حان الوقت لتحرير السجناء

حجم الخط

بقلم: بوعز سنجيرو*



تعلمنا من الأميركيين جينس، كوكا كولا، والمبالغة في استخدام عقوبة السجن. في أعقاب الصحوة الأميركية بدأت أيضا صحوة إسرائيلية، بما في ذلك تقليص ما في عدد المحبوسين، ولكن المسيرة بطيئة ويوجب خطر الـ»كورونا» تسريعها.
يقضي تقرير المعهد الوطني الأميركي للعلوم (2014) بـأن كثرة السجناء لم تحقق الردع، ولم تمنع الجريمة، بل تسببت بمعاناة زائدة للمدانين ولعائلاتهم، وتدمير التجمعات السكانية للسود والهسبانيين، وكلفت المليارات التي كان يمكن توجيهها لبرامج الرفاه في التجمعات الأهلية، والتي كانت ستقلل الجريمة. فالحبس يزيد الاحتمالات في أن يصبح المعاقب مجرماً، ويمس بالمجتمع بعد تحرره.
وفي السنة ذاتها نشر في بريطانيا التقرير الأكاديمي البريطاني، الذي يصل إلى نتائج وتوصيات مشابهة. في العام 2015 نشر في إسرائيل تقرير لجنة دورنر، الذي أوصى بتقليص الحبس.
في العام 2017 أمرت محكمة العدل العليا بزيادة مساحة المعيشة المتوسطة للسجين من نحو 3 أمتار مربعة فقط إلى4.5 متر مربع.
في المواثيق الدولية الحد الأدنى هو 6 أمتار مربعة والمتوسط في أوروبا هو 9 أمتار مربعة.
الاكتظاظ يتسبب بالمعاناة، والاختناق، ويمس بالنظافة الشخصية، ويمس بالخصوصية ويعظم التوترات.
ولما كان البناء السخيف سيكلف المليارات، وفي ضوء توصيات لجنة دورنر، فإن السبيل القويم هو تقليص عدد السجناء.
غير أن السلطات خرقت قرار المحكمة، وتجرأت على الطلب لتنفيذه في تسع سنوات بدلا من سنة ونصف السنة، كما كان محددا.
وفقط بعد أن ردت محكمة العدل العليا الطلب، في كانون الاول 2018 تحرر ألف سجين، ولكن السجون لا تزال مكتظة جدا.
يوجد في إسرائيل نحو 10 آلاف سجين جنائي ونحو 5 آلاف سجين امني. ومن أجل الايفاء بمعايير محكمة العدل العليا يجب تحرير نحو ثلثهم. لا تخافوا: معظم السجناء الجنائيين ليسوا خطرين جسديا، والكثيرون محبوسون على جنايات ملكية غير عنيفة. والتحرير سيخدم المجتمع والاقتصاد ايضا: فكلفة احتجاز سجين هي 10 آلاف شيكل في الشهر، بالاساس رواتب سجانين، ومع كلفة البناء – نحو ربع مليون شيكل في السنة للسجين.
واذا ما عقلنا وحررنا نحو 4 آلاف سجين، فإن التوفير في النفقات الجارية وحدها سيكون نحو نصف مليار شيكل في السنة.
بمثل هذا المبلغ يمكن وينبغي عمل الكثير لزيادة الرفاه وتقليص الجريمة، ليس بوساطة العقاب.
نعود إلى الولايات المتحدة: في أعقاب التقدير الذي يقول إن «السجون هي حاضنات ممتازة لفيروس الكورونا»، بدأت دول عديدة بتحرير السجناء والامتناع مسبقا عن الاعتقال والحبس لغير الخطيرين.
في إسرائيل لا تزال مساحة المعيشة المتوسطة نحو 3 أمتار مربعة، والكثير من السجناء يكتظون.
بالمقابل، فإن تعليمات وزارة الصحة، التي نص عليها في لوائح أنظمة الطوارئ، تتطلب مسافة ما لا يقل عن مترين. والاستنتاج هو أن على السلطات أن تلتزم فوراً بقرار محكمة العدل العليا وتحرر آلاف السجناء – ليسوا المدانين بالقتل والاغتصاب والسطو المسلح أو التسبب بالاضرار الجسدية، ولكنّ بالتأكيد المدانين بجنايات الملكية غير العنيفة.
لا تكفي اللوائح التي وضعت الآن وبموجبها قبل القرار بالاعتقال تفكر المحكمة أيضا بالخطر في تعرض المعتقل لعدوى الـ»كورونا» وبالوضع الاعتقالي.
لما كانت القرارات في أحيان قريبة لا تتخذ على أساس أخلاقي واجتماعي، بل على أساس اقتصادي، نقترح التفكير بتوفير نصف مليار شيكل في السنة، والتعويضات التي سيتعين دفعها للسجناء ولعائلاتهم إذا ما تفشى - لا سمح الله - وباء فتاك في السجون، وضياع الحق الأخلاقي لحبس أناس ليسوا عنيفين وليسوا خطرين على الآخرين.

عن «إسرائيل اليوم»

*بروفيسور يدرس في المركز الأكاديمي للقانون والتجارة وفي الكلية الأكاديمية سفير.