انتخابات «الكورونا» الأمريكية

حجم الخط

بقلم: رمزي خوري

 

من الثلاثاء الكبير إلى الذي بعده قوي جو بايدن وضعف بيرني ساندرز وخاصة بعد خسارة الأخير لولاية ميتشيغان الأساسية بفارق كبير وهو الذي كان قد ربحها في معركته ضد هيلاري كلينتون بالانتخابات الماضية. 
يتم استفتاء الناخبين بعدة أسئلة عند توجههم لصناديق الاقتراع لتحديد التوجهات العامة لفئات الشعب. نتائجها تسمى Exit Polls أي استطلاعات الرأي بعد التصويت. كانت نتائج «الإكزيت بولز» غريبة ولكن «لا غريب إلاّ الشيطان.» أغلبية المصوّتين يدعمون سياسات بيرني في الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية مقارنة بسياسات جو «العادية جداً» ولكن الموضوع الأهم بالنسبة لهم حسب الاستطلاعات هو انتخاب مرشح قادر على إسقاط دونالد ترمب، كان من يكُن.


الذي قلب الطابق على رأس ساندرز والحركة التقدمية هو اجتماع كافة المرشحين المنسحبين خلف بايدن ومن خلفهم رأس المال الضخم واللوبيات القوية على أساس ان بيرني «متطرف جداً» مقارنة بجو «المعتدل.» «بحسب ذوق الأمريكان» لن يستطيع الديمقراطي الاجتماعي سرقة أصوات من دونالد أما جو القابع على يمين حزبه اليساري قادر.

لو كان هذا صحيحاً كيف نُفسِّر نجاح دونالد «المهَستِر» بالانتخابات ضد هيلاري «المعتدلة» وهي «مُقنِعة» أكثر من بايدن الذي يبدو «ذهنه شاردا» وينسى أبسط المعلومات؟ على ما يبدو بأن مؤسسة الحزب الديمقراطي لا تخشى نجاح ترمب كما هي مرعوبة من فرصة نجاح ساندرز. 
والرُعب بهذه الانتخابات التمهيدية هو العنوان. تم الطلب من الناخب الأمريكي ألّا يلعَق المغلَّف المُخصَص لبطاقة التصويت. قاموا بإلغاء كافة التجمعات الانتخابية والاعتماد على الخطابات من خلال الإعلام التقليدي والجديد. فجأة لم تعد سياسة «النعامة» لحكومة ترمب فاعلة و»قامت الدنيا ولم تقعد» عند اكتشاف بأن أمريكا كباقي دول العالم مصابة بالكورونا وبأن الحكومة تباطأت جداً ببدء الفحوصات الطبية. 
فبينما قامت كوريا الجنوبية بإجراء أكثر من 65000 فحص وأصبح للصين القُدرة على إجراء 1.6 مليون فحص في الأسبوع، اكتشف الشعب الأمريكي بأن وزارة الصحة الأمريكية أجرت 486 فحصا فقط. الشعب الإيطالي برمته أصبح تحت الحجر الصحي وأمريكا دافنة رأسها بالتُراب. لحين كتابة هذا المقال كان عدد الموتى بأمريكا 31 مواطنا وعدد المُصابين المُعلَنين فقط 1000. بالتأكيد ضحايا إطلاق النار بالأسلحة المرخصة أكثر بكثير. قُتِل 15292 أمريكيا بالرصاص في العام 2019 بسبب سياسة «النعامة» ولم يسمح ترمب لأي من محاولات السيطرة على هذه الآفة بالنجاح. قد يحتاج الكورونا لعشرين ألف ضحية قبل أن يضطَّر ترمب لإعادة النظر بأهمية الموضوع «من باب إنساني.»
إحدى ميزات الكورونا بفصيله الجديد هو أن أكثر من 80 % من حامليه لن يظهر عليهم أعراض المرض والمؤشر الحقيقي الوحيد لعدد حامليه في غياب إجراء فحص مُكلِف للشعب بأكمله هو عدد الوفيات.

عندما سُئِل ترمب لماذا لم يقُم بفحص نفسه بعد اكتشاف أنه خالط أشخاصا كانوا قد خالطوا مصابين قال «العالِم» الذي أصبح رئيساً بأنه «يَشعُر» بأن صحته جيدة ولهذا لا داعي للفحص. هل يعلم الرئيس بأنه قد يكون مُصابا ولا أعراض أم إنه كعادته «يتَهبَّل؟» فيما يتعلق بسياساته بالصحة فأعلنها بما معناه «طولوا روحكم» لأن الكورونا سيختفي.


الأهم لترمب ومُنافسه: هل سيخرُج الناخب الأمريكي للتصويت اذا أتت الانتخابات وكان الكورونا اللعين قد خرج عن السيطرة؟ كم عدد الذين يكرهون ترمب أو يحبونه لدرجة الاستعداد للخروج للتصويت بهكذا ظُروف؟ الأهم بالنسبة لنا بالنسبة لانتخاباتنا النيابية: «لا يوجد لدينا مشكلة كورونا، والحمد لله» ومسألة الخروج للتصويت بالانتخابات مُشكلة «أعوص» بكثير من الكورونا التافه.

عن "الدستور" الأردنية