ثمّة حلول لمعضلة غزة .. ولكن

حجم الخط

بقلم: أفرايم غانور


ان حكومة في إسرائيل تدعي على مدى السنين بأنه لا يوجد حل لمشكلة غزة وأنه محكوم على نحو 200 الف من سكان غلاف غزة أن يعيشوا تحت تهديد دائم بالصواريخ، نار قاذفات الهاون، والبالونات المتفجرة، لا يمكنها أن تبقى في حكمها، وعلى مسؤوليها، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو، أن يستقيلوا فوراً.
منذ زمن ونحن نسمع هنا النظرية من مدرسة حكومة نتنياهو، أن ليس لمشكلة غزة المعقدة حل سحري. وبالتالي، رغم تهديدات نتنياهو، التي لا تتوقف وتكرر نفسها، أرفق بهذا تفسيرا آخر بأن كل هذا يحصل لأن نتنياهو يتصرف بمسؤولية وبحذر. فهو يمنع حملة برية شاملة وواسعة ضد "الارهاب" الغزي كي يمنع الاصابة - لا سمح الله - لجنود الجيش الإسرائيلي، بينما وفقا لهذا المذهب يمكن أن نفهم بأن حياة سكان الغلاف هي حياة سائبة، وحياة الجحيم التي يعيشونها على مدى السنين الاخيرة تحت التهديد الدائم لا تعني ولا تقلق الحكومة. وبالتوازي يثور السؤال: أوليس لهذا الهدف أُقيم الجيش الإسرائيلي؟
إذا لم يكن هذا بكافٍ، فإني سمعت، مؤخراً، جوقة رئيس الوزراء نتنياهو تهلل، تمدح، وتتفاخر: كيف رغم هذا الوضع، رغم الصواريخ والتهديدات اليومية، فان اسدود، عسقلان، سديروت وبشكل عام كل بلدات الغلاف تزدهر وتتفتح، ويوجد تدفق دائم من السكان نحو الغلاف. بمعنى أن "حماس" و"الجهاد الإسلامي" يصنعون خيراً لإسرائيل، لسكان الغلاف، وبمعونة الصواريخ والبالونات يساهمون بالنمو والازدهار. وعلى ما يبدو فإن هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو يحرص جدا على أن يواصل المال القطري التدفق في الحقائب في موعده إلى غزة.
لمشكلة غزة يوجد أكثر من حل واحد، ولكن عندما تكون مصالح الحكومة ومصالح رئيسها لا تستوي مع طريقة العمل اللازمة لحل المشكلة، لا يعود ممكنا حلها. إن الحل لمشكلة غزة كان يجب أن يتحقق على الفور بعد حملة "الجرف الصامد"، حين كان لا يزال بعض الردع الإسرائيلي يعمل ضد "حماس". على الفور من تلك الحملة كان على دولة إسرائيل أن تعد خطة سياسية شاملة لحل مشكلة غزة، وبالتوازي العمل على عقد مؤتمر دولي بمشاركة الامم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي، الدول العربية المعتدلة، الجامعة العربية، وروسيا.
في اطار هذه الخطة كان يفترض بإسرائيل أن تعرض البنود المهمة التالية: غزة تجرد من السلاح الصاروخي، وتتعهد "حماس" بوقف كل اعمال "الارهاب" ضد إسرائيل. وبالتوازي، توافق إسرائيل على القرارات التي تتخذ في المؤتمر، تدعم، وتعمل على اعمار غزة من كل الجوانب، وبالأساس تسمح بعبور سكان غزة للعمل في إسرائيل والى الضفة، حيث ترابط إلى جانب هذه في غزة قوة دولية من الامم المتحدة تراقب تنفيذ الخطة وتساعد في الحفاظ على الهدوء.  اذا لم تلتزم "حماس" بكل التعهدات في الاتفاق المتحقق، سيعمل الجيش الإسرائيلي في غزة بكل قوته. لا شك أنه لو كان عقد مؤتمر كهذا، قبل ست سنوات، لكنا منذ زمن بعيد في مكان آخر تماما.
"أزرق أبيض" أيضا، الحزب الذي يطلق وعن حق من موقع المعارضة "أسهم القصور" نحو حكومة نتنياهو ليس نقيا من خطايا غزة. لقد كانت لحزب الجنرالات سنة ليعد خطة لحل مشكلة غزة، ولكنهم لم يجدوا من  الصواب الانشغال بشكل جدي ومهم في الموضوع الاهم والاكثر إشكالية في سلوك نتنياهو.
لعل هذا ما قصده النبي عاموس حين قال في نبوءته: "هكذا قال الرب عن ثلاث جرائم في غزة وعن أربع لم نرد..."، الواضح هو انه في تاريخ شعب إسرائيل، السنوات العشر الأخيرة من سلوك حكومة نتنياهو في الموضوع الغزي ستعتبر سنوات ظلامية وأليمة.

عن "معاريف"