أزمة "كورونا": انهيار الاقتصاد الإسرائيلي ثمن وقف الفيروس !

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


في محادثة مع شخص راكم تجربة كبيرة في وظائف رفيعة المستوى في جهاز الخدمة العامة، وهو يشارك الآن في الحرب ضد فيروس كورونا، طرح عدة ملاحظات حادة على طريقة معالجة إسرائيل للأزمة.
- فشل الفحوصات: «هذا هو الخلل الأكثر دراماتيكية للأزمة الحالية. كل من هو خبير يعرف أنه في إسرائيل لم يكن هناك ما يكفي من الفحوصات لتشخيص «كورونا»، لذلك لم يوسعوا نطاق الفحوصات على الفور، كما اعتقد معظم الخبراء أن من الضروري فعله. حولت وزارة الصحة الفشل الى أيديولوجيا. أخذ كبار الشخصيات في الوزارة معهم المدير العام، موشيه بار سمنطوف، رهينة في قصة الفحوصات».
أعلن سمنطوف، الاثنين الماضي، عن تشكيل طاقم مستشارين يقوم بفحص سياسة الفحوصات. وفي الوقت ذاته يؤكدون في الوزارة أن وتيرة الفحوصات سيتم تسريعها بشكل كبير.
ولكن حتى ذلك الحين «كانوا منشغلين في أن يشرحوا لك بأنه لا حاجة الى فحوصات جماعية. هذا ينتقص من الجهود المبذولة لمحاربة الفيروس.
ايضا رئيس الحكومة نتنياهو وافق على هذه المقاربة في البداية. وهو لم يتصرف هكذا في الماضي. قالوا إنه قبل عقد، عندما كان هناك انتشار عالمي لانفلونزا الخنازير، اتصل نتنياهو بجميع المستويات حتى مستوى خط الانتاج كي يوفّر للدولة تطعيمات بالسرعة القصوى».
- استراتيجية الخروج: «حتى الآن من غير الواضح لي أو لأي شخص آخر ما هي استراتيجية خروج الدولة من الازمة. سيرافقنا «كورونا» لفترة طويلة.
أصبحت وزارة الصحة تدرك أن الأزمة يمكن أن تستمر حتى الشتاء القادم. وتطوير لقاح سيستغرق وقتاً. وأيضا لا توجد أي دلائل مقنعة في الوقت الحالي على أن الفيروس ينتشر بصورة أبطأ في الطقس الحار. المعطيات عن «كورونا» من نصف الكرة الارضية الجنوبي لا تزال غير واضحة بما فيه الكفاية.
«السؤال الذي يجب أن يطرح هو كيف سيعود الاقتصاد في إسرائيل الى العمل. تأثير الدومينو في الاقتصاد أصبح ملموسا.
الكثير من رجال الاعمال المستقلين بدؤوا بالانهيار. والناس لا يحصلون على المداخيل أو الرواتب، وسيكون من الصعب عليهم دفع أجرة الشقة وقسط القرض السكني.
عدد كبير من رجال الأعمال المستقلين والأجراء سيجدون صعوبة في الصمود أكثر من شهرين.
ومع مرور الوقت سيؤدي الدومينو إلى انهيار القدرات بشكل سيصعب على الاقتصاد النهوض حتى عندما ينتهي تجميد نشاطاته. نظام البنوك أصبح في حالة ضغط. ومن الافضل بالنسبة لهم أن يؤجلوا ثلاثة أشهر تسديد دفعات القروض السكنية، بدلا من ابلاغ المقترضين بأنهم لن يسددوا القروض».
في الأيام الأخيرة ناقشت الحكومة مسألة هل ستفرض الاغلاق الشامل. بضعة أسابيع في البيوت يمكن أن توقف تفشي العدوى. «ولكن ايضا في حينه سيكون هذا خروجاً بالتدريج، ليس مرة واحدة وليس الجميع. الخطر هو أننا سنوقف الفيروس بثمن انهيار الاقتصاد. يمكن أن نكون في وضع نجحت فيه العملية، لكن المريض (الاقتصاد) مات. أيضا جهاز الصحة سيدفع ثمنا باهظا. «كورونا» ليس كل شيء. فالجهاز لا يمكنه الانشغال بهذا فقط. الآن الاطباء سيضطرون الى تكريس القليل من الاهتمام لمرضى السرطان، فالوضع يمكن أن يسبب أضراراً لا يمكن علاجها لمرضى السكري.
«السؤال هو كم من هذه الأمور يدركها رئيس الحكومة بصورة عميقة؟ هو يحصل على معلومات من عدد مقلص من المصادر. كل بضعة ايام يوجد له مستشار جديد: البروفيسور ران بليتسر، والبروفيسور شوكي شيمر. القليل جدا من المعلومات تصل اليه من الخارج. لقد فوض مجلس الامن القومي بإدارة الحدث. ولكن هذا المجلس ليس هو الجهة التي يمكنها إدارة ازمة كهذه. في ادارة مكتب رئيس الحكومة يوجد قائم مقام الذي هو في الاساس ناشط سياسي.
«يناور نتنياهو بين ضغوط متناقضة. من جهة ضغط هستيري لوزارة الصحة، التي تعمل حسب سيناريوهات متشائمة جدا لملايين المرضى وعشرات آلاف الموتى حتى نهاية نيسان. ومن جهة أخرى لا يوجد لإسرائيل وزير مالية في هذه الأزمة. موشيه كحلون كان شبه تارك للوزارة. وهو لم يعد في اللعبة. والمس بالاقتصاد لن يكون على كاهله. وبقي فقط مدير عام الوزارة. هذه ليست مواجهة متعادلة مع وزارة الصحة».
- الجيش الإسرائيلي والإدارة اللوجستية: «وزارة الصحة هيئة قيادية ليس لها قدرات تنظيمية كبيرة. نجمة داود الحمراء تم تخصيصها لنقل المرضى. صناديق المرضى ما زالت غير موجودة في اللعبة. لكن القدرات اللوجستية لجهاز الصحة لا تقترب مما يملكه الجيش وقيادة الجبهة الداخلية بشكل خاص.
الجيش الإسرائيلي يجب عليه عدم ادارة هذا الحدث، لكن يجب عليه أن يضع قدراته اللوجستية الضخمة تحت تصرف جهاز الصحة.
هذا هو الجسم الوحيد القادر على مواجهة هذه الأزمة من البداية وحتى النهاية. وهذا هو الاستنتاج من جميع النقاشات التي أجرتها الحكومات بعد أن لم يتم تفعيل الجبهة الداخلية بصورة سليمة في حرب لبنان الثانية في 2006.
«كان يجب منذ فترة الطلب من الجيش تولي مساعدة نظام الفحوصات. انظروا كيف أقاموا فنادق استشفاء للمرضى بإصابة طفيفة بين عشية وضحاها. كل من يتابع يدرك أن السبب الوحيد في أنهم لا ينقلون اليهم المزيد من المسؤوليات هو سبب سياسي: تحفظات نتنياهو على وزير الدفاع، نفتالي بينيت. وهذه اعتبارات غير موضوعية، تماما مثلما لا يقومون بعمليات كافية لإنفاذ القانون في أوساط الأصوليين. لقد اصبح من الواضح للجميع أن نسبة الاصابة في البلدات والاحياء الاصولية مرتفعة جدا».
- مدير عام وزارة الصحة: بدأ «موشيه بار سمنطوف هذه الأزمة مثل الأم، لكنه يعرف أنه يمكن أن ينهي دوره مثل كبش فداء.
لقد اتخذ قراراً بأن يكون في المقدمة، وسيكون لذلك ثمن. حتى الآن هو يقوم بعمل جيد، لكنهم بدؤوا بوضع العراقيل أمامه.
رسالة مديري الاقسام في المستشفيات، الذين وقفوا ضده، هذا الأسبوع، هي ببساطة فضيحة. لقد أطلقوا النار على ظهره لخدمة أجندة. ولدي شك بأن هذا جاء من خلال الرغبة في أن يؤكدوا أن المدير العام القادم للوزارة سيكون مرة أخرى طبيباً.
«في الخلفية يوجد موضوع آخر: اتفاق الأجور، الذي يجب اتمامه في نهاية السنة. يتطور خلاف جوهري في مسألة الى أين يجب أن تذهب الأموال التي سيحصل عليها جهاز الصحة. هناك الكثير من الأشخاص الذين يعتقدون بأن الأطباء حصلوا على ما يكفي في الجولة السابقة، والأموال يجب أن تستثمر في حاجات أخرى. جهاز الصحة تدبر أموره بدرجة ما فترة 25 سنة استنادا لنموذج نص عليه في قانون تأمين الصحة الرسمي الذي أجازه إسحق رابين وحاييم رامون. وخلال سنوات كثيرة نجح جهاز الصحة بشكل عام في تقديم خدمات طبية جيدة جداً للجمهور. ومن الواضح للجميع أن هذا الأمر سيتغير».

عن «هآرتس»