في غزة المكلوُمة حرائق، وكوارث ونكبات فّمن المسؤول؟؟

حجم الخط

بقلم أ.د.جمال عبد الناصر محمد أبو نحل

 

 من المعروف: "أن درهم وقاية خيرٌ من قِنطّارِ علاج"، وأعظم تنمية في الدنُيا هي التنمية البشرية، والاستثمار في ترقية، وتطوير حياة الانسان، والاهتمام بها، وتعزيزها من خلال الصحة، والتعليم، والرعاية، والتربية الأخلاقية السليمة، وتوفير مقومات الحياة الكريمة لها؛ وصحيح أنهُ لا يغني حذر من قدر؛ ولا مفر من قدر الله، إلي قدر الله، ولكن الله عز، وجل يقول في محكم التنزيل: "يا أيها الذين أمنوا خذوا حِّذركم"، أي الحيطة، والحذر، واتخاذ كافة اجراءات السلامة، والأمن، والأمان في كل شيء، و وقت، وحين، وزمان، ومكان، والحديث النبوي واضح: "اعقِّلْ وتُوكل"، ولم يقُول تواكل!!؛ ونحن اليوم نري العالم يعاني من الكوارث والمصائب مثل " فايروس كورونا: والتي اكتشف حالات مصابة به مؤخراً في فلسطين!؛ وقد فجع شعبنا اليوم بخبر حادثة أليمة؛ حيثُ وقعت كارثة رهيبة، ومأساوية كبيرة في قطاع غزة اليوم الخميس، توفي علي أثرهِا ما يُقارِب من 13 مواطن من بينهم 4 أطفال و 3 سيدات، وأصيب أكثر من خمسين أخرين منهم اصابات بحروق خطيرة إثر انفجار عدد من اسطوانات غاز في مخبز البنا وسط سوق مخيم النصيرات، وقد وقع الانفجار في صهريج غاز خاص بمخبز البنا، وامتد الحريق لمحلات، ومعارض تجارية، وجمعية، وعيادة الوكالة المجاورة؛ إنها كارثة كبيرة، ومصيبة حلت بشعبنا، لذلك يجب دق ناقوس الخطر، ومحاسبة المسؤولين المقصرين، عن السلامة الأمنية، لأن أرواح الناس ليست رخيصة لتذهب هكذا دون حسيب أو رقيب!؛ ولا شك أن تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية في قطاع غزة هي جُزء من المشكلة العامة، ولكن الجانب الأكبر مما حدث من كارثة، سببهُ الاستهتار، والاهمال في كل شيء!؛ ولا يغيب عن أحد من سكان قطاع غزة ما نراه يومياً في الطرقات، حيث السيارات تسير، وتقف فجأة، لِّتحُمِل الركاب، ويوقف سائق السيارة مركبتهُ في وسط الطريق دون أي وازع أخلاقي، وحتي يقف بعضهم أما باب المستشفيات، والطرقات الرئيسية، " ومن أمن العقاب أساء الأدب"، والشرطة غالباً أصبحت تتفرج!!؛ وتري الأرصفة في غزة توجد عليها البسطات للباعة المتجولين مما يجعل المُشاة يسيرون في وسط الأسفلت مما يعرض حياتهم للخطر، ناهيك عن الباعة المتجولين، وخاصة أصحاب الكارات والحمير، والذين يضعون علي ظهر البهائم مكبرات صوت!؛ وينادون باعلي صوتهم ليسوقوا سلعتهم ويبيعوا، مما يؤذي النائم، وحتي المصلي في المسجد، ويؤذي الصوت المرتفع المريض، ويطرش الصحيح فيجعله سقيماَ!؛ إننا يا سادة نعيش أزمة أخلاق وانعدام القيم، وضياع الموروث الثقافي، والأخلاقي والحضاري والأدبي، في مجتمعنا، وكأننا في فوضي عارمة!!؛ فلا نظام، ولا أمن، ولا سلامة نتبعها، والمهم عندنا جباية المال، والضرائب!؛ وهنا لابد من أن ندق ناقوس الخطر لترخيص البلديات لبعض المحلات والمحطات، من خلال الواسطة والمحسوبية وطرائق أخُري غير مشروعة أغلب الناس تعرفها الخ..، كل ذلك يتم دون تمحيص أو حسيب، ورقيب، أو تدقيق أو مراعاة للسلامة العامة، والتساهل عند اعطاء التراخيص لمحطات الوقود، وبيع المحروقات كالغاز، والسولار الخ، دون مراعاة السلامة الأمنية، وخاصةً في وسط الأحياء السكنية، والأسواق، دون مراعاة السلامة المهنية والأمنية؛ فتلك كارثة كبيرة تضاف لكوارث الاحتلال، وكذلك إن ترخيص بنايات، ومحلات ومخابز، ومحطات، مجاورة لمخازن أخشاب، وملاصقة لبعضها البعض، وبين السكان دون أخذ جوانب الأمن والسلامة والحيطة والحذر، ومراعاة مصلحة وأمن المواطنين، مما قد يؤذي لتعريض حياة الناس للخطر الشديد!؛ نحن نعيش أزمة أخلاق، وضياع المبادئ، والقيم، والمُثل العُليا، وكأن حياة الناس أصبحت رخيصة بلا أثمان، علماً أنها غالية عند رب العالمين، لدرجة أن تهدم الكعبة المكرمة حجراً حجراً أهون عند الله من إهدار دم إنسان مسلم!؛ ولو حصل كارثة بحجم الحريق الكبير الذي حصل اليوم في مخيم النصيرات بقطاع غزة في أي دولة أوروبية، أو غربية لّسقطت حكومات، واستقال وزراء ولأحُّيِل مسؤولين للتحقيق والمحاكمة والمحاسبة!؛ فيا سادة اتقوا الله فإن أرواح الناس ليست رخيصة، وها هو فايروس كورنا أتي فلسطين زائراً غير مرحبا به فماذا أعددنا له من وقاية وارشاد وخطوات وخطة عمل وطوارئ أم أننا تعودنا علي الاهمال، وغض الطرف!! أوقظوا صواحب الحجرات فإن الخطر جسيم، والأمر خطير فكم نحن بحاجة ماسة إلي إعادة النظر في كل شيء بحياتنا اليومية وفي معاملاتنا نتمنى السلامة لشعبنا وللجميع ورحم الله الشهداء والأموات وخالص العزاء لأسر الضحايا، وليثنا نتعلم من أخطائنا، وأن نكون قد تعلمنا الدرس، وأن لا يتكرر ما حدث من مأساة وكارثة كبيرة.