تمـهــيــداً لصـفــقــة تــبــادل أســــرى مــــع "حــمـــاس"؟

حجم الخط

بقلم: يوني بن مناحيم*



عبّر زعيم «حماس»، يحيى السنوار، عن استعداده لـ»تنازلات جزئية» لاتفاق جديد لتبادل الأسرى بشرط أن تفرج إسرائيل عن سجناء أمنيين بسبب وباء كورونا.
وتعتقد مصر أن آفاق الصفقة الجديدة ضئيلة، وأن تصريحات السنوار تهدف إلى الحصول على الغذاء والإمدادات الطبية لقطاع غزة، ويبدو أن «حماس» غير راغبة في التخلي عن الشرط المسبق الذي حددته للصفقة.
وتستغل «حماس» أزمة كورونا في محاولة للتوصل إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى بشروطها مع إسرائيل. فبعد صمت طويل بشأن القضية المتعلقة بالإسرائيليين الأربعة، الذين تحتجزهم «حماس» في قطاع غزة، ظهر زعيم «حماس»، يحيى السنوار، على وسائل الإعلام التابعة لـ»حماس» في 2 نيسان الجاري وعرض مخططا جديدا لاتفاق تبادل الأسرى مع إسرائيل في ضوء أزمة كورونا.
وتصف «حماس» اقتراح يحيى السنوار بأنه «مبادرة» لإثبات أنه البادئ، ولإظهار الاهتمام بسلامة الآلاف من السجناء الأمنيين في السجون الإسرائيلية في ضوء الخطر المحتمل للإصابة بفيروس كورونا.
ويقول مسؤولو «حماس» في قطاع غزة، إن هذه ليست صفقة شاملة، ولكنها مرحلة متوسطة تهدف إلى كسر الجمود في المفاوضات، والتحرك نحو صفقة شاملة لتبادل الأسرى.
من المهم التأكيد على أنه حتى هذا الوقت ليس هناك ما يشير إلى أن «حماس» تتخلى عن عرضها الجديد للشرط المسبق الذي حددته، وأرجأت صفقة تبادل الأسرى لفترة طويلة بسببه، وهو إطلاق سراح عشرات «الإرهابيين» من «حماس»، ممن اعتقلهم «الشاباك» بعد «صفقة شاليت» في العام 2011، بعد العودة للنشاط «الإرهابي».
وقال يحيى السنوار، إن حركته «مستعدة لتقديم تنازلات جزئية حول قضية الأسرى الإسرائيليين الذين في يديها مقابل إطلاق سراح إسرائيل من المسنين والمرضى والأمنيين كبادرة إنسانية بسبب وباء كورونا»، لكنه لم يوضح.
تحاول «حماس» تمرير الكرة إلى ملعب إسرائيل لتقديمها كرفض لأي صفقة تبادل للأسرى. ومع ذلك يعتقد المسؤولون في قطاع غزة أن السنوار يعتزم اتخاذ خطوة أولية لبناء الثقة بين الطرفين كما كان قبل «اتفاق شاليت».
في تشرين الأول 2009، اتخذت إسرائيل خطوة بناءة، وأفرجت عن 20 سجيناً، مقابل أن زودت «حماس» إسرائيل بشريط فيديو مدته دقيقة واحدة يظهر جلعاد حاكما حيّا وسليما.
وقال المعلق الفلسطيني، مصطفى الصفاف، المقرب جداً من «حماس»، لـ»الخليج أون لاين» في 4 نيسان، إن مبادرة يحيى السنوار لا تتعلق بصفقة تبادل الأسرى، بل خطوة ستثبت لإسرائيل من خلال «معلومات مرئية أو غير مرئية» أن «حماس» تحتجز جنودها.
وأكد أن الحديث يدور عن صفقة تتطلب الإفراج عن الفلسطينيين الذين اعتقلوا مرة أخرى بعد «صفقة شاليت».
مسألة مصير الإسرائيليين الأربعة، الذين تحتجزهم «حماس»، واضحة للغاية بالنسبة لإسرائيل. وفقا لمسؤولين أمنيين فإن «حماس» تحتجز مدنيين إسرائيليين على قيد الحياة: أفراهام منغيستو وهشام السيد، وجثتين لجنود من الجيش الإسرائيلي، أورون شاؤول وهدار غولدين لكن «حماس» تحاول خلق غموض حول مصير السجناء الأربعة من أجل جبي ثمن من إسرائيل مقابل تقديم معلومات حول مصيرهم.
عادت مصر لتكون الوسيط الرئيسي بين إسرائيل و»حماس» في قضية الأسرى الإسرائيليين، كما كانت في «صفقة شاليت»، العام 2011.
فبعد تصريحات يحيى السنوار اتصلت إسرائيل بالمخابرات المصرية لمعرفة ما وراء تصريحاته حول استعداده «تقديم تنازلات جزئية».
وأفادت صحيفة «العربي الجديد» في 5 نيسان بأن إسرائيل تشاورت مع مصر بشأن استئناف صفقة تبادل الأسرى مقابل المساعدات الطبية والغذاء التي ستنقلها إسرائيل إلى قطاع غزة، وإمكانية تحسين احتجاز بعض السجناء دون التزام محدد بالإفراج عنهم، والذين نطالب «حماس» بإطلاق سراحهم.
وقدرت المصادر التي تحدثت معها الصحيفة أن آفاق صفقة تبادل الأسرى الحالية ضئيلة بسبب الوضع الرهيب (أزمة كورونا) وأن تصريحات يحيى السنوار مصممة بشكل أساسي من أجل الشعور بالراحة في الظروف المعيشية في قطاع غزة.
وقال يحيى موسى، القيادي في «حماس»، لـ»الخليج أون لاين» في 4 نيسان، إن مبادرة يحيى السنوار بشأن صفقة تبادل الأسرى جاءت نتيجة الوضع الصعب والمعقد في السجون الإسرائيلية والخوف من أن ينتقل وباء كورونا إلى السجناء.
هناك قلق شديد من أن «حماس» تحاول أن تحاصر إسرائيل، وتصورها على أنها غير راغبة في القيام بلفتة إنسانية وإطلاق سراح السجناء والمرضى المسنين الذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب فيروس كورونا دون استعراض مطالبها. المصريون لا يثقون في كلمات يحيى السنوار حول رغبته في تقديم «تنازلات جزئية»، ويعتبرونها تورية حتى يتمكن من جذب إسرائيل والحصول على الغذاء والمساعدات الطبية منها لقطاع غزة.
لذلك، يُعتقد أنه إذا كانت «حماس» مصممة على الشرط المسبق، الذي وضعته للإفراج عن سجناء «صفقة شاليت» قبل التوصل إلى اتفاق، فيجب على إسرائيل أن تسمع أشياء واضحة جدا عن ذلك من الوسيط المصري.
يمكن أن يساعد إنشاء حكومة جديدة في إسرائيل، خاصة إذا كانت حكومة طوارئ، في تقديم إجابة إيجابية وواضحة على استعداد «حماس» للتحرك نحو صفقة تبادل أسرى إذا كانت مستعدة لتلبية مطالبها.
من السابق لأوانه أن نكون متفائلين طالما أن مواقف «حماس» لا تزال غامضة، ومن غير الواضح ما إذا كانت ستتخلى عن الشرط المسبق الذي وضعته للترويج للصفقة.

* إعلامي إسرائيلي، درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية، وخدم في جهاز المخابرات الإسرائيلية.