بقلم: سميح خلف

التطبيع الفردي والتطبيع الممنهج

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

ثمة وقفات يجب ان نقفها امام حدث الايام الماضية وقيام حماس باعتقال لما يسمى ناشط انساني يدعى رامي امان ومجموعته التي شكلت كما فهمت في 2010 تحت مسمى لجنة الشباب التابعة للشخصيات المستقلة ، في حين ان الشخصيات المستقلة اكدت انه تم فصله منذ زمن.

اياد البزم المتحدث الرسمي باسم داخلية حمsاس اوقف جهاز الامن الداخلي هذا التطبيعي بقرار من النيابة العسكرية لحكومة غزة ، المهم في هذا الموضوع كان هناك حراك بين مؤيد ومعارض لتحرك تلك المجموعة بوجهات نظر مختلفة ولكن الاغلبية كانت قد ادانت هذا التصرف على مستوى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وعلى مستوى الفصائل ، اما رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي في فتح المؤتمر السابع محمد المدني فقد نفى ان يكون لتلك المجموعة علاقة بلجنته ، ولكنه لم يعارض هذا النشاط قائلا   " اللجنة ترحب بأي تواصل مع المجتمع الإسرائيلي على أرضية وطنية وسياسية واضحة."

لا ادري حقيقة عن اي ارضية وطنية يتحدث محمد المدني وعلى اي وضوح في حين يجب ان نذكر ان نفعت الذكرى ، في نصوص ميثاق منظمة التحرير اي اتصال مع العدو الاسرائيلي يعتبر خيانة عظمى وكذلك اذكر محمد المدني كعضو لجنة مركزية سابقا ً واذكره ايضا كاحد مساعدي ابو جهاد في القطاع الغربي الذي لم يؤمن يوما ً باي اتصال مع الاسرائيليين بل كان مؤمنا بتطبيق مبادئ واهداف حركة فتح بكل ما نصت عليه والكفاح المسلح وايضا اي اتصال مع العدو الاسرائيلي يعتبر خيانة عظمى .

التطبيع مع الاسرائيليين لا يمكن ان يقاس بازدواجية المعايير بين مطبعين من السبعينات وبالقياس بمصطلح التطبيع فهم تجاوزوا التطبيع لحلول سياسية وامنية اهدرت الحق الفلسطيني في ارضه وتاريخه ومصيره ولم يبقى من هذا الحق الا القليل المهدد بالضم الان بناءا على اللجنة المكلفة برسم خرائط الضم من سفير امريكا الصيهوني في اسرائيل فريدمان ولجنة من الليكود بقيادة نتنياهو ولجنة من ازرق ابيض بقيادة غينيتس، تصريحات السلطة حول النية الجادة بضم الغور والغور الشمالي والمستوطنات لم يجد ردة فعل تعبر عن سلوك قيادة بل عن سلوك نشطاء او افراد مراقبين للتحرك الاسرائيلي مثل تصريحات صائب عريقات ومجدلاني والتي لا تخلو عن كونها تحذير واستنكار....! في حين مطلوب من القيادة ان تصنع حدث في مواجهة سياسات الضم وتطبيقاتها وليس الوصف والشجب والتعبير اللغوي ، ولكن اريد ان اذكر هنا وبناءا على دائرة الاحصاء بان 125 الف عامل فلسطيني عملوا في المستوطنات الاسرائيلية .. هل وفرت السلطة لهم البديل ؟! اليست هذه هي حالة من حالات التطبيع القوية ! وصدر عن دائرة الاحصاء ايضا ان 25 الف تصريح لعام 2018 كان لرجال الاعمال والمقاولين داخل اسرائيل  ، اقتصاد السلطة مرتبط باسرائيل نتيجة لاتفاقية باريس ولا يمكن الانفكاك منه الا بقرارات شجاعة تعد الى ما بعد تلك القرارات في حالة انهاء عمل السلطة واتباع خيارات اخرى يطالب بها كثير من ابناء حركة فتح وفصائل المقاومة سواء كانت وطنية او اسلامية . وكيف يمكن ان يقاس مع التطبيع الفردي .؟ واين كانت اجهزة الامن التي سمعت لهم عمل مارتونات رياضية في غزة وداخل الارض المحتلة والمهم بفانيلات وزي ازرق ياخذ لون من الوان علم ما يسمى اسرائيل .؟

قضية هذا الذي يسمى ناشط تندرج تحت قضية الثقافة التي عملت على تغيير اوجه الصراع وقبول الاحتلال كما هو عليه وهو احد من تطبيقات اوسلو ورجالها ، هذا الجيل الذي لم يفهم في منظمة التحرير وتاريخها وحركة فتح وتاريخها الا انشودة هز الكتف بحنية ! وغني عتابة ودحية ! في حين امام عمليات التطبيع الثقافي هناك عمليات بطولية كانت في الضفة الغربية قادها اطفال وفتيات صغار ، المهم هنا في قضية التطبيع الفردي والممنهج وايهما اخطر ؟

قد يكون التطبيع الفردي هو ناتج عن التطبيع الجمعي ثقافة وسلوك فهل نحاسب التطبيع الفردي ام نحاسب راس هرم والبنية الاطارية للتطبيع الممنهج الجمعي والذي دافع عنه رئيس السلطة محمود عباس مدافعا عن لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي ، قصة التطبيع مع الاسرائيليين وهنا انا لا اعترف بين اسرائيلي يساري او يميني كلهم مغتصبين للارض الفلسطينية ويختلفون فقط في الصراعات الحزبية وكيف يمكن ان يحمو ما يمسى دولة اسرائيل على حساب الفلسطينيين ومستقبل ابنائهم .

لست مدافعا عن هذا الناشط رامي امان ولكن هذا مدان في كل الاحوال ولكن بعمق المسؤوليات من هو الذي صدر تلك الثقافة ..ثقافة التطبيع لهذا الجيل .؟! اهي ثقافة تحت غلاف وطني ؟ او هي ثقافة اتت نتيجة حصار غزة او التغييب الثقافي في الضفة الغربية ؟!

اجمالا هذا مدان واذا استطاعت حمsاس محاسبة هذا الناشط تحت مبدأ السلام بين الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني على حد قولهم من يحاسب من طبع مع الاسرائيليين وافتوا بالاتصال بالاسرائيليين ؟ وعقدوا اجتماعات من تحت الطاولة وفوقها واخذوا قرارات من خلال مجالس وطنية بالتطبيع مع الاسرائيليين والتنازل عن 82 % من اراضي فلسطين  ، اذا كانت حماس اعتقلت هذا الناشط ومجموعته اذا من يستطيع اعتقال من يبيعوا وطن ؟ بل يمدون يد المرونة مع من باعوا تحت غطاء ما يسمى وحدة وطنة ؟! وهل هناك وحدة وطنية مع من باعوا ... نحتاج تعريف جديد للوطنية الفلسطينية حقيقة ! وهذا ما عملوا عليه طوال اربعة عقود او اكثر الى الان .

موضوع معقد نحن نحاسب عملاء ولكن لا نحاسب من ينسقوا امنيا باقوى ما يقوم به العملاء الارضيين بل العملاء الارضيين يكونوا اداة لدى الاستخبارات والمخابرات المنظمة سواء بحجج الجمعيات الاهلية او المنظمات الانسانية التي تعمل في الارض المحتلة في غزة وفي الضفة تحت نشطاء للسلام ونشطاء لفك الحصار وغيره من المسميات ، وهنا لا اتهم كل الجمعيات والمؤسسات ولكن على قوى الامن ان تترصد لهذه الانشطة وفي الامس القريب وليس البعيد كان هناك اختراق كبير في غزة في منطقة خانيونس لزرع اجهزة تنصت من خلال دعم لوجستي من عملاء في غزة ولولا القدر وبالصدفة لنجحت مهمة هذا الاختراق وتواصل في عمله الذي كان له ارضية منذ زمن ما قبل هذا الاختراق .

كما قلت الموضوع معقد في ازدواجية المعايير بين الفردي والجمعي والثقافة السائدة مع تداخل معطيات اقتصادية وحصار لغزة وقرارات خطيرة اتخذها رئيس السلطة بحق غزة وظيفيا ومؤسساتيا وبطالة وفقر قد تكون مسبب قوي لاغراء كثير من الشباب وتغييبهم ثقافيا ، اي يعني ذلك تغييبهم وطنيا تحت مقتضيات معيشية مختلفة وهذا من اهم اساليب الاستخبارات المعادية بما فيها تلك القرارات التي اتخذت بحق غزة التي تصب في نفس الخانة ونفس المربع .