رجب طيب اردوغان "رضي الله عنه"

حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

إنتهت المهلة التي منحها الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، للجيش السوري بضرورة انسحابه من الاراضي السورية مع نهاية شباط الحالي ، كلام عندما يسمعه المرء يدخل أصابع يديه في أذنيه ، معتقدا انه لم يسمع جيدا، او لم يفهم، فكيف يكون الحال عندما يعيد كتابته. في حين قال الرئيس السوري بشار الاسد قبل نحو شهرين انه مستعد لملاقاة الرئيس التركي رغم كل ما فعله ازاء سوريا اذا اقتضت ضرورة مصلحة الشعب السوري ذلك .

يشعر المرء احيانا ان هذا الرئيس التركي له من كاريزما الفهلوية ما لدى عشرة اشخاص عايشوا عشرة قرون من التاريخ البشري ، فهو يرسل أرتاله العسكرية ليحتل شمال سوريا تحت مسمى محاربة الارهاب ، وهو في الوقت نفسه يدعم هذا الارهاب دعما لا محدودا، بما في ذلك تسليحهم بأسلحة متطورة استطاعت اسقاط مروحيتين سوريتين مؤخرا ، وقيل انهم يلبسون زيا عسكريا تركيا كي يتجنبوا القصف الروسي، ويسوق الالاف منهم للقتال في ليبيا تحت قيادة قواته المباشرة، يستقوي أحيانا بروسيا التي زودته بصواريخ أس 400 الاكثر تطورا في العالم، ما لم تزود حليفتها سوريا بها، ثم يستقوي ضدها بأمريكا التي لم تزوده بمقاتلات اف 35 الاكثر تطورا في العالم، ولكنها زودت حليفتها اسرائيل بها ، يتجاهل دعوة ايران بالتوسط لتذليل خلافاته المستجدة مع روسيا، وهي - ايران - التي انقذته من الانقلاب الذي كاد يطيح به قبل بضع سنوات، لكنه يستحضر مؤتمرا رباعيا يضم الى جانب روسيا ، ألمانيا وفرنسا مطلع آذار فيتجاهله بوتين تجاهلا مهينا بعد ان يتحقق ان جنوده في سوريا الذين جاؤوا لمحاربة الارهاب انما يحاربون القوات السورية ويستهدفون الطائرات الروسية .

تزداد خيوط ومفاصل هذه الشخصية الفهلوية اتضاحا في قلب الحق باطلا والباطل حقا ، الصدق كذبا والكذب صدقا ، الارهاب مقاومة والمقاومة ارهابا ، التحرر احتلالا والاحتلال تحررا ، حتى يصل ان يأخذ على المملكة السعودية انها تطبع مع اسرائيل ، فترد عليه السعودية ان العلم التركي هو الذي يرفرف في تل ابيب وان العلم الاسرائيلي هو الذي يرفرف في عاصمته انقرة منذ عشرات السنين، ورغم التهديدات التي اطلقها ضد امريكا ازاء جريمة خطف الخاشقجي في القنصلية باسطنبول وقتله و تقطيعه، فإنه لم يعد مهتما بمعرفة مصيره، بل يكثف اتصالاته مع ترامب وبقية اقطاب ادارته ودائرة حلفائه بما في ذلك حلف الاطلسي .

هل تنطلي هذه الفهلوية المكشوفة على أحد؟ للأسف الشديد: نعم، ونقصد هنا حركة حماس ومرجعيتها العقائدية الدينية من ان الرجل بمثابة خليفة المسلمين الجديد، وكان القرضاوي لا يأتي على اسمه الا مقرونا بعبارة "رضي الله عنه" .

وضع "جحا" ابرز شخصية فهلوية في التاريخ – وهو بالمناسبة من اصول تركية – عينه على قدر جاره ، فاستعارها، واعادها له مع طنجرة صغيرة ، فسأله الجار: ما هذه؟ فأجابه: هذه ابنتها، وضعتها اثناء استعارتي القدر، وبعد ايام عاد جحا فاستعار القدر مرة اخرى، وعندما سأله الجار ان يعيدها، قال له: عظم الله أجرك ، لقد ماتت ، فاحتد الجار: كيف يمكن للقدر ان تموت؟ فأجابه جحا: وكيف لها ان تلد؟