بالصور بالصور : رسومات شارلي إيبدو الساخرة حول الطفل إيلان .. تظهر العنصرية ؟

9201516214018381
حجم الخط

أثارت رسومات صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية، كالمعتاد، عواصف من الجدل في أنحاء العالم، بين ناقد ومدافع، كما أثارت تفسيرات متعدد للرسوم التي نشرت في عددها الأخير.
"المسيحيون هم من يستطيعون المشي على الماء.. الأطفال المسلمون يغرقون.. هذا دليل على مسيحية أوروبا".. هذه الكلمات رافقت الرسم الذي أعده الرسام في الصحيفة لوران سوريسو، حيث كتبت بجوار صورة طفل غريق ورجل يسير على الماء، في إشارة إلى الطفل السوري إيلان الذي غرق خلال محاولة عائلته العبور عبر البحر من تركيا إلى اليونان.
ونشرت الجريدة أيضا صورة الطفل إيلان وبجواره لافتة عليها شخصية "ماكدونالدز" الشهيرة وكتب بجوارها "اشتر طفلا واحصل على الثاني مجانا".
وقد أثارت تلك الرسومات العديد من ردود الفعل، أبرزها ما جاء رد فعل أولي من غضب وسخط على الجريدة، واتهامها بـ"اللاإنسانية" و"اللامبالاة من مآسي اللاجئين".
واحتل هذا الرد الأولي صفحات التواصل الاجتماعي وخاصة موقع "تويتر" باللغتين العربية والإنجليزية، كما اتهمت بـ"الهمجية" و"العنصرية" و"السخرية من موت الأطفال" و"الافتقار إلى معرفة الفرق بين حرية الإعلام وعدم الاحترام"، فيما رددو مغردون: "أنا لست شارلي إيبدو".
على جانب آخر، وبعيدا عن موجات الغضب والاستنكار، تناول عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي رسم "شارلي إيبدو" من زاوية أخرى، قائلين إن هذا الرسم لا يسخر من الطفل إيلان ولا من الأطفال المسلمين مثلما قد يبدو للوهلة الأولى، إنما هو يسخر من أوروبا حتى وإن لم يقصد الرسام ذلك.
فبحسب المدافعين عن الصحيفة، فإن هذا الرسم يظهر وجه أوروبا العنصري بعد أن ضيقت إجراءات قبول اللاجئين لدرجة دفعتهم إلى الوصول إليها بطرق غير شرعية ورمي أنفسهم بين أمواج البحر، وبعد وصولهم ظهرت أمامهم مطالبات بعض مسؤولي أوروبا باستقبال المسيحيين فقط وترحيل المسلمين إلى بلدهم الأم أو تستقبلهم البلدان العربية الأخرى، مضيفين أنه حتى وإن كان الرسام لا يقصد ذلك وقصد بالفعل السخرية من موت إيلان إلا أن رسمه أثبت الوجه العنصري في أوروبا.

عنصرية أوروبا

ومنذ بداية الشهر الجاري تحتل أزمة اللاجئين في أوروبا عناوين الأخبار في وسائل الإعلام الغربية، مع توافد مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والأفغان، بشكل خاص، إلى أوروبا، الأمر الذي دفع بعدد من الدول الأوروبية لإعلان حالات الطوارئ وفرض قيود مشددة على حدودها، لا سيما المجر.
وفي السادس من الشهر الجاري دعا الأسقف السابق للكنيسة الإنجيلية، لورد كيري، إلى أن تضع بريطانيا نصب عينيها أولوية مساعدة اللاجئين المسيحيين، الذين قال إنهم كانوا ضحية "التطهير العرقي"، وأنه قطعت رؤوس رجالهم، واغتصبت نساؤهم، وأجبروا على تغيير دينهم، بحسب تصريحاته للصانداي تايمز.
ودعا الأسقف إلى التركيز على المسيحيين السوريين؛ لأنهم لا يشكلون تحديات "في الاندماج"، ولأن بريطانيا بلد مسيحي، ولديه كنيسة قائمة راغبة جدا بمساعدة وتوطين اللاجئين.
وقال الأسقف إن "هناك لاجئين مسلمين في أوروبا"، وهو ما أدى إلى نشوء "غيتوهات"، حيث يعيش السكان "حياة مختلفة". ودعا دول الخليج إلى فتح أبوابها للسوريين المسلمين الفارين من النزاع.
وعقب تصريحات الأسقف أعلنت قبرص في اليوم التالي؛ استعدادها لاستقبال عدد من لاجئي الشرق الأوسط، لكنها قالت إنها تفضل "أن يكونوا مسيحيين أرثوذكس".
وفي الثامن من هذا الشهر الجاري، أعربت عدد من البلدات الفرنسية عن رفضها لاستقبال أي عائلات مسلمة من الشرق الأوسط، وأنها ستستقبل فقط المسيحيين "الذين لا يهاجمون القطارات برشاشات الكلاشينكوف"، حسب قول رئيس إحدى هذه البلديات.
واستندت البلديات في قرارها إلى دعوة البابا بابا الفاتيكان فرنسيس الأول من أجل استقبال لاجئين، وإلى وعد قطعه القديس لويس في عام 1250 بحماية مسيحيي الشرق. واعتبرت البلديات أن "هذا الوعد صمد عبر الأجيال، وجعل من فرنسا حامية وفية لمسيحيي الشرق".
وكان رسام الكاريكاتير الفرنسي "غيلاس آينوش" قد قال في تصريحات صحفية إن "الرسومات ليس القصد منها السخرية من الطفل إيلان، ورأى أنه "يجب أن ينظر إلى الرسومات بتعمق، وقراءة البعد الآخر منها"، حسب قوله.
وأضاف آينوش، في حديث لراديو روزنة، أن حادثة آلان، مست العالم بأكمله، بما فيهم فريق "شارلي ايبدو"، الذي ما زال في حالة حداد منذ الهجوم الذي استهدف مكتبهم في بداية العام الحالي.
وتابع: "أنا اعتبر أنه ليست الرسومات هي المروعة، وإنما ردات الفعل عليها هي التي تعتبر غير منطقية. هناك مشاكل أكثر جدية وأهمية من هذه الرسومات، التي يتم رميها مباشرة بعد استعمالها، ولكننا نرسم لكي نضحك الناس ونجعلهم يفكرون، وذلك بأن نصدمهم بالمشاكل الحقيقة"، حسب تعبيره.