مليون مسلم ممنوعون من ذبح الأضحية

أضاحى العيد
حجم الخط

مأزق يعيشه نحو مليون مسلم هم العدد التقريبي لأبناء الجالية المسلمة بمملكة بلجيكا حيث يتم منعهم من ممارسة طقس ديني تكفله المواثيق الدولية وحرية إقامة الشعائر لأبناء الديانات المختلفة بحجة تعارضه مع أدبيات الرفق بالحيوان ،فقد رفضت الحكومة الحالية بالبلاد جميع الالتماسات و التوضيحات المقدمة من ممثلي الجالية بشأن السماح بذبح أضحية عيد الأضحى ، و أصرت أن يكون الذبح بعد تخدير الحيوان أو صعقه بالكهرباء و إلا سيعد ذبح الأضحية جريمة يعاقب عليها القانون و بشكل مشدد!.

للإنصاف ينبغي في البداية الإشارة إلى أن هذه المشكلة لم تعرفها الجالية المسلمة إلا قبل نحو أربع سنوات و مع بدايات صعود أحزاب اليمين ذات النزعة القومية المتطرفة و التي تتخذ مواقف " سلبية " - حتى لا نقول معادية - من المهاجرين و الأجانب ووصل الأمر إلى ذروته بنجاحها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة و تشكيلها ائتلاف حاكم يعرف اختصارا ب " إن- في إيه " علما بأن برلمان إقليم فلاندر الثري ذا النزعة الانفصالية الذي يقع شمال البلاد و يتمتع بحكم ذاتي ضمن النظام الفيدرالي للبلاد كان من أوائل المؤسسات التي أطلقت الرصاصة الأولى في معركة " خروف العيد " .

اللافت أنه رغم موسم الاجازات أصرت لجنة الرفق بالحيوان في برلمان الإقليم على عقد جلسة استماع لوزير الرفق بالحيوان بشأن الأزمة احتجاجا على ذبح الحيوانات من عنقها و هى لا تزال مستيقظة ، الأمر الذي تعتبره جمعيات حقوق الحيوان " وحشية لا مبرر لها " . و المثير في الأمر أن وسائل الإعلام لم تتطرق لمحتوي الجلسة حتى أن صحيفة " فلاندر توداي " التي تصدر بالإنجليزية أسبوعيا و المتخصصة في شئون الإقليم اكتفت بنشر الخبر مجردا من أية تفاصيل لما دار بالجلسة .

وانتقد عدد من النشطاء السياسيين البلجيك المهتمين بقضايا التعايش السلمي بين الأديان المختلفة قرار الحكومة الفدرالية و الذي جاء متناغما مع قرار الحكومة المحلية باقليم فلاندر . وقال أوليفر لمنت ل "الأهرام " أنه ليس من حق هذه السلطات التي وصفها بـ " الفاشية " منع أقلية دينية من ممارسة طقوسها الخاصة ، بينما عبرت كرستين داننبرج عن خيبة أملها بسبب عدم مراعاة الخصوصية الثقافية للشعوب الأخرى " على نحو يجعلنا نعطي المتطرفين في العالم الإسلامي المبرر لكي يزيدوا من مشاعر الكراهية تجاه أوروبا " .

مصدر بالهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا - الجهة المعترف بها رسميا لدى الحكومة لتمثيل المسلمين بالبلاد - قال ل " الأهرام " ان الهيئة لم تقف مكتوفة الأيدي و تواصلت مع المجلس العلمي البلجيكي لتوضيح أن الشريعة الإسلامية ترفض الذبح بعد التخدير و أن ذبح الأضحية له ضوابط شرعية محددة و كيف أنه ثبت علميا أن الذبح بهذه الطريقة الأقل ايلاما .

وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه تفاديا لما أسماه " التصعيد مع السلطات في الوقت الراهن " : قمنا بعمل حملة شاملة و تواصلنا ايضا مع وسائل الاعلام ووزعنا الكتيبات و الملصقات و لكن يبدو أن القرار المجحف و المتعنت لا رجعة فيه ، و مع ذلك لا يزال يحدونا الأمل في أن تتراجع السلطات و لو في اللحظات الأخيرة .

وتشكو الجالية المسلمة - و معظمها من الأشقاء المغاربة الذين يشكلون واحدة من اكبر الجنسيات الأجنبية في بلجيكا - مما وصفوه من غياب الأزهر الشريف كمرجعية دينية يعتزون بها و عدم تدخله لدى السلطات المختصة هنا لحل هذه الاشكالية .

وكان لافتا تحلق العديد من أبناء الجالية حول مراسل الأهرام لدى زيارته للمركز الإسلامي و الثقافي ببروكسل و مناشدتهم للأهرام التى تحظى لديهم بتقدير واسع النطاق بأن تتبنى قضيتهم وتقوم بتوصيل صوتهم إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، مؤكدين أنهم يعتبرون مصر- الأزهر دائما حامية حمي المسلمين بكل مكان ، و ثقتهم بالأهرام رمزا و صحيفة و دورا تاريخيا بلا حدود .

وكانت عدة هيئات إسلامية أبرزها اتحاد مساجد بروكسل و الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا و الجمعية الأوربية للتعايش في بلجيكا قد دعت إلى حملة لمقاطعة شراء الأضاحي هذا العيد احتجاجا على قرار المنع الحكومي على أن تتم التضحية بالأموال التي كانت مخصصة لشراء الأضحية استنادا إلى " تقديرات عملية و دينية".

في تطور مهم لمسار الأزمة ، أعلن مجلس مدينة بروكسل في وقت سابق أنه - خلافا لما اعتاد القيام به في سنوات سابقة - لن يقوم بتوفير مسالخ مؤقتة هذا العام حيث لم تكن تكفي المسالخ العادية لذبح كل هذا العدد.