"حل الدولتين" يختفي من برنامجي "الليكود" و"العمل"!

اسرائيل
حجم الخط
مراسل سياسي ألماني، وصل الى اسرائيل لتغطية الانتخابات، سألني السؤال التالي: «يخيل لي ان كل العالم باستثناء اسرائيل يهتم جدا بإمكانية تحقيق اتفاق سلام بين اسرائيل وبين الفلسطينيين وبحل الدولتين، ولكن هذا الموضوع لا يقف على رأس جدول الاعمال في حملة الانتخابات الحالية. لماذا؟
أفترض أن معظم المحللين السياسيين سيتفقون على ان السبب في أن حل الدولتين وتحقيق اتفاق سلام بين اسرائيل وبين الفلسطينيين لا يحتلان مكانا مركزيا في حملة الانتخابات، هو ان معظم الاسرائيليين لا يؤمنون بأن مثل هذا الاتفاق قابل للتحقق في المستقبل المنظور. فهم يعرفون بأن محمود عباس لا يمثل كل الفلسطينيين، وغير قادر على ان يتوصل باسمهم الى اتفاق مع اسرائيل. وفضلا عن ذلك، فإنهم يعرفون بأنه في اعقاب انسحاب اسرائيل من «يهودا» و»السامرة» ستدخل «حماس» الى هذه «المناطق»، ويحتمل جدا ان يدخل «داعش» ايضا، ما سيضع تحت الخطر المراكز السكانية لإسرائيل.
يبدو أن هذا هو ايضا موقف حزب العمل وذلك لأنه هو ايضا لا يبرز حل الدولتين في حملته الانتخابية، كونه يعرف جيدا بأن اغلبية الاسرائيليين يرون فيه، في هذه المرحلة، ليس أكثر من اضغاث احلام. غير أن العالم خارج اسرائيل لا يفهم هذا الموقف، ولا سيما اولئك منه ممن يعشقون شعار «دولتين للشعبين» الذي ولد في الماضي في اسرائيل، وتبناه منذئذ الكثيرون خارجها. وهؤلاء لا يفهمون آثار التغييرات التي طرأت في الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة. فما بدا في الماضي بديلا نزيها وواقعيا في نظر الكثيرين، يبدو الآن غير واقعي.
ما كان على مدى السنين صخرة الخلاف الاساس بين «الليكود» وبين «العمل» – طريقة المعالجة الصحيحة للمشكلة الفلسطينية – تراجع الى ما وراء الكواليس، ربما كي يعود ويبرز في مرحلة ما في المستقبل. أما اليوم فباستثناء الاطياف الهامشية، لا يبدو أنه يوجد فارق كبير بين الحزبين في كل ما يتعلق بمواضيع الامن. فكلاهما يريان في المشروع النووي الايراني خطرا كبيرا على اسرائيل، وكلاهما يفهمان بأن الاتفاق المتبلور بين الولايات المتحدة وايران هو اتفاق سيئ لاسرائيل. والسؤال اذا كان يتعين على بنيامين نتنياهو أن يستجيب لدعوة رئيس مجلس النواب الأميركي لالقاء خطاب في الكونغرس، ليس اكثر من سؤال هامشي. فمن يعرف الاسس التي تقوم عليها العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة يعرف انها ستبقى ممتازة في كل الاحوال. والدليل على ذلك، اذا كان هذا ضروريا، هو بيع المزيد من طائرات «اف 35» لاسرائيل هذه الايام.
ان التوافق بين «الليكود» و»العمل» في الشؤون الامنية هو موضوع جديد حقا. فهذا لم يكن هكذا دوما. زعماء «العمل» هم الذين دفعوا الى الامام باتفاقات اوسلو، التي كان منتهاها الفشل؛ وبعد ذلك وقعت، بقيادتهم، الخيانة لجيش لبنان الجنوبي والانسحاب احادي الجانب من الحزام الامني، والذي في اعقابه تعاظم «حزب الله»، واندلعت الانتفاضة الثانية من خلال موجات «الارهاب» التي ضربت مدن اسرائيل، وتعاظم تهديد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية على مواطني الدولة. كما كان ايضا الاستعداد للتنازل عن الجولان في سورية وعن «يهودا» و»السامرة» لياسر عرفات. احداث الماضي هذه لا تحتل مكانا مهما في حملة الانتخابات الحالية، ولكنها خلفت في قلب الكثير من الناخبين الانطباع بأن حزب العمل يتخذ يدا واهنة جدا في المواضيع الامنية. اما الاسم «المعسكر الصهيوني» الذي اعطي للخليط بين «العمل» وتسيبي ليفني، فهو محاولة مكشوفة لاصلاح هذه الصورة.
هكذا، اذاً، فإن كلفة السكن وغلاء المعيشة وادارة اقتصاد عائلة نتنياهو بقيت المواضيع الاساس في حملة الانتخابات الحالية، وتركت حل الدولتين وراءها بعيدا.
عن «هآرتس»

* وزير دفاع أسبق.