توقع السكرتير العام للهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير، ناصر الهدمي، زيادة معدلات هدم المنازل في مدينة القدس بعد إعلان ما تُسمى بـ"صفقة القرن"، والتي تعتبر القدس عاصمة موحدة لـ"إسرائيل"؛ لأنّ الاحتلال الإسرائيلي بات ينظر للمدينة بشكلٍ مختلف بعد الاعتراف بالقدس كعاصمة ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وقال الهدمي في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ الاحتلال ينظر إلى الفلسطينيين في القدس الشرقية كضيوف، يحملون إقامات مؤقتة بتواريخ محددة -في إشارة للهوية الزرقاء-، وبالتالي لا تُرصد لهم موازنات في ميزانية البلدية، رغم إرهاقهم بالضرائب وأبرزها الأرنونا".
وأظهرت تقارير حقوقية أنّ قوات الاحتلال هدمت 20 ألف منزل في مدينة القدس خلال العام الماضي، فيما تم هدم 17 منزل منذ بداية العام الحالي.
وأضاف: "الاحتلال ينظر للمقدسيين كعائق مع توسع انتشار المستوطنات في القدس الشرقية؛ حيث يحاول التقليل من تواجدهم عبر سياسة الهدم التي تعد جزءًا من عمليات تهويدية كثيرة لإرغامهم على ترك المدينة؛ تطبيقًا لسياسة عرب أقل مقابل أرض أكثر".
وأوضح الهدمي أنّ أعداد الفلسطينيين في القدس الشرقية تُقدر بـ"338" ألف مقدسي، أي ما نسبته 38%، لافتًا إلى أنّ هذا العدد يزيد ويقل بناءً على وجود بعض المقدسيين خارج الجدار في كفر عقب وشعفاط، وهم الذين يحاول الاحتلال قدر المستطاع أن يفصلهم عن المدينة.
وبشأن تداعيات عمليات الهدم على الفلسطينيين في القدس، قال الهدمي: "إنّ عمليات الهدم تتم بناء على سياسية ممنهجة للاحتلال؛ الهدف منها منع التمدد الجغرافي للفلسطينيين في القدس".
وتابع: "تأثيراتها الواضحة، تتمثل في انخفاض نسب الخصوبة لدى المرأة الفلسطينية في القدس مقابل ارتفاعها لدى النساء اليهوديات المتدينات في المدينة اللواتي تقدم لهم حكومة الاحتلال كل الدعم لزيادة النسل في المدينة، وذلك خلال العشر سنوات الأخير، وفقًا لمركز القدس لدارسات السياسيات الإسرائيلي".
ولفت إلى أنّ اليهود العلمانيين الذي يؤمنون بالحياة العصرية يغادرون المدينة التي باتت محتلة من اليهود المتدينين، مُردفاً: "لكنّ رغم كل إجراءات الاحتلال إلا أنّ نسبة المقدسيين في المدينة زادت بشكلٍ لا يتوقعه الاحتلال".
وأوضح الهدمي أنّ أهم أدوات زيادة نسبة المقدسيين، هي اللجوء لعمليات البناء غير المرخص التي بلغت 30ألف منزل، رغم السلبيات الاجتماعية والاقتصادية لذلك، مُشيرًا إلى أنّ البديل لذلك هو الهجرة من المدينة وفقدان الإقامة الدائمة "الهوية الزرقاء".
وبشأن سبُل الحد من عمليات الهدم لمنازل المقدسيين، قال الهدمي: "لمواجهة سياسية الهدم، لابد من التماشي مع القانون الإسرائيلي"، مُستدركاً: " لكنّ القانون الإسرائيلي موجود لمنع المقدسيين من البناء؛ ولذلك لا بد من استمرار البناء في الأراضي الفارغة التي يمتلكها الفلسطينيين في القدس".
وأكّد على ضرورة عدم إعطاء سلطات الاحتلال أي مجال لمصادرة الأراضي، أو إبقائها فارغة؛ وذلك لأنّ طاقة سلطات في الهدم محدودة، "وبالتالي يجب أنّ نسبق هذه الطاقة، بحيث لا تستطيع هدم كل ما يتم بناؤه حتى يثبت ويُصبح واقع".
وبيّن أنّ رؤية رئيس بلدية الاحتلال في القدس سابقًا، نير بركات، بشأن إعطاء تراخيص بناء للمقدسيين، تقول: "لا نستطيع أنّ نُعطى المقدسيين ما يحتاجون، لأننا إنّ فعلنا ذلك سنصحو على المدينة بأغلبية فلسطينية".
وشدّد على أنّ وجود المقدسيين يُسبب مشكلة ديمغرافية تؤرق الاحتلال؛ وبالتالي ينتهجوا سياسة الهدم بوعى واضح، مُنوّهاً إلى أنّ ممارسات الاحتلال من هدم أو غيره عبارة عن حملة تطهير عربي بحق سكان القدس ويجب محاربته دوليًا.
وختم الهدمي حديثه، بالقول: "يجب أنّ تتحول عملية التعويض إلى سياسية واضحة، بحيث يُعوض من يُهدم منزله مرة واثنتين وثلاثة؛ حتى نثبت للاحتلال أنّه لا بديل للفلسطيني عن أرضه".