غانتس يحارب الضم: لقد أضحكتَ «كورونا»!

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي


الأخير لن يتنازل «أزرق أبيض» - جناح بني غانتس عن هذا المعقل. رؤساؤه سيحاربون حتى قطرة الدم الأخيرة.
هذا لا يشمل بالطبع عدم الانضمام إلى الحكومة، أي الضم. الضم يعني يمينا متطرفا. أما هم فلا. الضم يعني كارثة سياسية. وهم ضده. هكذا تحوّل الضم إلى العقبة الاخيرة في طريق تشكيل الحكومة.
ولد لدينا صراع فكري، اذا جاز التعبير. عودة الايديولوجيا بعد موتها. ايضا قاعدة الأولاد القدامى مستاءة: مئات اعضاء منظمة «قادة من أجل أمن إسرائيل» نشروا في نهاية الأسبوع عريضة ضد الضم.
لا يوجد تقريبا أي جنرال أو عميد في الاحتياط لم يوقع. انظروا وشاهدوا أي «أزرق أبيض» متنور يوجد لدينا، وأي ضباط احتياط يحبون العدالة والسلام. ومن ما زال يحلم بالتسوية يمكنه النوم بهدوء. «أزرق ابيض» بالمرصاد. لن يكون ضم.
كان في السابق ضم. منذ فترة. ومن قام به هو اليسار والوسط الصهيوني، الذين يحاربون الآن ضده. ومن نفذه بالفعل بيديه هم الجنرالات الذين وقعوا على العريضة. لا يوجد أي واحد منهم يداه غير ملطختين بدماء الضم، من غانتس وحتى ضابط المدرعات. جميعهم شاركوا في مشروع الضم الذي استكمل منذ زمن. الآن يقفون وراء المتراس ضده. لن يكون ولن يتحقق الضم. الحقيقة هي أنه تحقق وكان، ضمن امور اخرى، بسببهم.
غانتس مطالب بالاستسلام دون شروط والتنازل ايضا عن هذا المعقل الاخير. لا يوجد لنضاله أي معنى. «المناطق» المحتلة هي جزء لا يتجزأ من إسرائيل، مع الضم ودونه. وفي الواقع يؤيد غانتس ضم غور الاردن. والمبدأ حسب اقوال برنارد شو سبق وحدد، وبقي فقط الاتفاق على الثمن.
لم يعد هناك خط أخضر. لقد تم قتله. ولا يوجد بين رعنانا وافراتا أي فرق. السكان ذاتهم الامتيازات ذاتها وكذلك الابرتهايد هنا وهناك.
النضال ضد الضم هو نضال ضد فزاعة. ومن المشكوك فيه أن يُنفّذ مع رئيس أميركي غارق في «كورونا». ولكن حتى لو وافق ترامب على الضم، قبل لحظة من إبعاده عن منصة التاريخ، لن يكون لذلك أي معنى.
تحول الواقع في «المناطق» الى أمر غير قابل للتغيير. في الحقيقة الضم أمر قابل للتغيير بشكل لا يصدق.
الإعلان عن نهايته، وينتهي الضم. اتفاق سياسي – نهاية السيادة. ايضا هتلر أعلن الضم.
النمسا دولة ذات سيادة، ومثلها اقليم السوديت الذي أعيد الى إلتشيك. عقبة الغاء الضم فعليا هي الكمية المدهشة من المستوطنين، الذين لم يحرك أحد من الخبراء ضد انتشارهم ساكنا، سواء غانتس أو «ضباط من اجل امن إسرائيل». جميعهم شركاء في مشروعهم. أن يخرجوا الآن ضد الضم، هذا يشوه النفاق وإظهار الورع. بيان القادة، الذي نشر في الصحيفة، قبل أيام، يسيء لهذا الاسم اكثر: جميع مبرراتهم تتعلق فقط بالضرر الذي سيلحق بإسرائيل، والثمن المالي الذي سيلقى عليها بسبب الضم. هذا هو العائق الوحيد في نظر الجنرالات من اجل تخليد الديكتاتورية والاستبداد ضد شعب آخر. مع محاربي عدالة كهؤلاء فإن الفاشيين المعلنين مفضلون عليهم.
هم على الأقل غير متعطرين برضا عن الذات بسبب تنورهم في نظر أنفسهم. هم على الأقل لم يتظاهروا مثل الجنرالات الذين وقعوا على العريضة، والذين فجأة دهشوا من الضم الذي هو من صنع أيديهم؛ لأنه سيكلفنا ثمنا باهظا.
توجد لدينا منذ فترة دولة واحدة وشعبان وأربعة أنظمة حكم: ديمقراطية لليهود، تمييز ضد العرب في إسرائيل، استبداد عسكري ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، سجن لإخوانهم في قطاع غزة. حُسم مصير الجميع في القدس وفي تل أبيب.
فيروس «كورونا» هو الدليل الدامغ على الضم الذي حدث منذ زمن بعيد. إذا انتشر الفيروس في مخيم الدهيشة فإنه سينتشر بسرعة الى كريات غات. ومن مخيم جنين سينتقل بسرعة إلى كريات شمونه. ومن خان يونس ايضا سيصل في نهاية المطاف الى عسقلان.
لن يستطيع أي حاجز الوقوف في طريقه. دولة واحدة. الآن غانتس يناضل كما يبدو ضد الضم. لقد تأخرت عن القطار، لقد أضحكت الفيروس، وموّتّ الواقع من الضحك.

عن «هآرتس»