غـانـتـس يـسـتـسـلـم أمـام نـتـنـيـاهـو بـلا شـروط !

حجم الخط

بقلم: ألوف بن


أول من قام بالتشخيص هو وزير الداخلية، جلعاد أردان، الذي أجرى مقابلة، الإثنين الماضي، ووعد بأنه خلال 72 ساعة سيتم تشكيل حكومة طوارئ برئاسة بنيامين نتنياهو. كان أردان دقيقاً تماماً: مع مرور الفترة الموعودة، بالضبط، تبين أن رئيس "ازرق ابيض"، بني غانتس، مستعد للانضمام الى حكومة برئاسة نتنياهو. ليس فقط مستعداً، بل متحمس، حتى بثمن حل المعسكر السياسي الذي شكله وتعهده بعمل شاق وقاده خلال ثلاث جولات انتخابية تحت شعار "تغيير الحكم".
في المقابلة التي أجراها غانتس مع داني كشمارو في "اخبار 12" سمعت كل الشعارات المتوقعة في ظروف كهذه: الظروف تغيرت، الدولة في أزمة، الخيارات موضوعة على الطاولة، لن نجري مفاوضات علنية. وبترجمة الى العبرية - استسلام غير مشروط لاستمرار حكم نتنياهو، وخيانة لكل ما طرحه "أزرق أبيض" في السنة الماضية، وموافقة ضمنية لما يطرحه معسكر اليمين برئاسة نتنياهو. تفكيك الديمقراطية لصالح سلطة فرد أبدية. حزب الراية البيضاء، هذا هو الاسم المناسب منذ الآن للجسم السياسي برئاسة غانتس.
يمكن الافتراض بأن غانتس سيطلب وسيحصل على جائزة ترضية ما. أول من أمس أعطى إشارة بأنه سيطالب برأس رئيس الكنيست، يولي ادلشتاين، ككبش فداء. وسيتنازل نتنياهو عن ادلشتاين بسهولة وسيرميه كعظمة صغيرة لغانتس. وستكون هناك أيضاً وعود واتفاقات "مشمولة في تشريع غير مسبوق" للتناوب في قيادة الدولة بعد سنة أو سنتين. هل هذا صحيح؟ غانتس هو أول من أعلن أن احتمالية أن ينفذ نتنياهو التناوب ويعطيه زمام الحكم تشبه احتمالية أن يقوم سانتاكلوز بالانضمام الى الحكومة. ولكن من يعرف، ربما أزمة "الكورونا" ستجعله، بفضل الظروف، يؤيد نتنياهو. لماذا نكون أشخاصاً يتمسكون بالصغائر مع غانتس؟ إذا كان من المسموح تخيل وحيد القرن والجنيات أو الصلاة من أجل قدوم المسيح، فمن المسموح أيضاً تخيل تناوب مع نتنياهو.
كان هذا انتصاراً سريعاً، حتى بالنسبة للساحر السياسي نتنياهو. 17 يوماً فقط بعد الانتخابات التي صوت فيها معظم الجمهور لإنهاء حكمه، يقف رئيس الحكومة وحده فوق التلة ويسحق تحت أقدامه جثة "أزرق أبيض" السياسية. الحزب البديل تفكك في امتحانه الأول. والأجمل من ذلك هو أن غانتس أخذ من الرئيس التكليف لتشكيل الحكومة بدعم 61 عضو كنيست، وهو سيشكل حكومة، لكن برئاسة خصمه نتنياهو، الذي وصفه أمام الجمهور، بأنه شخص فاسد وغير أخلاقي. هذه المهزلة الكاملة لم يكن يتوقعها حتى نتنياهو المتحايل. هي حقاً تفوق أي خيال.
وقد بقيت لدينا مشكلة أخرى وهي محاكمة نتنياهو وشريكيه في الجريمة، نوني موزيس، وشاؤول الوفيتش. وسائل الإعلام والرأي العام قاموا بنسيان القصة قليلاً، لكنها تستمر في شغل نتنياهو. ويمكن التقدير بأنه سيتبع إستراتيجية من مرحلتين. الأولى هي كسر بديل الحكم عن طريق ضم غانتس الى الحكومة. وبعد ذلك عندما تشتد أزمة الكورونا، وربما يكون أيضاً ضحايا في الأرواح، سيتم ثني المدعي العام، أفيحاي مندلبليت، من أجل تأخير الإجراءات في المحكمة، بذريعة أن مصلحة الجمهور تقتضي وجود نتنياهو في قيادة الدولة. وها هم ايضاً خصومه وافقوا على ذلك، وجاؤوا الى حكومته رغم لوائح الاتهام الثلاث.
مثل غانتس، أيضاً سيقول المستشار القانوني إن الظروف تغيرت، وإنه أمام خطر يهدد حياة الجمهور من المهم أن يكون نتنياهو قريباً من دفة القيادة، وأن لا يضيع أي وقت في الدفاع عن نفسه من الاتهامات بشأن تغيير العناوين في "واللاه". موزيس والوفيتش سيطلبان أيضاً أن يتركوهما وشأنهما، اذا كان المتهم رقم 1 قد خرج بريئاً.
أمر لا أساس له؟ خيالي؟ لا يخطر بالبال؟ بالضبط مثلما أن استسلام غانتس بدا كأمر لا أساس له قبل أسبوعين بعد أن تبينت إنجازاته في الانتخابات. ولكن ما العمل؟ الظروف لم تعد مثلما كانت، وهي ستواصل التأزم وتبرير المزيد من الإضرار بالديمقراطية وسلطة القانون.

عن "هآرتس"