هل تؤدي "صفقة القرن" إلى خسارة نتنياهو؟

حجم الخط

بقلم: دافيد هوروفيتس


مع اقتراب يوم الانتخابات، استعاد نتنياهو تفوقه الكبير على غانتس في إجابة الإسرائيليين عن سؤال من رئيس الوزراء المفضل لإسرائيل. في بعض الأحيان، في الأشهر الأخيرة، منحت الاستطلاعات نسبا متساوية للرجلين؛ فيوم الجمعة الماضي، أظهر استطلاع القناة 12 أن 44% من الإسرائيليين يفضلون نتنياهو رئيسا للوزراء، مقابل 32% لغانتس، في حين منح استطلاع القناة 13 تفوقا لنتنياهو بنسبة 45%  مقابل 35% لغانتس.
إلا أن هناك ما يشوب هذا المشهد السياسي المشجع نسبيا لرئيس الوزراء. الشيء الذي يخشاه أكثر من بيني غانتس، يوم الانتخابات، هو تصويت الناخبين العرب في إسرائيل.
في يوم الانتخابات في العام 2015، استخدم نتنياهو منصات التواصل الاجتماعي لنشر التأكيد على أن الناخبين العرب «يخرجون بأعداد كبيرة» إلى صناديق الاقتراع، وهو ادعاء مشكوك فيه في ذلك اليوم، لكنه استُخدم بهدف نشر الذعر في صفوف مناصريه من أجل تحفيزهم للخروج والتصويت بأكبر أعداد ممكنة.
في نيسان 2019، سعى نشطاء، قام حزب «الليكود» باستئجار خدماتهم، إلى ترهيب الناخبين العرب من خلال وضع كاميرات في مراكز الاقتراع في المناطق العربية؛ فقد كانت نسبة التصويت في صفوف الناخبين العرب في نيسان منخفضة ووصلت إلى 50%.
لكن في أيلول، قرر المجتمع العربي في إسرائيل وبشكل واضح ألا يرتدع، وشجعه في ذلك كما يبدو إعادة توحيد الأحزاب ذات الغالبية العربية في «القائمة المشتركة»، وارتفعت نسبة التصويت في الوسط العرب بشكل دراماتيكي، إلى 60%، لتفوز القائمة المشتركة بـ 13 مقعدا، مقارنة بالمقاعد العشرة في نيسان.
قبل هذه الانتخابات منح استطلاع القناة 12 القائمة المشتركة 14 مقعدا، في حين توقعت له القناة 13 الفوز بـ15، حيث قدر منظمو الاستطلاعات أن تصل نسبة التصويت في صفوف الناخبين العرب إلى حوالي 65%، التي لا تبعد كثيرا عن المتوسط العام (في نيسان بلغت نسبة التصويت في إسرائيل 68.5%، وفي أيلول 69.7%).
وقال أيمن عودة وأحمد الطيبي وأعضاء كنيست مخضرمون آخرون من القائمة المشتركة، إنه إلى جانب الشعور الطويل بالنفور من نتنياهو، فإن ما يحفز الوسط العربي – الذي تشكل نسبته حوالي ربع سكان إسرائيل – على التصويت على وجه الخصوص هذه المرة هو معارضته لخطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للسلام.
لا تريد السلطة الفلسطينية أي علاقة مع الإدارة الأميركية، وقد رفضت بشدة الاقتراح، الذي يعرض على الفلسطينيين في نهاية المطاف سيادة مقيدة ومشروطة وموطئ قدم صغيرا في القدس، بينما يمنح إسرائيل الحق في ضم 30% من الضفة الغربية، بما في ذلك جميع المستوطنات. وتعارض القائمة المشتركة هي أيضا خطة ترامب بشدة، ولكنّ هناك بندا واحدا في هذا الاقتراح الأميركي يغيظ الوسط العربي في إسرائيل على وجه الخصوص، كما يقول ممثلوه من أعضاء الكنيست.
تشمل الخطة إشارة إلى تبادل أراض محتمل من شأنه تسليم البلدات العربية فيما تُسمى منطقة «المثلث» الواقعة جنوب شرقي حيفا للسيطرة الفلسطينية. الخطة «تتصور إمكانية إعادة رسم حدود إسرائيل، مع مراعاة موافقة الأطراف، بصورة تصبح فيها بلدات المثلث جزءا من دولة فلسطين».
في اليوم الذي كشف فيه ترامب عن الخطة، وصف رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، البند بأنه «نقطة النهاية الحتمية لأجندة ترامب وبيبي العنصرية، وضوء أخضر لتجريد مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين العرب الذين يعيشون في شمال إسرائيل من جنسيتهم».
في حين أن استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة أظهرت ازديادا في قوة «الليكود»، إلا أنها أشارت في المقابل إلى صعود في قوة القائمة المشتركة أيضا، والذي بلغ ذروته، الجمعة، مع التوقعات بحصول الحزب على ما بين 14-15 مقعدا.
وأعرب نتنياهو عن دعمه لخطة ترامب باعتبارها جيدة بشكل غير مسبوق لإسرائيل، وأنها صيغت فقط بسبب العلاقة الاستثنائية التي نجح ببنائها مع ترامب والإدارة الأميركية.
مع شعوره بالنشوة إزاء محتواها، توقع نتنياهو بوضوح أن تساعده الخطة في الانتخابات. سيكون من المفارقة الهائلة إذا كانت هذه الخطة – وخاصة بند إعادة رسم الحدود؛ وهو بند أعلن نتنياهو القلق، الأسبوع الماضي، عن رفضه له – هي ما سيكلفه الغالبية في الكنيست، مرة أخرى.
أظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل أنه لا يمكن الاعتماد عليها. تحولات صغيرة في تفضيلات الناخبين ونسبة التصويت يمكنها أن تعيد صياغة الخريطة السياسية الحساسة. ولكن استطلاعات الرأي الأخيرة، يوم الجمعة، أظهرت أن نتنياهو، الذي هاجم غانتس باستمرار، قد يجد نفسه في مواجهة حالة حقيقية مما زعمه في العام 2015: خروج الناخبين العرب إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة بسبب غضبهم من خطة ترامب للسلام.

عن «تايمز أوف إسرائيل»