بقلم: ماتي توخفيلد
استغرق بيني غانتس سنة ونيفاً، منذ أن دخل الى السياسة، الى أن اكتشف لأول مرة بأن لديه عمودا فقريا. فقد وعد في الانتخابات ألا يجلس مع نتنياهو، وأعطاه الكثيرون من مصوتيه أصواتهم لهذا السبب، ولكن في الوضع الحالي، وفي اعقاب أزمة كورونا تبقى منهم، اغلب الظن، حفنة متزمتون. وحدهم العميان تماما بحكم الكراهية العميقة يتفقون في مثل هذه الوضعية على ابقاء الوضع القائم، التوجه الى انتخابات اخرى، او تشكيل حكومة أقلية متعلقة بـ»القائمة العربية المشتركة». اليوم، يحتفل بيني غانتس بيوم استقلاله الخاص. الورود ليولي ادلشتاين، الاشواق لمحكمة العدل العليا.
غانتس لا يحب المخاطر. لا عندما كان في الجيش، ولا عندما اصبح سياسيا الآن. ولكن المخاطرة التي أخذها على عاتقه الآن هائلة. ان يلقي بكل ثقله على السياسي الاكثر حنكة وتجربة في المنطقة، ان لم يكن في العالم كله، وان يربط مصيره السياسي بمصيره – هذا هو القرار الاصعب الذي أخذه في حياته. قرار إما ان يكون أو لا يكون. من الجهة الاخرى توجد منطقة الراحة. يئير لبيد وبوغي يعلون، اللذان فعلا كل ما في وسعهما لعرقلة حكومة الوحدة، وعداه باستمرار حكمه في الحزب الموحد، وشجعاه على أن يقيم حكومة أقلية، وملآه ثقة من انتخابات رابعة ايضا.
ولكن أمر الساعة مختلف. حالة الطوارئ حقيقية. استغرق وقتا حتى يحسم الامر، ولكن المزيد فالمزيد من الناس يفهمون، اليوم، ان هذه ليست نزوة، أو محاولة تخويف، او دراما معظمة لاغراض سياسية. «كورونا» يضربنا دون رحمة، والازمة حقيقية لا مثيل لها. الوعود القديمة يجب أن تخلي مكانها للواقع الجديد. من يصر على البقاء في الخلف ولعب اللعبة السياسة وكأنه لا شيء، سيحكم عليه التاريخ.
كما ان تصميم تسفيكا هاوزر ويوعز هندل أدى الى الواقع الحالي والى النتيجة التي تتم في هذه اللحظات. رفضهما تأييد حكومة اقلية ازال السيناريو عن جدول الاعمال، وأجبر رئيس حزبهما على البحث عن قنوات اخرى. ليس هذا أمرا لا يؤبه له. في حزب «أزرق أبيض»، بكل اجنحته بما فيها «تيلم»، لا توجد انتخابات تمهيدية. كل مصيرهما السياسي منوط عمليا بمن جاء بهما حتى هنا – بوغي يعلون. ورغم ذلك فقد فضلا الاستجابة لأمر ضميرهما منذ اللحظة الاولى.
كان ليئير لبيد خطة. فور إقالة نتنياهو له في العام 2015، تبلور في قلبه القرار ألا يجلس معه، وألا ينضم اليه، مهما كانت الظروف، الى أن يستبدل. بالضبط مثل نتنياهو نفسه، كرئيس المعارضة لحكومة اولمرت. وحتى في نسخته السياسية الأخيرة، كرقم 2 في «أزرق أبيض» لم يغير لبيد خططه. بهذا المفهوم عانى من قصر النظر. فالأمر الأخير الذي يعني الجمهور الإسرائيلي في هذه الايام، والتي يغلق فيها الجميع على انفسهم بيوتهم، دون قدرة على زيارة الاهل، ويعيشون خوفا كبيرا – هو السياسة. لقد فوت لبيد عظمة الساعة حين هاجم نتنياهو في بداية الازمة. وهو يفوتها الآن ايضا إذ يعتقد انه فضلا عن بضعة مغردي تويتر وصحافيين فإنه يراكم حقا حظوة على الايفاء بتعهده ألا يدخل الحكومة.
على مدى سنة كان ليبرمان حذرا. فقد اراد بكل قوته ان يسقط نتنياهو، ولكنه لم يكن مستعداً لأن يدفع الثمن الذي ينطوي على ذلك. ولكن في نهاية المطاف عنده أيضا تغلبت الكراهية والإحساس بالثأر على كل ما تبقى. استعداده للتعامل مع النواب العرب، الذين بنى لنفسه حياة مهنية على ظهورهم، سيبقى في الذاكرة الى الابد. وتبين مرة اخرى أن ليبرمان هو الخدعة الكبرى في السياسة الإسرائيلية. كل الحياة عنده حملة انتخابات متواصلة، بلا خطوط حمر، ايديولوجيا أو أي قيم. حتى الآن لم يدفع ثمن ذلك. ولعل مصوتيه يفهمون، الآن، عمن وعما يدور الحديث.
عن «إسرائيل اليوم»