"كورونا" فرصة لإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين

حجم الخط

بقلم: العقيد احتياط ميخائيل ميلشتاين*


ما كان يمكن لـ»كورونا» أن ينتشر في توقيت أكثر إشكالية في السياق الإسرائيلي – الفلسطيني. فالوباء يقع حين تكون علاقات إسرائيل والسلطة في أزمة عميقة بسبب «صفقة القرن»، وفي قطاع غزة تتعلق التهدئة الهشة بشعرة. ولكن كلما مر الوقت يتبين أن التهديد المشترك قد ينطوي على الفرص أيضاً.
يجسّد وباء «كورونا» أولاً وقبل كل شيء الصلة الوثيقة بين إسرائيل وبين الضفة وقطاع غزة على المستوى الاقتصادي – المدني.
الفلسطينيون متعلقون بإسرائيل بجوانب التشغيل، الحركة، والمساعدة، بينما قوة العمل الفلسطيني حيوية جداً لإسرائيل.
في أوساط الطرفين يتطور، إذاً، خوف عميق من إغلاق تام للحدود من شأنه أن يكون ذا آثار استراتيجية.
في الضفة تتباهى السلطة بأنها نجحت في السيطرة على انتشار الـ»كورونا»، ولكن بالتوازي يعشعش في الحكم وفي الجمهور الفلسطيني خوف من منع واسع وطويل لخروج 120 ألف عامل للعمل في إسرائيل وفي المستوطنات، ما سيقوض نسيج الحياة المدني، الذي هو الأساس الحقيقي للهدوء النسبي في الضفة.
ينغرس هذا الفهم في عمق التفكير لدى إسرائيل، التي امتنعت حتى الآن عن فرض قيود واسعة على العلاقة المدنية - الاقتصادية مع الضفة.
في قطاع غزة الوضع أكثر تعقيدا. حتى الآن وإن كان لم يكتشف بعد حاملون لـ»كورونا» في المنطقة، ولكن مستوى الخوف لدى الجمهور الغزي عالٍ، ولا سيما لأنه من الواضح أن ليس لدى حكم «حماس» الوسائل لمعالجة المرض إذا ما وعندما ينتشر في المنطقة.
دروس الماضي علمتنا أنه توجد صلة وثيقة بين الواقع المدني وبين الواقع الأمني في المنطقة، وهذه المرة أيضاً يمكن أن توجه الأزمات المدنية، فما بالك الاحتجاج ضد «حماس»، نحو الاحتكاك مع إسرائيل.
ولكن تحدي الـ»كورونا» قد ينطوي أيضاً على عدد من الفرص. أولاً، تركيز كل الأطراف على الموضوع قد يساعد على تخفيض خطر الاحتكاك العنيف في المدى القريب، ولا سيما في غزة. والمساعدة التي تقدمها إسرائيل للفلسطينيين في مجالات الـ»كورونا» قد تساعد على تخفيف معين لحدة التوتر مع السلطة، ومع القطاع – لتشكل رافعة لانتزاع تنازلات من «حماس»، في كل ما يتعلق بالحفاظ على الهدوء الأمني مثلاً.
على إسرائيل أن تستعد لتصعيد دعمها المدني للساحة الفلسطينية في صالح الحفاظ على الاستقرار الأمني، ولكن هذا الهدف سيكون أصعب مما في الماضي في ضوء التحدي الاقتصادي المتفاقم الذي تقف إسرائيل أمامه هذه الأيام.

عن «معاريف»
*رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب.