بدأت الحرب العالمية ضد "كورونا" في أواخر العام الماضي في الصين، ومنذئذ انتشرت في العالم كاللهيب في حقل من الاشواك. الفيروس ذو القدرة الكبيرة على العدوى وإصابة من اعمارهم كبيرة اساسا والتسبب بموتهم، نجح لاول مرة في التاريخ في استغلال الحداثة، والصعود الى الطائرات دون بطاقة سفر، والتسلل الى الشبكات، وفي وقف الاقتصاد العالمي، وفي إلحاق ضرر اقتصادي لا يمكننا أن نقدر نتائجه.
لا يميز الفيروس بين الأغنياء والفقراء، بين الزعيم والمواطن، بل يمس الجميع: في إسرائيل اوقع حتى الآن ما لا يقل عن 86 ضحية. وفي الوقت الذي يوجد فيه في البلاد في الوقت ذاته نحو 8 آلاف شخص بأمراض مختلفة، بينما عدد المتوفين من أمراض فيروسية وجرثومية اخرى يتجاوز الآلاف، فان امرا واحدا يتفق عليه الجميع: الفيروس لن يختفي، وسيتعين علينا أن نتصدى لموجات أخرى.
تعيش إسرائيل، اليوم، في وضع جيد، بفضل الاجراءات التي اتخذت في المراحل المبكرة: الوفيات والإصابات أدنى بكثير من التوقعات البشعة والنماذج التي تتنبأ بالشرور. كانت مواضع خلل ايضا، وإجراءات متسرعة في دور العجزة وفي التجمعات السكانية المكتظة، كان يمكن لهذه الاجراءات ان تتخذ مسبقا، ولكن بالاجمال يعد التصدي الذي يقوم به الجهاز الصحي، اليوم، جيداً. الارتفاع في الإصابات وفي الوفيات يتناسب بقدر اكبر مع السير المنتظم للخط البياني رغم أننا جميعنا، بمن فينا "كارهو الحساب"، تلقينا دروسا في الرياضيات في كل مساء من زعيمنا عبر الرسوم البيانية والمتواليات الهندسية.
وليس هكذا هو الوضع الاقتصادي: البطالة لنحو 25 في المئة ليست وضعا يمكن لإسرائيل أن تتعايش معه، حتى ولو لزمن قصير. ووقف علاج الامراض العادية في المستشفيات لمئات آلاف المحتاجين لا يمكن أن يتواصل. وسيجر الانهيار الاقتصادي نتائج محملة بالمصائب لعموم الجمهور وللجهاز الصحي. وقدراتنا على أن نعيد بناء العلاج الطبي الجيد في إسرائيل ستتأجل سنوات طويلة.
وعليه، فمن واجبنا منذ اليوم، أن نعنى بالتخطيط لاستراتيجية الخروج التي تبدأ أول عيد. ينبغي أن نستغل الايام بين بدء الفصح ونهايته لبلورة الخطة التي تتضمن خروجا تدريجيا الى العمل، عودة تدريجية لمؤسسات التعليم من أصغر سن وحتى الجامعات، عودة للنشاط الطبي الضروري في المستشفات العامة. هذا ما ينبغي تنفيذه في ظل الحماية للجماعات موضع الخطر، وتخطيط الفحوصات بناء على ذلك، والمتابعة الثابتة للاصابات والوفيات. ينبغي أن نستخدم النماذج الرياضية ليس كي نتنبأ بمنحنى الوفيات، الذي فشل أمام الواقع، بل كي نتنبأ بتلك المناطق في إسرائيل التي تسمح وتيرة انتشار المرض فيها بالخروج إلى العمل. وقد اعدت منذ الآن عدة نماذج، بما في ذلك في التخنيون، رمبام، وانتل يمكنها أن تساعد وتوجه خطة الخروج.
يمكن تقليص العدوى الى الحد الادنى في هذه الظروف من خلال وضع الكمامات، الامتناع عن التجمهر، والامتناع عن الاكل المشترك في العمل، وتقييد المناسبات الجماعية مثل مباريات كرة القدم. لقد أثبت الجمهور في إسرائيل مسؤولية ويمكن الاعتماد عليه.
في حرب لبنان الثانية، في منصبي كمدير رمبام، عملنا على مدى شهر على معالجة المرضى تحت النار. في حينه ايضا، قبل اسبوعين من نهاية الحرب، بينما كنا نعالج الجرحى، جلسنا وخططنا استراتيجية للخروج. بنينا منشآت الطوارئ المحصنة ومستشفى تحت الارض لالفي مريض، نستخدمه، اليوم، ايضا في الحرب ضد "كورونا".
وعليه، فإني أدعو رؤساء الجهاز الصحي، الاقتصاد، والمجتمع، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، لأن يخططوا على الفور للخروج من الاغلاق. هذه خطة لا تقل اهمية عن الخطة الطبية الناجحة لوقف الوباء. والنجاح العام يجب أن يقاس ايضا من خلال الانتعاش الاقتصادي وتأثيره على عموم الثقافة والمجتمع.
عن "يديعوت"