لو لم نكن عشنا ورأينا بأم اعيننا ما فعله الفيروس الكوروني ، او الصيني ، على حد تسمية ترامب له ؛ مليون إصابة وأكثر من خمسين ألف وفاة ، في غضون شهرين من مطلع العقد الثالث من الالفية الميلادية الثالثة ، لما صدقنا، كوننا نرى أشياء اخرى اكثر غرابة وربما أكثر توحشا من توحش الفيروس .
ففي الوقت الذي تفرض فيه الحكومات حظر التجول على شعوبها لأيام واسابيع وأشهر ، وتحظر المواصلات البرية والبحرية والجوية ، وتعطل المدارس وتغلق المصانع والملاعب والمسارح ودور العبادة بغض النظر عن الاله الذي تتعبد له ، نرى بأم اعيننا ايضا ، تواصل الحروب واحتدامها ، برا وبحرا وجوا مثل الحرب على اليمن وافغانستان والعراق وسوريا وفنزويلا ومالي ونيجيريا والصومال وجنوب السودان وسيناء مصر ، و طبعا فلسطين .
رأينا بأم اعيننا ، كيف "تسللت" قواعد ومنصات صواريخ باتريوت بالعشرات الى داخل العراق ، رأينا كيف تقصف طائرات اسرائيلية مواقع في عمق سوريا ، كيف تشن طائرات التحالف العربي عشرات الغارات على اليمن ، وكيف ترد صنعاء بقصف الرياض وجازان بالصواريخ البالستية ، كيف تستمر تركيا بإرسال ارتالها العسكرية الى سوريا وكيف ما انفك اردوغان يطالب سوريا بالانسحاب من سوريا .
رأينا كيف تعكف الحكومات العمل على إعادة رعاياها من الدول الاخرى ، بما في ذلك دول صغيرة وفقيرة ، وتعرضهم للحجر الصحي 14 يوما عند كل حدود ينجحوا في اجتيازها ، لكننا لم نر احدا يسحب جنوده بالالاف من الاراضي التي احتلتها "في الرخاء" ، اي ما قبل تفشي الفايروس . فكيف يمكن تصديق مثل هذه الدول حرصها على حياة ابنائها من الوباء في حياضها ولا تحرص عليهم جنودا في حياض الآخرين ، فإذا كانت تركيا نفسها غير آمنة في تركيا ، فكيف تضمن الامان لجنودها في سوريا ، وكيف تضمن امريكا الامان في مياه الخليج وكيف تضمن اسرائيل الامان في الضفة وعلى تخوم القطاع .
اسرائيل "الديمقراطية" التي لم يأمن وزير صحتها ورئيس موسادها الاصابة بالفيروس ، استمرت في قتل الفلسطينيين وهدم منازلهم واعتقال ابنائهم و اصدار الاحكام العسكرية بحقهم ، بما في ذلك الحبس الاداري، "بشرى الطويل" و دفع الغرامات . وقيل انها عندما ارسلت جنودها لاعتقال ثلاثة شبان في مخيم الدهيشة ، كانوا يلبسون الكمامات والبدلات الواقية خوفا من انتقال العدوى "المتفشية" في بيت لحم اليهم ، بل انها عمدت الى تلبيس المعتقلين الثلاثة بدلات مشابهة. لكن جنودا في الخليل ومستوطنين في بيت سيرا تعمدوا البصق على سيارات الفلسطينيين، أملا ان يضربهم الفيروس، و ألقى آخرون بعمال مشتبهين بالفيروس على الحواجز العسكرية ، ويستعدون اليوم لارجاع خمسين ألف عامل دفعة واحدة بمناسبة عيد "البيسح المجيد".
كان يمكن لسعر الباتريوت الذي رأيناه يدخل العراق ان يقي من الفيروس ، بدلا من ان يتفشى فلا يكفي لرده وصده خمسة ترليونات دولار .