نـتـنـيـاهـو يـجـنـي الـثـمـار ..

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل



جهود اختراق الأسوار، التي تحيط بقلعة بلفور، تم صدها بوساطة الأحجار المقدسية السميكة، وتناثرت الشظايا بقوة وعادت إلى من أطلقوها.
فوز "الليكود" وبنيامين نتنياهو هو نتيجة سلوك، الخوف من الضربة القاضية، وجموح لا يعرف الحدود.
مئات آلاف الكلمات والشتائم والأكاذيب والسم كانت أدوات العمل الناجعة لناخبي نتنياهو، ولكنها لم تأتِ من فراغ.
الثقافة التي تطورت خلال عقد على الأقل، والتي فيها تم صهر أفكار فاشية وعنصرية، دينية وقومية متطرفة، ومسيحانية مجنونة، أوجدت مجتمعا متغطرسا ودولة لم توافق فقط على وضع شخص من المافيا على رأسها، بل هي تحارب أيضا من أجل أن يواصل إدارتها.
ولم ينجح الشعب المختار فقط في أن ينبت داخله بديلا للقيادة وبديلا لنظام عصابات، جزء من البديل الذي تقدم للانتخاب هو جزء يشبه بشكل كبير "الليكود".
ولا يقل عن ذلك أهمية إدراك ناخبي نتنياهو للمعنى الشامل للخسارة، التي تعني بالنسبة لهم تحطمه كطبقة حاكمة. في المقابل، لم يكن لناخبي "أزرق أبيض" ما يخسرونه في الحقيقة.
نتنياهو قام بدمج إسرائيل جيداً في الشرق الأوسط، الذي فيه الزعماء يحكمون حتى موتهم.
ولكن ليس مثلما في كثير من الدول العربية، في إسرائيل لم تنشأ حركة احتجاج جماهيرية قالت كفى، وخرجت إلى الشوارع وقضت على الزواحف.
وإذا كانت هناك حاجة إلى دليل ما فإن الانتخابات الثالثة، التي هي مهزلة تم جر الجمهور إليها رغم أنفه، أوضحت مرة أخرى أن الديمقراطية الإسرائيلية هي صورة ثلاثية الأبعاد لا توجد في الواقع.
ولكن من وراء الكواليس تم وضع بطاقات تحمل حروفاً مختلفة كلياً، كل واحد منها يمثل تياراً وحركة فكرية، وكأنه حقا كانت هناك انتخابات تتعلق بالقيم والمعتقدات.
في تردد اللحظة الأخيرة وأحياناً بخوف كبير يتم انتخاب البطاقة المقدسة، التي فيها أمل بمجتمع أفضل وواقع أكثر جدارة، يتم وضعها في صندوق الأمنيات. ولكن "هذا مثل شراء بطاقة يانصيب"، قال أحد المصوتين الذي وقف في الطابور. "أنت تعرف أنك لن تربح، ولكن هذا يستحق الحصول على بضع ساعات من الأمل".
مقولة مارك توين "لو كانت الانتخابات يمكنها أن تغير أي شيء حقا، لما كانوا سمحوا لنا بإجرائها"، يمكن أن تزين صناديق الاقتراع لدينا.
يبدأ التنبيه، الآن، فقط، وهو سيدور حول مسائل إجرائية وقانونية. هل بإمكان رئيس الدولة إلقاء تشكيل الحكومة على شخص متهم بثلاث مخالفات؟ هل ستقرر المحكمة العليا الحسم في مسألة ستحدد هوية رئيس الحكومة أم سيتم دفع الالتماسات وتوجيهها نحو مقر الرئيس؟ وكم من التوصيات التي سيحصل عليها نتنياهو وماذا سيكون ثمنها السياسي والاقتصادي؟ والسؤال الرئيس هو هل ستكون هنا حكومة أم سنتوجه إلى انتخابات رابعة؟ نسبة التصويت المرتفعة، ربما هي الأكثر ارتفاعا خلال عقود، حطمت التقدير الذي يقول إن الجمهور سئم من الانتخابات، وإنه أصبح غير مهتم، أو إنه على الأقل سيعاقب مدير السيرك.
إن العكس هو الصحيح. فخدعة "الانتخابات المصيرية" و"الفرصة الأخيرة" و"القرار الذي لا جدال حوله"، كل ذلك فعل فعله. ولكن كيف يمكن حل التناقض بين الإيمان العميق بعملية الديمقراطية والقوة التي توجد لدى الجمهور على تغيير الواقع البائس المحبوس فيه وبين الاستعداد للسماح لمن يشكل الخطر الأكبر على الديمقراطية بمواصلة إدارة الدولة؟
هذا التناقض لا توجد إجابة له. من الواضح فقط أن من نظم لنفسه انتخابات ثلاث مرات يدرك قدرته على خداع الجمهور وأنه يستطيع استخدام ألاعيبه في المرة الرابعة.
الآن يجب علينا الحذر الشديد من الشرك القادم، الذي بدأ يطلق الأضواء الملونة، الذي يسمى حكومة وحدة.
رزمة الأكاذيب هذه هي عرض آخر من الأوهام التي يمكن أن تعد بالخير، لكنه سيقضي على الفرصة الوحيدة لإقامة نظام حكم نظيف وقيام معارضة.
جرت هذه الانتخابات دون معارضة حقيقية. الكثير من ناخبي "أزرق أبيض" وضعوا البطاقة مع ترديد الاعتذار والشرح، وهم يضعون إصبعين على الأنف لإغلاقه.
حكومة وحدة ستسرق من أصحاب هذه المقاعد حتى القليل من التفاؤل بأن انتخابات مستقبلية يمكن أن تجلب التغيير.

عن "هآرتس"