انتخابات الكنيست ليست مصيرية؛ بل غير مهمة

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي


نحتاج إلى التخلي بعض الشيء عن العاطفة المضخمة والدراماتيكية: انتخابات اليوم ليست مصيرية، وربما ليست مهمة أبداً مثل سابقتيها.
وربما ستحدد بشكل قليل، هذا إذا حددت أصلا، وسيكون لها دور بسيط، هذا إذا كان لها أصلاً، في تشكيل صورة إسرائيل، ليس فقط بسبب التعادل الذي يظهر فيها، حيث إنه يوجد حول المواضيع المصيرية إجماع كبير، والمواضيع المختلف فيها هي مواضيع هامشية.
كما أن الخط الفاصل بين المعسكرات هو تقريبا شخصي فقط – نتنياهو نعم أو لا - والنقاش بين المعسكرات هو نقاش على الهوية أكثر مما هو نقاش على الأفكار.
إن الغضب الشديد الذي يرافق هذا الصراع لا يبرهن على أهميته؛ بل يدل على الخواء الإيديولوجي الذي يختفي وراء الغرائز الثائرة.
النقاش حول نتنياهو تقريبا لا يتركز على سياسته، بل بالأساس على سلوكه الشخصي.
وحول السياسة لا يوجد ما سيناقش؛ لأنه لا يوجد للمعارضة في الحقيقة أي بديل لتعرضه. قانون العودة وقانون القومية والحصار على قطاع غزة والاحتلال في الضفة، حول هذه المواضيع الأساسية يوجد إجماع ملعون.
تتراوح حدود النقاش السياسي بين نمط حياة نتنياهو وبين جهوده الضائعة لإخضاع الجهاز القضائي من أجل النجاة من رعب الحكم.
وخلافا لنبوءات الغضب فإن هذه هي المواضيع التي ستحدد وجه إسرائيل بشكل أقل بكثير مما هو معروض من قبل المحاربين الشجعان ضد نتنياهو.
وجه الديمقراطية في إسرائيل يتشكل بين رفح وجنين أكثر مما يتشكل بين بلفور والمحكمة المركزية.
تفوق اليهود وحقوقهم الزائدة في الدولة ليست موضع نقاش. أيضا ما يتفرع عنها مثل حق إسرائيل في مواصلة الاحتلال كما تشاء، غير مطروح حقا للنقاش.
أيضا عليه الجميع متفقون. بين اليمين واليسار لا يوجد أي نقاش: باستثناء القائمة المشتركة الجميع صهاينة. وهذا يعني أنهم جميعا يؤيدون استمرار التفوق اليهودي.
وقد بقي للنقاش فقط القانون الفرنسي، وهو مرفوض، لكن خلافا لأصوات الغضب هو لا يغير النظام.
وباستثناء هذا القانون، كل شيء ينضوي تحت الاتفاق الوطني الواسع الذي هو لعنة إسرائيل، على دولة يهودية لا توجد فيها مساواة مع امتيازات لليهود وتفوق لهم.
من هنا ينبع أيضا حق إسرائيل المسلم به في حكم شعب آخر في «المناطق» المحتلة.
وبين نتنياهو وغانتس لا يوجد أي نقاش حول ذلك.
نتنياهو يقول: احتلال (ولا يضم)، وغانتس يوافق على الاحتلال (بشروط معينة)، في الوقت الذي يجري فيه الاحتلال الفعلي منذ عشرات السنين بموافقة الجميع، دون أي نية لوضع نهاية له. من ايتمار بن غبير وحتى عمير بيرتس ومرورا بنيتسان هوروفيتس لا يوجد أي خلاف حقيقي على ما هو مسموح به يهوديا في «ارض إسرائيل». جميعهم مع الدولة اليهودية والديمقراطية، رغم التناقض غير القابل للجسر بينهما والحاجة التي لا مناص منها لاختيار واحد منهما. لذلك، فان الانتخابات اليوم هي أقل حسماً مما يبدو. إسرائيل نتنياهو وإسرائيل غانتس متشابهتان بدرجة مدهشة.
الجنون المناهض لنتنياهو يهدف إلى التغطية على ذلك، واستخدامه كفزاعة للصراع - «مصير الديمقراطية»، «مستقبل سلطة القانون»، «نهاية الدولة» و»خراب الهيكل» – وهذه الكلمات العالية عديمة الغطاء.
إذا كان يوجد شرخ فكري عميق فهو فقط بين القائمة المشتركة والآخرين. نحو 15 مقعداً مقابل 105 مقاعد، هذه هي القصة الحقيقية. صحيح أن الأصوليين يعلنون عن انفسهم بأنهم غير صهاينة، لكن لا يوجد لذلك أي صلة بالواقع: هم كبار المستوطنين.
حان الوقت لرحيل نتنياهو، وحان الوقت ليحل غانتس محله. ولكن الظلام هو أقل ظلمة بكثير. والضوء هو أقل إضاءة بكثير. في بريطانيا جرت، مؤخراً، انتخابات مصيرية بين اليمين واليسار.
وفي الولايات المتحدة ستجرى انتخابات مصيرية بين دونالد ترامب وبيرني ساندرز.
وفي إسرائيل كل ما بقي أن نأمله هو أن ماي غولان، رقم 34 في «الليكود»، لا يتم انتخابها.
وأن إيمان الخطيب ياسين، رقم 15 في القائمة المشتركة، يتم انتخابها. وهذا قليل جداً على انتخابات مصيرية.

عن «هآرتس»