ضـربـة فـي خـاصـرة نـتـنـيـاهـو

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


قبل أسبوع على موعد الانتخابات بدأ الثالوث غير المقدس بالعمل: المرحلة الأخيرة في الحملة السياسية، الذعر قبل وصول فيروس الكورونا إلى البلاد، والجولة المناوبة من التصعيد في قطاع غزة. يبدو أن عناوين الصحف ستستمر في المراوحة بين هذه القصص الثلاث حتى يوم الانتخابات.
لم تبحث إسرائيل عن التصعيد في غزة، بالعكس، عندما دخل نتنياهو إلى الفصل الحاسم في المعركة على حياته السياسية، تبين أن الأمر الأخير الذي يحتاجه هو اندلاع العنف في القطاع.
وجميع الاستطلاعات الداخلية، التي يجريها «الليكود» تشير إلى أن غزة هي بالذات نقطة ضعفه. الأصوات العائمة لا تمنح علامات عالية لأداء الحكومة في مواجهة «حماس».
اشتعال غير مسيطر عليه، الآن، يمكن أن يضر بفرصة نتنياهو في الفوز أكثر مما يفيده. ولكن نتنياهو لا يستطيع أيضا الجلوس بهدوء في الوقت الذي تطلق فيه عشرات القذائف على بلدات غلاف غزة.
التصعيد، أول من أمس، بدأ في أعقاب حادثة في الصباح قرب الحدود. قوة من الجيش لاحظت خلية لـ «الجهاد الإسلامي» وهي تحاول زرع عبوة ناسفة قرب الجدار، فقامت بإطلاق النار على الخلية، وقتلت أحد أعضائها، وهرب الآخر وهو مصاب.
على هذا القتل كان من المعقول أن يرد «الجهاد الإسلامي» في إطار معادلة الردع التي بلورها قادته في القطاع قبل بضعة أشهر.
والأمر الذي زاد شدة الرد هو الصور التي نشرت عن الحادثة، والتي ظهرت فيها جرافة عسكرية وهي تجر جثة الفلسطيني نحو الأراضي الإسرائيلية.
هذه الأفلام نشرت في الشبكات الاجتماعية وضاعفت الغضب في غزة. إطلاق النار الذي جاء رداً على ذلك كان أشد من المعتاد، وطرح مرة أخرى التساؤلات حول حكمة السياسة الجديدة، التي بحسبها يتم تخزين جثث الفلسطينيين المسلحين كورقة مساومة محتملة في مفاوضات على إعادة جثث جنود الجيش الإسرائيلي.
إسرائيل كالعادة لم تتهم «حماس» بالمسؤولية عن إطلاق النار، بل ركزت ردها على «الجهاد الإسلامي».
وإلى جانب القيادات التي تمت مهاجمتها في القطاع (يبدو أن الجيش عاد إلى عادته المرفوضة وهي تضخيم أبعاد القصف) كان هناك تجديد: مهاجمة موقع لإنتاج السلاح تابع لـ «الجهاد» في سورية في جنوب دمشق.
استهدفت العملية الإسرائيلية إعطاء إشارات لـ «الجهاد الإسلامي» بأنه قد بالغ في عملية الإطلاق، وأن تبث للجمهور في البلاد رسالة تقول إن الحكومة لا تبالي بضائقة سكان الجنوب. فعليا، وبصورة متناقضة، سورية هي الآن ساحة أقل حساسية من القطاع. وطالما أن القصف هو لمنشأة لمنظمة فلسطينية وليس للوجود العسكري الإيراني في الدولة، فان المضيفين السوريين يمكنهم ضبط أنفسهم.
ربما أنه كان خلف اختيار الهدف في سورية اعتبار آخر. نشطاء «الجهاد» في القطاع لديهم اتصالات وثيقة مع قيادة المنظمة في دمشق.
وفي تشرين الثاني الماضي عندما اغتالت إسرائيل القيادي بهاء أبو العطا، قائد في «الجهاد الإسلامي»، تم الإبلاغ عن محاولة اغتيال أخرى لأكرم عجوري، رقم 2 في «الجهاد الإسلامي»، في بيته في دمشق.
الجهود التي لم تتوقف لـ «الجهاد» من أجل تخريب عملية التسوية بين «حماس» وإسرائيل في القطاع تتعلق بصراع القوى الداخلي بين المنظمتين وبالمعارضة الإيديولوجية لـ «الجهاد» لهذه التسوية.
ولكن من غير المستبعد أنه يلاحظ هنا تأثير لإيران في غزة، عن طريق القيادة في دمشق. احتكاك دائم في القطاع يخدم طهران. وإذا أزعج نتنياهو، عدوها اللدود، قبل الانتخابات فإن هذا سيكون إضافة أخرى من ناحيتها.
وعلى أي حال، استمرار المواجهات مع «الجهاد» يدل على أن الاستخبارات الإسرائيلية أعطت كما يبدو اعتبارا شخصيا كبيرا لأبو العطا. ومنظمته تستمر في نشاطاتها العسكرية حتى بعد أن تمت إزاحة القائد الكبير من الطريق.
في الإعلان الأخير للحملة الانتخابية الثالثة للكنيست، فإن غزة عادت لإلقاء ظلها الطويل على الساحة السياسية في إسرائيل.
وبقدر ما يمكن أن نتأثر بخطوات الجيش الإسرائيلي على طول حدود القطاع من ليلة أول من أمس، فإن الاستعدادات تبدو دفاعية بشكل أساسي. هذا أيضا هو التوجه الذي يظهر في خطوات الحكومة، مؤخراً، في كل ما يتعلق بقطاع غزة.
ولكن الأمور يمكن أن تتشوش بسرعة. منذ الصباح تم إطلاق ست قذائف، والفترة السياسية الحساسة تحتاج انتباها خاصا للقرارات المتخذة في القيادة العليا السياسية والأمنية.
في مثل هذه الظروف، عشية الانتخابات في أيلول، ضغط نتنياهو على الجيش للقيام بعملية واسعة في القطاع، وتم صده فقط بعد تدخل مباشر من المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت.
لا يقف القطاع في مركز الانتخابات، لكن الأحداث فيه يمكن أن يكون لها تأثير على نتائج الانتخابات إذا استمر التصعيد.

عن «هآرتس»