21 أيلول 2015
بقلم: أفرايم هليفي
تجري زيارة رئيس الوزراء الى موسكو، اليوم الاثنين، على خلفية صعود درجة مهمة في مستوى التواجد الروسي العسكري في سورية. فالخطوة الروسية تستهدف انقاذ نظام الاسد من الانهيار. تبدو روسيا اللاعب القوي الوحيد المؤيد لبقائه بلا تحفظ، رغم أنه ليس واضحا بعد كيف تعتزم تحقيق هذا الهدف. هل من خلال التوجيه الواسع للمجندين الجدد للصفوف المتناقصة للجيش السوري؟ هل من خلال تسليح وحدات عسكرية لايران و"حزب الله" بسلاح متطور؟ الى أين يقود الرئيس بوتين؟
لا بد ان نتنياهو سيطلع اثناء زيارته على نوايا بوتين، ويعرض أمامه سياسة اسرائيل ومطالبها لترتيب مستقبل سورية. وتتشارك اسرائيل وروسيا على حد سواء في التقدير بأن ايران و"حزب الله" غير قادرين على انقاذ نظام الاسد رغم تدخلهما المباشر وطويل الامد في القتال. ويبرز ضعفهما على خلفية فشلهما المشترك، ما يثير في روسيا علامات استفهام حول مسألة جودتهما كحليفين على الارض. اما اسرائيل من جهتها فقد أبدت تصميما على عدم السماح بنشاط من ايران و"حزب الله" في هضبة الجولان، ولا بد أن هذا الجانب لا يخفى عن ناظر بوتين، وهو ملزم بأن يأخذ ذلك بالحسبان عند رسم سياسته في سورية.
الى جانب زيارة نتنياهو الى موسكو يمكن أن نلاحظ تراكض القوى العظمى بين الولايات المتحدة وروسيا. فبعد رصاصة البدء التي أطلقتها موسكو، بدأت واشنطن تصمم رد فعل من جهتها؛ فهي تشارك منذ زمن ما في اعمال القتال من الجو ضد "داعش" في المجال الجوي القريب من سورية، إضافة الى البعد الاستراتيجي الاوسع للصراع العتيق بين القوتين العظميين على مجال النفوذ في الشرق الاوسط.
في الجانبين توجد رغبة في منع التدهور، ومن هنا جاء قرار اجراء اتصالات امنية – عسكرية فورية قد تتسع لتصبح مفاوضات على مستقبل سورية، بما في ذلك مسألة التواجد الايراني في اراضيها. ولعل تشجيع الولايات المتحدة على الدخول في مفاوضات استراتيجية لتحقيق حل شامل لسورية كان الهدف الحقيقي للمناورة الروسية. فوزير الخارجية الأميركي يلمح إلى استعداد بلاده للصعود الى هذا المسار. ولاسرائيل في ذلك مصلحة واضحة.
يفيد سلوك بوتين في الازمات الخارجية بأنه يخطط خطوة إثر خطوة في ظل الحفاظ على الخيارات للالتفافات السريعة التي تمليها الاحداث غير المتوقعة على الارض. في العام 2013، عندما بدأ السوريون باستخدام السلاح الكيميائي في الحرب الاهلية، كان الرئيس الأميركي اوباما مطالبا بأن يسدد التزامه بأنه يرى في ذلك اجتيازا "لخط احمر". وفيما كان ينظر في خطواته، نشر بوتين مقالا في "نيويورك تايمز" قال فيه ان مرتكبي الجريمة هم جهات من المعارضة، بل وأضاف انه توجد معلومات بأنهم سيستخدمون هذا السلاح ضد اسرائيل في المستقبل.
وبدأ اوباما ينشر وسائل قتالية استراتيجية بهدف قصف مخزونات السلاح الكيميائي، وفي غضون وقت قصير غير بوتين رأيه وبادر مع اوباما الى خطوة لنزع السلاح من يد الاسد، تحت رعاية دولية. وفي اطار ذلك نسي التهديد على اسرائيل، والذي تبين كخطوة تضليل.
أهداف بوتين، فضلا عن انقاذ الاسد الرجل، محفوظة قريبا من صدره. ولا بد أنه سيرغب في الوقوف على توقعات اسرائيل التي لا يمكنه ان يتجاهلها. وواشنطن هي الاخرى ستتابع اللقاء ونتائجه، كي تفهم الى أين يتجه رئيس الوزراء. فهل سيعنى بالفوري فقط – رفع مستوى السلاح الروسي الذي اعطي للسوريين، للايرانيين ولـ"حزب الله" والحفاظ على التفوق النوعي لاسرائيل في السلاح في كل وضع؟ هل سيضع اسرائيل كلاعب نشط وقوي يجب أن تؤخذ احتياجاته الاستراتيجية بالحسبان، ولاسيما بالنسبة لايران؟
في كل الاحوال، فإن الحوار المتسع بين الولايات المتحدة وروسيا يلزم اسرائيل الا تأخذ صورة اللاعب المحايد بين القوى العظمى المتصارعة في الشرق الاوسط. فالتحالف الاسرائيلي – الأميركي يسير في اتجاهين، وعندما سيبحث في رفع مستوى التفوق النوعي اللازم لاسرائيل بالوسائل القتالية وبالاحتياجات الاستراتيجية في لقاء تشرين الثاني في البيت الابيض، من المحظور ان يكون ثمة شك في الالتزام الاسرائيلي تجاه حليفتها. وعندما يدور الحديث عن سورية سيكون من المهم ان تحرص الولايات المتحدة على إسرائيل، مثلما تحرص روسيا على ايران.
اللقاء في موسكو قد يؤثر على الطريقة التي يستقبل فيها رئيس الوزراء في واشنطن – كحليف ام كزبون. ونذكر ان الرئيس بوتين يقدر ويثمن اسرائيل قوية.
عن "يديعوت"