صراع عميق على روح إسرائيل الصهيونية

حجم الخط

بقلم: يوفال ديسكن


في هذه الأيام، حيث تجري ثلاث حملات انتخابية في السنة، يبدو أن كل مرشح يسارع إلى التباهي بماضيه العسكري – الأمني بدلاً من أن يقول أقوالاً واضحة عن جوهر دولة إسرائيل. أنا لستُ مرشحاً، ومع أو بلا صلة لا أعتزم أن أتباهى «بكم من النجوم توجد على كتفي»، أو في أي وحدة خدمت في الجيش الإسرائيلي أو في المخابرات الإسرائيلية. هذا ليس مهماً. الأمر الوحيد ذو الصلة، هو كوني مواطناً في دولة إسرائيل، يهودي وصهيوني ومؤيد متحمس لرؤيا دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية، بروح وثيقة الاستقلال. وبما يتناسب مع ذلك، أريد لدولتنا أن تكون دولة مع أغلبية يهودية واضحة. ولكن ليس أقل من ذلك، أريد دولة تمنح حقوقاً مدنية كاملة لكل مواطنيها، بلا استثناء.
لكل مواطنيها معناه ليس فقط لمواطنيها اليهود، بل وأيضاً لمواطنيها المسلمين، المسيحيين، الدروز، الشركس، البهائيين والملحدين. للجميع. المواطن هو مواطن. ولهذا عرضت على رؤوس الأشهاد قانون القومية. قانون شعبوي، معيب وغبي يقوّض الرؤيا الرسمية لوثيقة الاستقلال. صحيح، قد لا تكون هذه رؤيا كاملة ولكني لا أزال (مع كثيرين آخرين) أتماثل معها لأنها تعطيني البنية التحتية القيمية والأخلاقية لأن أشعر بأن هذه هي الدولة التي أنتمي إليها، أحبها وأريد أن أدافع عنها. دولتي. الدولة التي أريد لأولادي وأحفادي أن يعيشوا فيها.
بالإلهام الديمقراطي لوثيقة الاستقلال ذاتها، فإن لمواطني إسرائيل العرب الحق في التمثيل في الكنيست. هم شركاء شرعيون للائتلاف أو المعارضة. في الداخل أو في الدعم من الخارج. بفضل هذه الوثيقة نشأ ضمن أمور أخرى حزب مواطني إسرائيل العرب، ألا وهو القائمة المشتركة. تلك القائمة التي يتعاون معها بيبي بين الحين والآخر. مثلما، مؤخراً، فقط حين كان يحتاج لأن يحل الكنيست، أو في العام 1995 حين حاول مع الأحزاب العربية إسقاط حكومة يسارية في تصويت حجب الثقة. هكذا ينبغي أن يكون. القائمة هي شريك شرعي. ولكن ليس فقط لبيبي.
نعم، أعارض بشدة آراء التجمع الديمقراطي، وكان يسرني لو كانت المحكمة العليا شطبت ترشحهم ومنعتهم من التنافس في الانتخابات للكنيست. ولكن بالقدر ذاته، أعارض بشدة أيضاً آراء الكهانيين العنصريين اليهود، وكان يسرني لو كانت المحكمة العليا منعتهم من التنافس هم أيضاً. بشكل شخصي، كان يسرني لو كانت كل الكنيست تتشكل من أحزاب صهيونية وليس عنصرية. ولكن هذا بالضبط هو جوهر الديمقراطية. نظام يحتوي بشجاعة تنوعاً من الآراء والمواقف وبالطبع يسمح بالتمثيل لكل مواطني الدولة، صهاينة أو غير صهاينة. في هذا عزتنا. وهذا هو أساس وجودنا.
وعليه، فإن شطب أكثر من نصف مليون مواطن من خلال جعل الـ 15 مقعداً للمشتركة غير شرعية، إلى جانب التحريض ضد من يتحدث معهم، هو اجتياز لخط أحمر.
هذا صعود درجة خطيرة وجسيمة في حملة الكراهية التي تحرض اليهود ضد اليهود واليهود ضد العرب. مقلق جداً؟ كل كمية الكراهية غير المسبوقة هذه مجند كي ينقذ متهماً وحيداً من إجراء قضائي. هذه الكراهية تستخدم كأداة، هذه الأيام، تماماً من أجل محاولة إنقاذ المتهم من تشريع شرعي ومناسب، بموجبه لا يمكن لنائب متهم جنائياً أن يتلقى من الرئيس التفويض لتشكيل حكومة. ما هو الأكثر منطقاً من تشريع كهذا؟ أي ديمقراطية معافاة تضع متهماً جنائياً وبجنائيات فيها عار على رأسها؟
يجدر بنا أن نستوعب: لا يدور الحديث هنا عن صراع بين يسار ويمين. فأنا أحترم وأُجل رجال يمين حقيقيين مثلما كان الراحل مناحم بيغن، ومثلما هم (أطال الله عمرهم) ابنه بني بيغن، ميخائيل إيتان أو دان مريدور. أولئك أناس ذوو آراء يمينية متماسكة أكثر من كثير من تافهي «الليكود» اليوم. ولكن إلى جانب ذلك فإنهم ليبراليون وديمقراطيون حقيقيون.
وعليه فإن الصراع الجاري في هذه الأيام ليس على شرعية القائمة المشتركة كشريك سياسي للتصويت أو للحكومة. هذا صراع أعمق على صورة دولة إسرائيل الصهيونية، اليهودية والديمقراطية التي قامت وفقاً لرؤيا الآباء المؤسسين. في مثل هذه الدولة فإن القائمة المشتركة هي أيضاً شريك شرعي وجدير، وفقاً للمواضيع على جدول الأعمال.
في مفارقة شعرية، فإن ذاك «المخلوق» الذي خلقه بيبي في العام 2015 في دعوته غير الديمقراطية التي تقترب من العنصرية (العرب يتدفقون...) ثار عليه في العام 2020. والآن، فإن غانتس ورفاقه في القمرة، الذين سارعوا في الحملات الانتخابية الثلاث الأخيرة إلى التخفي في صورة اليمين لبيبي وليبرمان، يضطرون لأن يتصدوا لمسألة شرعية ذاك «المخلوق» كشريك سياسي جدير، وذلك من أجل الامتناع، ربما، عن انتخابات رابعة. يمكن فقط أن نبارك أنه بعد عدد من الحملات الانتخابية التي حاولت فيها الأحزاب الكبرى أن تشرح لماذا الطرف الآخر ليس جديراً أو ليس شرعياً، يواجهها الواقع الذي حاولوا التملص منه كمّن يتملص من النار – الخروج بقول واضح عن صورة ومستقبل الدولة اليهودية والديمقراطية.
رفاقي مواطني دولة إسرائيل، هذا هو الوقت للإيضاح والقول على رؤوس الأشهاد: نعم، القائمة المشتركة أيضاً هي شريك سياسي شرعي. بالضبط مثلما هم الأصوليون غير الصهاينة هم شركاء شرعيون، وبالضبط مثلما هم العنصريون الكهانيون «شُرعوا» سياسياً دون تردد، لصالح الصراع على حصانة المتهم من بلفور.
انطلاقاً من الثقة بإسرائيل، أدعو كل من تعز عليه دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية، كل من يؤمن بالديمقراطية وبمساواة الحقوق المدنية الكاملة في دولة إسرائيل، أن يقول ذلك بفخار سواء في الحديث، في الميادين، أو الشبكات الاجتماعية المختلفة. علينا أن نسمع صوتنا بلا خوف وأن نكافح في سبيل الصورة اليهودية والديمقراطية لدولتنا. لن يفعل أحد هذا بدلاً منا.
لأن من لا يقول رأيه بشكل واضح وقاطع، من يخبئ مواقفه ويفزع من حملة الكراهية المقززة لـ «الليكود»، يصبح غير مرئي، عديم الوزن، ومذعوراً. في واقعنا السياسي لا يأبه أحد بالمذعورين، فهم ببساطة يذوون.
من يدعي أننا خونة أو غير يهود، أو يساريين بسبب التأييد الواضح وغير المساوم من جانبنا على الصورة الأصلية والمرغوب فيها لدولة إسرائيل، هو الخائن الحقيقي لجوهر دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية التي تقوم على أساس الحرية، العدالة، والسلام في ضوء رؤيا أنبياء إسرائيل.

عن «يديعوت»