شبهات بعمليات سرقة أعضاء

هل يتجه الاحتلال للمساومة بجثامين الشهداء المحتجزه للإفراج عن جنوده في غزّة؟

هل يتجه الاحتلال للمساومة بجثامين الشهداء للإفراج عن جنوده المحتجزين في غزّة؟
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

فتحت جريمة إعدام الشهيد محمد علي الناعم " 27" عامًا من سكان خانيونس جنوب قطاع غزّة، وتنكيل الاحتلال بجثمانه لمنع الفلسطينيين من الوصول إليه بالقرب من الحدود الشرقية للقطاع أمام عدسات الكاميرات، ملف احتجاز جثامين الشهداء الذي يهدف الاحتلال من ورائه إلى إخفاء معالم جريمته المركبة من إعدام الشهداء بدمٍ بارد إلى التنكيل بجثامينهم أمام مرأى ومسمع العالم إلى احتجاز في ثلاجات، مع وجود شبهات سرقة أعضاء وليس أخيرًا دفنهم فيما يُسمى بمقابر الأرقام.

مركز الميزان لحقوق الإنسان استنكر جريمة استشهاد الشهيد الناعم، بالقول: "إنّ قتل الشاب الناعم والتنكيل بجثته، يُعطي دليلاً جديداً على دموية قوات الاحتلال وتحللها من أبسط التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني"، مُذكراً بأنّ هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها بل تعيد إلى الأذهان جريمة قتل الناشطة الأمريكية ريتشل كوري برفح في 27 مارس من العام 2013م. 

58 شهيدًا مُحتجزًا منذ 2015

أوضح المتحدث باسم عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال محمد عليان، "أنّ 58 شهيدًا يحتجز الاحتلال الإسرائيلي جثامينهم منذ انتفاضة القدس 2015 حتى الآن، وكان آخرهم الشهيد محمد الناعم".

ولفت عليان في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" إلى عدم وجود أي معلومة قطعية حول عدد الشهداء الموجودين في الثلاجات وفي ما يُسمى بـ"مقابر الأرقام"، مُوضحاً أنّ جثامين الشهداء من المفترض وجودها بالثلاجات في معهد أبو كبير لانتظار قرار محكمة الاحتلال بالدفن في مقابر الأرقام.

وأضاف: "يوجد أربعة شهداء على الأقل، تم إبلاغنا حرفيًا من النيابة بأنّهم دفنوا في مقابر الأرقام بشمال فلسطين المحتلة، لكنّ الشهداء الآخرين بعضهم في الثلاجات والبعض الآخر لا يوجد معلومات بشأن نقلهم من الثلاجات لمقابر الأرقام من عدمه".

شبهة سرقة الأعضاء

وبشأن المخاوف من سرقة الاحتلال لأعضاء الشهداء المحتجزين، قال عليان: "ليس لدينا دليل إنّ كان الاحتلال يقوم بسرقة الأعضاء ولا يوجد أيضاً دليل على عكس ذلك"، مُنوّهاً إلى أنّ النيابة العامة الفلسطينية لم تُجري دراسة وافية لمعرفة الأمر.

وتابع: "الشهداء يخرجون من الثلاجات ويكون الجثمان في درجة جمود تصل إلى حوالي 40 درجة تحت الصفر، وبالتالي العائلة تقوم بدفنه في وقتٍ قصير لأسباب دينية وخشية من عودة الاحتلال لاحتجازه؛ خاصةً أنّ تشريح الجثمان يتطلب مكوث الجثمان في الطب العدلي من ثلاثة إلى أربعة أيام".

واستشهد عليان على وجود شبهة بسرقة الاحتلال لأعضاء ابنه الشهيد بهاء الذي احتجزه لعشرة أشهر، بالقول: "بعد الإفراج عن جثمان ابني المحتجز لعشرة أشهر، لم يكن لديه قرنية وكان الجلد ناصع البياض".

وتساءل: "لا أعرف السبب وراء ذلك سواء إنّ تم سرقة خلايا جلدية؟ أو قاموا بسرقة القرنية أم صمام القلب؟"، مُردفاً بحسرة: "لا أدري!".

وطالب المؤسسات الحقوقية المحايدة مثل الصليب الأحمر بالقيام بدورها للتقنين من عملية سرقة الأعضاء، مُستدركاً: "نعتقد أنّ الاحتلال يقوم بسرقتها ما لم يثبت عكس ذلك".

احتجاز الجثامين.. إخفاء آثار الجريمة

وعن أسباب احتجاز الجثامين، رأى عليان أنّ لدى الاحتلال أهداف عديدة من احتجاز الجثامين، وهي: "أولاً محاولة إخفاء معالم جريمته، من خلال صرف النظر عن الجريمة باحتجاز جثمان الشهيد، خاصةً أنّه بعد مرور عدة سنوات تُصبح التحقيقات لا تؤتي ثمارها".

وأردف: "الهدف الثاني هو أنّ الاحتلال يُريد أنّ ينتقم من الشهيد ويُعاقب أهله ويردع الشباب الذي يفكر بالقيام بعمل فدائي".

مساومة الجثامين مرفوضة

وبالحديث عن محاولة الاحتلال مساومة جثامين الشهداء المحتجزة بجنوده المحتجزين في قطاع غزّة، شّدد عليان على أنّ الاحتلال يحتجز جثامين الشهداء منذ احتلاله لفلسطين، مُستدركاً: "يوجد جثامين محتجزة منذ أكثر من أربعين عامًا".

وتابع: "لن نقبل مبادلة شهدائنا بأسراهم؛ لأنّ الشهداء أحياء، ولا نوافق أنّ يخرج جثمان شهيد من الثلاجة، ويبقى أسير داخل السجون الإسرائيلية؛ وبالتالي هم أولى بأي عملية تبادل".

وختم عليان حديثه، بالقول: "من حقنا أنّ ندفن أبنائنا في أرضنا بكرامة؛ لذلك سنناضل من أجل الإفراج عن جثامينهم بغض النظر عن أي عملية تبادل".

وقرر وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينت، احتجاز جثامين ثلاثة شهداء تتراوح أعمارهم من 16-18 عامًا من مخيم المغازي وسط القطاع، فيما طالبت عائلتي الجنديين الإسرائيليين هدار غولدين وأورون شاؤول، اللذين تحتجز حماس جثتيهما، بإبقاء جثث الشهداء الثلاثة في إسرائيل واستخدامها في المساومة على صفقة تبادل.

تجدر الإشارة إلى أنّ "إسرائيل" فقدت آثار الجنديين جولدين وآرون شاؤول أثناء العدوان الذي شنته على قطاع غزّة، بدءًا من الثامن من يوليو/تموز وحتى 26 أغسطس/آب 2014.

وفي مطلع أبريل/نيسان 2016، كشفت كتائب القسام "الجناح العسكري لحماس" عن وجود أربعة جنود "إسرائيليين" لديها، من دون أنّ تكشف بشكلٍ رسمي إنّ كانوا أحياءً أو أمواتاً.

وأعلنت حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" فقدان جنديين في قطاع غزة خلال العدوان، لكنّ وزارة الأمن الإسرائيلية عادت وصنفتهما على أنهما قتيلان مجهولان موقع الدفن، وأنّهما لقيا مصرعهما خلال المعارك التي وقعت بين المقاتلين الفلسطينيين والقوات "الإسرائيلية".

الاحتجاز يُخالف اتفاقية جنيف الرابعة

بدوره، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، جميل سرحان: "إنّه وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة والملحق البروتوكولي الأول الخاص بها، يجب على قوة الاحتلال تسليم جثث الضحايا ليتم دفنهم وفق التقاليد المعمول بها والأعراف".

وأشار سرحان في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" إلى أنّ الأعراف تنص على توديع الشهيد ودفنه في المقابر الخاصة بالسكان، مُوضحاً أنّ هذا الأمر لم يتم في عملية الاحتجاز.

وأكّد على أنّ الاحتلال يهدف من احتجازه لجثامين الشهداء إلى الابتزاز السياسي، بالإضافة للضغط على أهاليهم وعقابهم مدى الحياة.

وبشأن تحركات المؤسسات الفلسطينية لإدانة جريمة احتجاز الجثامين، قال سرحان: "تُتابع المؤسسات الحقوقية في الضفة الغربية وقطاع غزّة، ملف احتجاز الجثامين وهناك هيئة وطنية عليا تُتابع ملف الجثامين التي تم دفنها في مقبرة الأرقام"، مُشيراً إلى أنّ قوات الاحتلال لديها جثامين أخرى غير معلن عن وجودها.

وشدّد على أنّ كل المؤسسات تتابع الملف وتتدخل لدى المحاكم الإسرائيلية كما تسعى لإثارة الموضوع لدى كل الجهات؛ لأنّه لا توجد آلية محددة حتى الآن للتدخل لدى المحاكم الدولية، ولكنّ الجهات الفلسطينية جميعها تسعى لإثارة الموضوع والمطالبة بتسليمهم.

وأضاف سرحان: "المؤسسات الفلسطينية تسعى دائما إلى التقدم بدعاوى لدى الاحتلال؛ للمطالبة بالإفراج عن هذه الجثامين وتسليمها لعوائل الشهداء، ليتم التخفيف عن العائلة وفق التقاليد الإسلامية".