د- منطقة أمنية للدفاع عن مطار بن غوريون: سيادة إسرائيلية على المناطق المشرفة على المطار ومتابعة برية لحركة الطائرات لدى وصولها.
ه- سيطرة إسرائيلية على غلاف أمني: بحسب الخطة، ستحيط إسرائيل بكل أجزاء المناطق الفلسطينية، وستسيطر على الحدود الخارجية، وستتحمل مسؤولية أكبر في المراقبة الأمنية على المعابر الخارجية للدولة الفلسطينية (أللنبي - المعبر إلى الأردن، ورفح - المعبر إلى مصر). في الفترة الأولى لن يقام مرفأ بحري في قطاع غزة، وتتعهد إسرائيل بالسماح باستخدام فلسطيني لمرافئ إسرائيل - "أشدود"، وحيفا، مع صلاحيات إسرائيلية مطلقة في التدقيق الأمني.
و- ملاءمة العائق الأمني لخطوط الحدود الجديدة: في مناطق فلسطينية محاذية للحدود الجديدة، من حق إسرائيل الموافقة على مشاريع لاستخدام الأرض والبناء في الجانب الفلسطيني، بما يتناسب مع حاجاتها الأمنية.
ز- تنسيق أمني وثيق بين إسرائيل وأجهزة الأمن في الدولة الفلسطينية:
ترفض الخطة انضمام قوات دولية في إطار ترتيبات الأمن بين الدولتين، بالاستناد إلى تجربة سلبية لمدى فعالية قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة.
ح- مسؤولية إسرائيلية متزايدة في تحديد معايير أداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتطبيقها: وذلك قبل نقل مناطق إلى سيطرتها الأمنية.
الرفض الفلسطيني
ثمة صعوبات جوهرية يمكن أن تنشأ جرّاء الرفض الفلسطيني الشامل للخطة: السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية هما بمثابة "الحاضر الغائب" في خطة ترامب التي تدّعي تحديد المستقبل الفلسطيني الوطني. معنى المخطط المقترح هو هزيمة النضال الفلسطيني لتحقيق الوطنية، لأنها تقوّض الاعتقاد بأن الزمن يعمل للمصلحة الوطنية الفلسطينية، وأن المجتمع الدولي سيفرض، مع مرور الزمن، على إسرائيل شروط الفلسطينيين للتسوية. بناء على ذلك، ليس من المفاجئ أن ترفض كل الفصائل الفلسطينية الخطة بشدة. فبالنسبة إليهم، الخطة وانعكاساتها هما خطر وجودي حقيقي على الإنجازات التي حققوها حتى الآن، وعلى رؤية الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة الكاملة. من الصعب العثور على زعيم فلسطيني في الحاضر والمستقبل يوافق على مخطط دولة فلسطينية مجزأة ومشرذمة ومحاطة بإسرائيل، عاصمتها أحياء في أطراف القدس الشرقية. زعماء الشعب الفلسطيني الذين رفضوا كل اقتراحات التسوية التي طُرحت عليهم حتى الآن، لا يستطيعون قبول مخطط ترامب، ومعناه الواضح بالنسبة إليهم استسلام، وينطوي على تهديد فعلي بخسارة مطلقة للشرعية الشعبية.
مع نشر الخطة، جرت محاولة لتنسيق المواقف وطرق النضال بين السلطة الفلسطينية وسلطة "حماس" في القطاع، في الأساس لمواجهة احتمالات ضم مناطق من طرف واحد من قبل إسرائيل. لكن الطرفين لم ينجحا في التعالي على الخلافات والتناقضات بينهما. في هذه الأثناء، سجّل محمود عباس لمصلحته تنديده بالخطة الذي سُمع في الساحة الدولية والعالم العربي. في الوقت عينه، هو يشكل هدفاً لانتقادات الجمهور الفلسطيني، من جهة، بسبب لفشل الدبلوماسي. ومن جهة أُخرى، بسبب تجنب الاحتكاك المتزايد بالقوات الإسرائيلية، والفشل في تحريك تظاهرات احتجاج شعبية. وبالاستناد إلى استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية PCPSR، فإن 94% من الذين شاركوا فيه أعربوا عن معارضتهم الخطة، أيضاً من دون أن يسجَّل تصعيد كبير في التظاهرات في الضفة الغربية أو هجمات ضد إسرائيل. حتى الآن، محمود عباس متمسك بسياسته الرافضة لـ "الإرهاب"، ولم يتعرض للتنسيق الأمني مع إسرائيل، خوفاً من أن يؤدي اندلاع "الإرهاب" في الضفة إلى رد إسرائيلي حاد يزعزع وضع السطة الفلسطينية والإنجازات السياسية التي حققتها حتى الآن. لكن على الرغم من الهدوء النسبي وعدم حماسة الجمهور للخروج إلى الشوارع ونقاط الاحتكاك بقوات الأمن الإسرائيلية، فإن ضم إسرائيل لمناطق في الضفة من طرف واحد، من المتوقع أن يحشر "فتح" و"حماس" في الزاوية، ويجبرهما على انتهاج العنف، مع أن حجم وقوة التطورات في هذا الاتجاه سيكونان مرتبطين بحجم ومكان الضم.
صعوبات إضافية
موقف الأردن: الأردن هو الحلقة الضعيفة في المنظومة العربية. تواجه المملكة الهاشمية معضلة من العيار الثقيل؛ فهي تعتمد اقتصادياً وأمنياً على الولايات المتحدة، لكنها تتخوف كثيراً من أن تغلق الخطة بالفعل الباب على حل الدولتين وعندئذ ستطرح من جديد فكرة أن الأردن هو الوطن الفلسطيني البديل. علاوة على ذلك، البعد الديموغرافي الفلسطيني في تخوم المملكة يجعل من الصعب على العائلة المالكة اتخاذ موقف يمكن أن يُعتبر أنه يمس بالشعب الفلسطيني. على الرغم من هذه المعضلة، فإن الملك عبد الله اتصل بمحمود عباس لدى نشر الخطة لدعمه، وأوضح تأييد الأردن لفكرة الدولتين، بحسب النموذج التقليدي المقبول من العالم العربي. وفي الوقت عينه، لا تسمح العائلة المالكة بالانتقاد العلني لعلاقات السلام مع إسرائيل.
موقف مصر: لم تعبّر مصر بعد عن موقفها الرسمي إزاء الخطة، مع أنه سُمع عدد من المواقف المؤيدة لمحاولات الوساطة الأميركية، من دون تأييد رسمي واضح للخطة. الصعوبة المركزية بالنسبة لمصر تنبع من حاجتها إلى دعم الفلسطينيين، ولقد فعلت ذلك بصفتها جزءاً من الجامعة العربية، وفي الوقت عينه، تريد المحافظة على علاقات ثنائية جيدة بين القاهرة وواشنطن. عدد من المكونات في الخطة يلبي المصالح المصرية: تجريد "حماس" من سلاحها، وعودة حكم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، فكرة السلام الاقتصادي، وفي الأساس توظيف 9 مليارات دولار في تنمية مصر بشرط أن تطبيق الخطة لا يمس بالسيادة المصرية في شمال شبه جزيرة سيناء، وأن تتعامل مع حاجات مصر الأمنية. لكن النقد المصري يتركز على تقديم الخطة من طرف واحد، واعتبارها خطة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
موقف دول الخليج: توقع الذين فكّروا في الخطة أن تعمل الأنظمة العربية المقربة من الولايات المتحدة على إقناع الزعامة الفلسطينية بإبداء موقف إيجابي وعدم رفضها بالمطلق. لكن توقعاتهم خابت، فقد حرك نشر الخطة موقفاً عربياً وإسلامياً علنياً إلى جانب الفلسطينيين، وأيّد معارضتهم المخطط المقترح. وعلى الرغم من التصريحات المعارضة للخطة التي سُمعت من منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية اللتين رفضتاها رسمياً، ليس هناك اتفاق في المواقف بين الدول الأعضاء في هاتين المنظمتين في هذا السياق. جزء من هذه الدول يرى في الخطة أساساً لمفاوضات أو كبديل سيناريو غير معقول، لذلك هو لا يرى سبباً للاختلاف بسببها مع إدارة ترامب. لكن ليس هناك دولة من بين الدول التي أعربت عن تأييدها للخطة قبِلتها كما هي. ممثلون من دول الإمارات، وعُمان، والبحرين، كانوا موجودين بحفل إطلاق الخطة في البيت الأبيض، قالوا بعد ذلك: إنهم لم يطّلعوا على تفصيلاتها، وإنهم دُعوا إلى المناسبة على أساس وعد بأن المبادئ المهمة بالنسبة إلى العالم العربي - عاصمة فلسطينية في القدس، وقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة - موجودة فيها. بعد نشر الخطة تبين أن هذه المبادئ بعيدة عن توقعات الدول العربية وهي تؤدي إلى تغير في المكانة الإسلامية للمسجد الأقصى وتسمح بصلاة اليهود في الحرم الشريف. وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين إدارة ترامب والسعودية، لم تعلن المملكة تأييدها للخطة أو تعترف بأنها تشكل أساساً لمفاوضات، وفي حديث مع محمود عباس، أعرب الملك سلمان عن تأييده للشعب الفلسطيني من دون تحفظ. الكويت وقطر تحفظتا على الخطة، لكنهما هنـأتا الإدارة الأميركية على جهودها. وفي مقابل سعي إسرائيل في العقد الأخير للتطبيع مع العالم العربي، تبرز رغبة متبادلة من أجل الدفع قدماً بالعلاقات على أساس مصالح إستراتيجية مشتركة، لكن بالنسبة إلى هذه الدول، لا يكفي هذا لاتخاذ موقف إيجابي من خطة السلام، بحسب مخطط ترامب.
موقف المجتمع الدولي: أغلبية المجتمع الدولي لا تشارك في الحماسة الإسرائيلية - الأميركية للخطة وقد رفضها عدد من الهيئات والدول المهمة. بعد رفض الجامعة العربية الخطة، عبر الناطق بلسان الكرملين ديمتري باسكوف عن موقف الكرملين ضدها بحجة أنها تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة بشأن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وغير قابلة للتحقيق بالنسبة إلى الفلسطينيين والعالم العربي. الاتحاد الأوروبي يواجه صعوبة في صوغ موقف مشترك بين جميع الدول الأعضاء، ولم يعبّر عن موقف رسمي ضد الخطة، لكن الممثل الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد جوزيف بوريل بونتلس ذكّر بالتزام الاتحاد بحل الدولتين على أساس خطوط 1967، مع دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل جغرافي، وبذلك، رفض فعلاً الصيغة المقترحة. في الوقت عينه، يرى الاتحاد في الخطة فرصة لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. تجدر الإشارة إلى أنه في الكونغرس الأميركي سُمعت أصوات ضد الخطة، إذ قدّم نحو 107 مندوبين من الحزب الديمقراطي كتاباً إلى الرئيس ترامب، ادّعوا فيه أن الخطة لا تسمح بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأشار موقّعو الكتاب إلى أن الخطة لا تحمل نية حسنة، لذا لا يمكن التعامل معها بجدية.
عن "مباط عال"
* باحثون في معهد دراسات الأمن القومي.
