بقلم: عاموس هرئيل
21 أيلول 2015
نشب التوتر في القدس، الذي أدى في نهاية الاسبوع لاول مرة أيضا الى إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو سديروت وعسقلان، في توقيت مريح لكثير من الجهات ذات الصلة في الجانب العربي. فلأسباب مختلفة تستفيد السلطة الفلسطينية و"حماس" من تركيز المواجهة على الحرم. ويحتمل ايضا أن يكون جيداً لقطر التي صعدت مؤخرا دورها فيما يجري بين إسرائيل وجيرانها.
يخدم التصعيد السلطة بقدر ما، لأن شرقي القدس يخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة، ولهذا فمن الصعب توجيه اللوم المباشر لها. كما انه يوفر خلفية مناسبة لخطاب محمود عباس في الجمعية العمومية للامم المتحدة في نهاية الشهر. فالرئيس وعد منذ الآن بأن يلقي في الخطاب قنبلة، قد تتبين كتنكر فلسطيني رسمي – جزئيا أو كاملا – لاتفاقات أوسلو.
كما أن التوتر جيد ايضا لـ"حماس"، التي تواجه مشاكل متزايدة في قطاع غزة. فخيبة أمل الجمهور الغزي من شروط المعيشة المتدهورة، ولاسيما المصاعب المتفاقمة مؤخرا في توريد الكهرباء، أدت منذ الآن الى موجة تظاهرات ضد "حماس" والسلطة. وفي نهاية الاسبوع بدأت مصر بإغراق الانفاق على طول الحدود مع القطاع في رفح، وهي بذلك تعزز إحساس الحصار الذي يعيشه السكان على أي حال. وعليه، فإن صرف الاهتمام نحو ما يجري في القدس يفيد الحكم في القطاع ايضا.
تقف الاحداث في الحرم على ما يبدو في خلفية اطلاق الصواريخ من القطاع في ليل يوم الجمعة، والذي تقف خلفه احدى المنظمات السلفية المتطرفة. ردت اسرائيل بقصف محدود لمواقع "حماس"، انطلاقا من النهج ذاته الذي تتمسك به منذ انتهاء الحرب في آب 2014 – التقدير بأن القيادة السياسية للمنظمة لا ترغب في هذه المرحلة في موجة قتالية اخرى، وان الردود العسكرية المحدودة تكفي لتشجيع "حماس" على كبح جماح المنظمات الاصغر دون تفاقم التوتر.
اللاعبة الاضافية ذات الدور الاقل فهماً في هذه الصورة هي قطر. فالنشاط القطري في القطاع ازداد بعد الحرب، على خلفية مساهمة الامارة المالية الكبيرة لمساعي اعادة اعمار غزة. ويقوم مندوب قطري رسمي بجولات مكوكية مستمرة بين رام الله وغزة، وغير مرة يتوقف في الطريق ليعقد لقاءات في تل ابيب ايضا. وعلق القطريون آمالا كبيرة على تثبيت وقف نار طويل المدى ("هدنة") بين اسرائيل و"حماس"، تترافق مع رفع تام للحصار عن القطاع من الجانب الاسرائيلي. غير أنه أوضح لهم مؤخراً بأن إسرائيل لن تكون شريكا في مثل هذه الخطوات.
يحتمل أن تكون الحماسة الزائدة التي تبديها شبكة "الجزيرة" التي تملكها قطر في تغطية الاحداث في القدس تحركها ايضا مشاعر الانتقام في الدوحة. وهذا قد يكون التفسير لحقيقة ان التوتر في الحرم يبدأ معظم النشرات الاخبارية هناك، قبل الانباء عن المذبحة اليومية في سورية، وانه قبل بضعة ايام ادعت الشبكة بأن "باصات تقل مستوطنين ونشطاء لليكود" توجد في طريقها الى منطقة الحرم، الامر الذي سمع كصدى مختلف (وذي مصداقية بالقدر ذاته) لتحذيرات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في يوم الانتخابات الاخيرة.
حاليا، يخيل أن اغراق القدس بافراد الشرطة وبرجال حرس الحدود يمكنه ان يساعد ويؤدي الى تبديد بعض من التوتر في المدينة. وبالتوازي حرصت اسرائيل على أن تنقل رسائل للفلسطينيين، للاردن، ولدول الخليج، وبموجبها ليس لديها أي نية لتغيير الوضع الراهن في الحرم. ولكن الارض لا تزال تعتمل. فقد نظمت المظاهرات في الايام الاخيرة في الاحياء والقرى البعيدة عن البلدة القديمة، بل انتقلت الى الضفة الغربية. وسيبقى الوضع في القدس على ما يبدو متوترا على مدى فترة الاعياد، وذلك ايضا على خلفية العدد العالي المتوقع للزوار اليهود للبلدة القديمة. وفي الاسابيع القادمة ستضطر الشرطة الى مواصلة اظهار التواجد المتزايد، ولكن الى جانب ذلك التحكم وكبح الجماح ايضا. ويخيل ألا مفر من الذكر بأن المهمة ملقاة على جهاز يعمل منذ قرابة ثلاثة اشهر بلا مفتش عام.
في الوقت الذي يدفع فيه نتنياهو نحو تغيير تعليمات فتح النار بشكل يمنح صلاحيات اكبر لافراد الشرطة في القدس، ليس لدى الجيش نية لاجراء تخفيفات اخرى. ففي الجيش يعتقدون بأن التعليمات الحالية لقوات قيادة المنطقة الوسطى، والتي تسهل بالفعل بقدر اكبر بقليل مقارنة مع التعليمات لافراد الشرطة، كافية بالضرورة. وأبدى رئيس الاركان، غادي آيزنكوت، مؤخراً، ملاحظة بأنه منذ بداية السنة قتل 19 فلسطينيا في الضفة بنار الجنود، في حوادث وقعت عقب رشق الحجارة والزجاجات الحارقة. في نظره هذا عدد عال، ولا يساعد على تهدئة الاوضاع. وعليه فإن آيزنكوت وقائد المنطقة الوسطى، روني نوما، لا يستسلمان للضغوط التي يمارسها عليهما الآن رؤساء المستوطنين والنواب من اليمين، لاظهار يد شديدة اكثر في تفريق الاحداث في الضفة او اجراء تغيير آخر في تعليمات فتح النار للجيش الاسرائيلي.
عن "هآرتس"
الاحتلال يمنع دبلوماسيين من دخول الحرم الإبراهيمي في الخليل
23 سبتمبر 2024