إسرائيل مصابة بـ«كورونا» سياسية!

حجم الخط

بقلم: ران أدليست


حتى في هذه الأيام الرهيبة يوجد ما يواسي القلب. فكيفما اتفق، ورغم ضربة الفارين، نجحنا في الإفلات من وضع كان سينجح فيه نتنياهو في تشكيل حكومة برعاية «اتحاد مجالس» حكماء توراة «شاس» والأصوليين، ومجلس «يشع» للمستوطنين، وعباقرة «الليكود». وبمراعاة حقيقة أن المحرك من بلفور لا يعمل على الصدقات بعد الانتصار بل على الانتقام وجنون الاضطهاد، فإننا سنكون، اليوم، في ذروة ثورة شعبوية تقوم على اساس «إرادة الشعب» اليميني – الديني – القومجي – الليكودي.
ولا يزال، في اثناء التبجح الحالي الذي يستهدف إخراجنا من العقدة، وبلا تفويض واضح لتشكيل حكومة، يجري هذه الايام انقلاب بيروقراطي داخل منظومات الديمقراطية يشبه انتشار «كورونا». من هنا فصاعدا يدور الحديث عن حصانة منظومة الحصانة الديمقراطية داخل البيروقراطية الإسرائيلية، ولا سيما في منظومات انفاذ القانون، من المحكمة العليا وحتى الشرطة.
في هذه الأيام، نحن في المرحلة الاولى من الـ»كورونا» السياسية. بعض الاعراض ظاهرة، وبعضها خفية. الظاهرة هي اللوائح الجديدة من مدرسة نتنياهو بتنفيذ امير اوحنا ويولي ادلشتاين. كلاهما يستغلان سلسلة القيادة، التي تعمل تحتهما تلقائيا. يقصي اوحنا منظومة القضاء، ويمس ادلشتاين بمنظومة الحصانة للمنظومة البرلمانية. هنا لم يعد القانون هو الذي يتحدث، بل الاجراءات. أدلشتاين واوحنا ينزلان أمرا والموظفون ينفذون. وظيفتهم هي التنفيذ التفصيلي لأمر المسؤول وعدم التدقيق في مواضيع الاجراء الديمقراطي. لا أرى ايال يانون، المستشار القانوني للكنيست، يدخل الى مكتب ادلشتاين ويوقفه رغم أن هكذا ينبغي له أن يتصرف. هكذا بالضبط يعمل الفيروس من نوع «كورونا»: أمر يتسلل الى منظومات الحصانة شبه التلقائية في الجسد.
لا شك أنه اذا لم يجد غانتس وشركاؤه الوسيلة للتعبير عن الـ 61 خاصتهم فإن الطرف الآخر سينفذ سيطرة نهائية على مؤسسات الدولة. ليس «كورونا» هو ما سيوقفهم (بل ربما سيساعدهم كستار دخاني) وبالتأكيد ليس الديمقراطية. فالمنظومة الوظيفية التنفيذية لا تبدو حاجزا حقيقيا اذا أخذنا بالاعتبار حقيقة أنه في مفترقات عديدة يجلس موظفون تابعون، وليس واضحاً كيف سيكون ممكنا منع الانقضاض الوبائي على الديمقراطية. فهل الانضمام الى الحكومة من أجل إضعاف الفيروس والمخاطرة بتلقي العدوى؟ هل الجلوس لبعض الوقت الى جانب عصبة التكتل اليميني، وسد الانف، على أمل أن تمنح الصور المشتركة «أزرق أبيض» شرعية لدى اليمين الرقيق الذي سيتفضل بطيبته فيجتاز الروبيكون في الجولة التالية؟ هل السير حتى النهاية مع حكومة الـ 61؟ في واقع الامر لماذا لا؟ وان كان فقط من اجل أن تزال عن الطريق بضعة اضرار تلحق بالديمقراطية، ما يساعد على الاشفاء حتى اذا ما جررنا الى انتخابات رابعة. هل نسير، الآن، بالرأس نحو الحائط الى المعارضة وجمع القوى للمنافسة القادمة؟ كل جواب يأتي، مثلما في الكفاح ضد «كورونا»، سيختبر في اختبار الزمن.
لقد نسينا الامر الاساس: الجواب المثالي الذي يحل دفعة واحدة هذه العقدة العضال ظاهرا. بعد ثلاث ثوانٍ من تبخر نتنياهو من الحياة السياسية ستقوم هنا حكومة. في هذه الاثناء يمكن ويجب الصراخ: اخرج يا شيطان، من النظام السياسي ومن النظام الصحي ايضا.

عن «معاريف»