على منظمات مارقة، وعن أن «حماس» لا تتحكم بهم وعن التوقيت السياسي. كله صحيح باستثناء أن ليس لهذا صلة بالحدث الحالي: إذا كان الدرس الحقيقي من هذا الحدث لم يستوعب، فسنجد أنفسنا في المرة القادمة في قصة مشابهة: فعندها أيضا ستجمع إسرائيل الجثث، إذ يبدو أنه ستكون احتكاكات أخرى على الجدار طالما لا توجد تسوية.

التسوية، كما نفهمها في إسرائيل، لا تشبه التسوية التي تقصدها «حماس». فهذا الأسبوع فقط قال زعماء «حماس» إن التسوية من ناحيتهم هي موضوع اقتصادي، ولا صلة لها بالكفاح الوطني. «حماس» غير ملزمة بلجم «الجهاد»، بإعادة الأسرى والمفقودين، أو بوقف «الإرهاب» في الضفة. ولكنها «ملزمة» بالحصول على امتيازات اقتصادية تسمح لها بتثبيت حكمها.

في هذه الأثناء، فإن المال الذي وصل، هذا الشهر، إلى «حماس» – والذي عمل عليه في قطر كثيراً رئيس «الموساد» وقائد المنطقة الجنوبية – استخدم ضمن أمور أخرى لتمويل مئات الأعراس للأزواج الذين تهتم «حماس» بمصلحتهم. مبروك يا قائد المنطقة.

عن «يديعوت»