نصف الأصوليين لا يملكون أجهزة اتصال ذكية ومقطوعون عن وزارة الصحة

حجم الخط

بقلم: اهارون رابينوفيتش



أظهرت معطيات داخلية لوزارة الصحة، وصلت "هآرتس"، أنه حدث ارتفاع حاد في عدد المصابين بفيروس كورونا في التجمعات الأصولية، بالأساس في بني براك والقدس. وحسب المعطيات فقد لوحظ في هذه الأماكن تفشٍّ حقيقي شمل المئات من المصابين الجدد خلال ثلاثة أيام فقط. وتيرة الارتفاع أعلى بكثير من المتوسط في البلاد، الذي كان يوم الخميس، يمثل مضاعفة للعدد كل ثلاثة أيام. يدور الحديث عن توزيع رسمي لوزارة الصحة، محفوظ بصورة سرية، ويتم تحويله الى وزارة الداخلية ومن هناك الى السلطات المحلية في كل صباح، بهدف اعطاء صورة عن الوضع المحدث عما يحدث في مجالها.
حسب المعطيات، في بني براك ارتفع عدد المصابين بـ 8 اضعاف في غضون ثلاثة أيام. في مساء الاثنين، كان في المدينة 30 مصابا بشكل مؤكد فقط، في حين أنه مساء أول من أمس، وصل عدد المصابين في المدينة الى 244 مصابا. وفي القدس كان عدد المرضى، الاثنين الماضي، 78 والآن هناك 314 مصابا مؤكدا في العاصمة، وهو 4 اضعاف. وفي "بيتار عيليت" قفز عدد المصابين الى 24، الخميس الماضي. وفي "بيت شيمش" قفز العدد من 4 الى 34. الانتشار السريع في التجمعات الاصولية الكبيرة أعلى بكثير مما هو في المدن العلمانية الرئيسية. في تل ابيب، تضاعف عدد المصابين (85 يوم الاثنين و191 يوم الخميس). وفي هرتسيليا (18 يوم الاثنين و39 يوم الخميس). وفي "رمات غان" (20 الاثنين و42 الخميس). نتانيا (20 في يوم الاثنين و53 يوم الخميس). اسدود (24 يوم الاثنين و51 يوم الخميس).
رئيس بلدية بني براك، ابراهام روبنشتاين، نشر بيانا مستعجلا للسكان قال فيه، "هناك اوقات يجب التوقف فيها، وببساطة الصراخ والتحذير. في بني براك للأسف الشديد هناك حوالي 300 مصاب بـ"كورونا". هذه وتيرة اصابة شديدة وهي الاخطر من جميع المناطق في البلاد، حيث إن التوقعات مخيفة بشكل كبير. لقد حان الوقت للاستيقاظ! حاخامات المدينة وكبار رجال التعليم يصرخون: أوقفوا مراوغة النصاب القانوني لعدد المصلين الذي يزيد على 10 اشخاص وحافظوا على المسافة، وأوقفوا عبء الانقضاض على شبكات التسوق. ببساطة، اجلسوا في البيوت بحذر، فالأمر خطير ومخيف، وهو يقتضي منا أن نفهم بأن هذا حفاظ على النفس".

السلطات الأصولية: وزارة الصحة لا تبلغنا أولاً بأول
الى جانب الارتفاع الحاد في عدد المصابين فإن جهات في عدد من السلطات الاصولية قالت، إن وزارة الصحة لا تبلغ السكان أولا بأول بأن عليهم الدخول الى الحجر عند مخالطة مصابين بالفيروس. وهي لا تشرك السلطات التي تريد العمل بنفسها لمنع انتشار الفيروس في التجمعات الاصولية، التي فيها الاكتظاظ كبير والامكانية الكامنة للاصابة عالية.
الثلاثاء الماضي، علم رئيس بلدية بني براك، روبنشتاين ومدير عام البلدية، شموئيل ليتوف، بأنهما تخالطا مع مصاب بـ"كورونا" هو مدير عام "عيزر متسيون"، حنانيا تشوليك. وقد وضعا نفسيهما في الحجر، ولكن حتى الآن لم يصلهما أي بيان رسمي من وزارة الصحة أو "الشاباك" حول واجب دخولهما الى الحجر.
صعوبة الوصول الى جمهور الاصوليين تكمن في المقام الاول في النقص في وسائل التواصل من قبل الكثيرين من الجمهور الاصولي. نحو نصف المجتمع الاصولي ليس لديه هواتف ذكية، بل هواتف "حلال" فيها لا يمكن تلقي البيانات التي تبلغهم عن الحاجة الى الدخول الى الحجر. أي أنه ربما اختلط مواطنون كثيرون مع مصابين ولا يعرفون ذلك. لذلك، هم لا يعزلون انفسهم.
تعالج وزارة الصحة أزمة "كورونا" منذ بدأ الفيروس بالانتشار في البلاد. وهي تصدر توجيهات للجمهور تشمل تقييد الحركة المشدد وتلزم أي شخص عاد من الخارج أو كان قرب مصاب مؤكد بالدخول الى الحجر البيتي. ولكن خلافا للجمهور العلماني والمتدين فإنه في الجمهور الاصولي تسير الامور بشكل مختلف. فالكثيرون منهم غير مطلعين على المعلومات التي تتدفق في وسائل الاعلام، وامكانية العزل التي تقف امام الشخص المطلوب منه فعل ذلك ازاء الاكتظاظ الكبير في البيوت والشوارع.
سلطات اصولية كثيرة تريد جسر الفجوة عبر خلق مجال اتصال مع سكانها وايجاد حلول للمشكلات التي يطرحها الوضع من اجل منع استمرار الانتشار. ولكن حسب مصادر كثيرة فيها، فإن الوزارة لا تسمح لها بأخذ دور في معالجة الوضع في مناطقهم. وبهذا يتوقع أن يتسبب ذلك بضرر كبير.
"كل شيء هنا يجري بوساطة شائعات من شخص الى آخر"، قال للصحيفة مصدر كبير في بلدية "موديعين عيليت". "شخص ما يسمع بأن جاره أصيب والأمور تمر. لا توجد متابعة أو رقابة. كل شخص يمكنه التقرير بنفسه هل عليه أن يكون في الحجر أم لا. كان لدينا شخص معين سمعوا بأنه مصاب وتجول في الكنيس، وبعد ذلك يبلغ الناس بعضهم. ليس لدينا أي اتصال مباشر مع وزارة الصحة. ايضا القليل الذي نعرفه هو فقط عن طريق الاتصالات والمحادثات غير الرسمية".
وقال مصدر كبير في السلطات الاصولية، إن السلطة التي يعمل فيها بالذات طلبت الحصول على بيانات من الوزارة للبدء في معالجة الامر على المستوى البلدي. ولكن الوزارة رفضت الطلب. "في البداية جلسنا بهدوء لأننا كنا على ثقة بأن الوزارة تعالج الامر. والرسائل التي حصلنا عليها منها كانت "هذا موضوع طبي، لا تتدخلوا، نحن نعالج الامر"، قال. "قبل ثلاثة ايام توصلنا الى قرار بأن الوزارة في الحقيقة لا تعمل لدينا. فعلياً نحن متخلفون اسبوعين وربما أكثر عن باقي البلاد. لا أريد التفكير بما سيكون هنا قريبا. نحن الآن في موجة الاصابة التي حدثت في عيد المساخر.
"لقد طلبنا أن يحولوا لنا البيانات، معلومات تمكننا من معالجة الموضوع. ولكنهم لا يقولون لنا من هو المصاب، لذلك نحن لا نعرف من الذي يجب أن نبلغه بأن عليه حجر نفسه. وجدت وزارة الصحة نفسها في حدث اكبر منها بعدة مستويات، لكنها لا تبلغنا بالمعلومات"، قال. "يصعب علينا التعامل معهم. الشعور هو أنهم قرروا أنهم اكثر ذكاء وأنهم يعرفون كيفية ادارة الحدث وحدهم".

يأخذون زمام الأمور في أيديهم
ازاء هذا الوضع فإنهم في بلدية بني براك يحاولون العمل بأنفسهم. جهات في البلدية تجري مفاوضات مع مشغلي بعض المنشآت في المدينة من اجل ايواء الاشخاص الملزمين بالحجر الانفرادي. "يجب ادخالهم الى اماكن الحجر واخراجهم من البيوت"، قال مصدر في البلدية. "تخيل شخصا يجب عليه الحجر يعيش مع 12 شخصا في بيت مساحته 70 مترا مربعا. هذا خطر آني".
بسبب عدم التواصل مع وزارة الصحة ايضا بدؤوا في بلدية "موديعين عيليت" يعملون بأنفسهم بوساطة بيانات جمعوها من وسائل الاعلام ومن موقع الوزارة الرسمي – هم يبلغون سكان المدينة بالطرق المعروفة لهم. "قبل اسبوعين وزعت البلدية منشورات على البيوت"، قال مصدر في المدينة. "كانت هناك صفحة فيها شرح عن (كورونا)، ورسائل للحاخامات يدعون فيها الى الالتزام بالتعليمات. واستخدموا مكبرات الصوت في الشوارع. والمشكلة هي أنه لا توجد معلومات منظمة من وزارة الصحة".
واضاف المصدر، إن البلدية اصدرت بيانات في الهواتف مع التعليمات الجديدة. ولكن عددا كبيرا من الجمهور لا تصل هذه البيانات اليهم. ليس كل واحد يسمع البيان الذي تسلمه. لذلك، ثمة عدد كبير لا يعرف بأن هناك تعليمات جديدة من الحكومة".
"في (بيت شيمش) قرروا امساك زمام معالجة الازمة في أيديهم. وأول من أمس، تشكلت في المدينة (غرفة عمليات) لمعالجة (كورونا). معظم الاحداث جرت حتى اليوم، على المستوى القطري، والآن نعرف بأنه يجب أن نأخذ المسؤولية عما يحدث، وأن نكون اكثر صرامة"، قالت رئيسة البلدية، عليزا بلوخ، في محادثة مع المراسلين. وقد تحدثت عن ارتفاع عدد المصابين في المدينة، من 4 مصابين في بداية الاسبوع الى 36 مصابا، أول من أمس، في الاساس في الاحياء الجنوبية التي يعيش فيها اصوليون. "هناك عدد غير قليل من السكان لا يدركون جسامة الحدث"، قالت. "يجب علينا التأكد من أنه لا يوجد احد من السكان لا يفهم مدى الخطورة. توجهنا الى وزارة الصحة للحصول على المعلومات في الزمن الحقيقي والدقيق كي نستطيع منع العدوى".
وقد أجرت بلوخ محادثات مع حاخامات المدينة، وطلبت منهم أن يأمروا الناس بإغلاق الكنس. "لا شك أن الانتشار هو في المناطق الاكثر اكتظاظا في المدينة. يوم الجمعة كان مصاب بـ(كورونا) يتجول في الشارع. وبفضل السكان الذين ابلغونا تم العثور عليه من قبل الشرطة. هذا ليس فقط خرقا للقانون، بل هو خطر قاتل حقيقي. وقد نفد صبري من ذلك".
ورغم عدم وضوح الصورة إلا أنه يظهر أن الاصوليين بدؤوا يدركون خطورة الوضع الذي يوجدون فيه قبل اسبوع تقريبا، ازاء انتشار المرض. الكنس في معظم المدن الاصولية اغلقت، والحاخامات يدعون اتباعهم للامتثال لكل توجيه لوزارة الصحة. "الامتثال في بني براك، اليوم، أكبر منه في أي سلطة اخرى"، قال مصدر رسمي مطلع على الوضع في المدينة. "أصدر الحاخامات تعليمات واضحة. وهناك تعاون وثيق مع السلطات".
ولكن هناك تجمعات ترفض التعاون مع السلطات – الجناح المقدسي المتطرف والتجمعات المتطرفة في "مئه شعاريم" و"بيت شيمش". فهناك عدد كبير من الاشخاص ما زالوا يتجمعون في الكنس، ولا يلتزمون بالتعليمات التي تمنع وجود النصاب القانوني في الصلوات. وفي الاسبوع الماضي وثق حفل زفاف كبير في "موديعين عيليت" في احدى البلدات المتماهية مع الجناح المقدسي. في المكان ظهر بضع عشرات من المحتفلين وهم يرقصون معا.
وفي حفل آخر في المدينة، اعتقل ثلاثة من اعضاء الجناح المقدسي بعد فتح كنيس درس فيه عشرات الاشخاص. كل دخول لقوات الشرطة من اجل اغلاق كنيس أو مدرسة دينية ينتهي بالمواجهات والاعتقالات. ايضا عدد من الاشخاص يشتمون رجال الشرطة، بل يرشقونهم بالأغراض. ايضا في "بيت شيمش" عثرت الشرطة على شقتين يجري فيهما تعليم للأطفال بشكل سري. وتم تغريم اصحاب الشقق خمسة آلاف شيكل، وسرح الاطفال الى بيوتهم.
اليوم، يبدو أنهم في الوزارة بدؤوا يدركون الوضع المعقد. في محادثة اجراها رئيس مركز الحكم المحلي، حاييم بينس، مع نائب المدير العام للوزارة، البروفيسور ايتمار غروتو، تم طرح مشكلة المعلومات المتاحة والمحدثة للسلطات بخصوص السكان المصابين والمعزولين. في اللقاء قال غروتو، إنه منذ الآن سيكون التعاون بين السلطات ووزارة الصحة وثيقاً بشكل أكبر. وأنه من بداية الاسبوع ستنقل البيانات للسلطات المعنية كي تستطيع العمل بهذا الشأن.
ولم يصل رد وزارة الصحة حتى كتابة هذه السطور.

عن "هآرتس"