هل يمكن أن يكون نتنياهو لا يحبنا؟ لا يمكن ذلك. هو يحبنا جداً، وكذلك أيضا يحب الدولة. ولكن السؤال هو ماذا سيحدث إذا حدث تناقض بين مصالح الدولة ومصالحه الشخصية، هل سيختارنا أم سيختار نفسه؟
من اجل الوصول الى إجابة يجدر فحص موضوع ساخن بشكل خاص: لماذا يصمم نتنياهو على إبقاء نظام فحص الكورونا في أيدي وزارة الصحة ولا ينقله لوزارة الدفاع؟
من الواضح اليوم (بما في ذلك للبروفيسور غابي بربش) أن وزارة الصحة فشلت فشلا ذريعا في كل ما يتعلق بفحوصات «كورونا». كل يوم تصدر الوزارة تبريراً مضحكاً جديداً في الإجابة على سؤال لماذا لم يف بتعهده بإجراء 15 ألف فحص في اليوم، وهو معطى حاسم بدونه لا يمكن الخروج من الإغلاق الشامل الفظيع الذي فرضوه علينا.
اذا لم يكن هذا كافياً، يتضح أن وزارة الصحة هبطت، مؤخراً، الى 6 آلاف فحص فقط، ونتائجها تصل الى المفحوصين بتأخير اجرامي يبلغ خمسة أيام، خلالها يكون المرضى قد نقلوا العدوى لأشخاص آخرين. ايضا يوجد من يعانون من ارتفاع درجة الحرارة والسعال المقلق ويتوسلون من اجل الفحص، لكن هذا لا يحصل. أقارب لحاملي الفيروس لا يتم فحصهم، وعدد من الفحوصات يضيع. الوزارة مسؤولة أيضا عن الكارثة في دور المسنين، وعن العدوى التي مصدرها مطار بن غوريون؛ لأنها رفضت إجراء الفحوصات وعزل مرضى خارج بيوتهم.
عرف رؤساء الوزارة من اللحظة الاولى أنهم غير قادرين على إجراء عدد كبير من الفحوصات، حيث إنهم جسم تنظيمي مقيد وبطيء، وليس جسما تنفيذيا. لذلك، اختاروا استراتيجية الإغلاق الشامل. هذا سهل: الجهة المسؤولة عن الإغلاق هي الشرطة وليس هم. واذا كان الاقتصاد في هذه الأثناء يحتضر ونسبة البطالة ترتفع الى مستوى عال، ومصدر الرزق ينعدم الى درجة تعريض الحياة للخطر، فان هذه مسألة من اختصاص وزارة المالية وليس مسألة تعنينا.
من أجل الخروج من الإغلاق – هذا يجب أن يحدث الأحد القادم – يجب إجراء 15 ألف فحص يومياً، وتقديم النتائج خلال 24 ساعة وعزل المرضى. ومن اجل ذلك يجب أن نزيح جانبا وزارة الصحة، مع كل كبار رجالها الذين فشلوا بسبب الأنا المضخمة وغريزة السيطرة غير النهائية ونقل إدارة الأزمة الى وزارة الدفاع، حيث يوجد للجيش الإسرائيلي وقيادة الجبهة الداخلية تجربة كبيرة في أوضاع الطوارئ. يوجد للجيش قوة بشرية كبيرة، قسم مجرب للمشتريات، وسائل لوجستيكا ونشر، علاقات مع دول اجنبية وقدرة تنفيذية. هو الجسم الأكثر ملاءمة.
طلب نفتالي بينيت منذ فترة طويلة من نتنياهو أن يحول له «المسؤولية الشاملة عن نظام الفحوصات». ايضا رئيس الاركان، افيف كوخافي، توسل لنتنياهو من اجل فعل ذلك. وحتى نائب رئيس الاركان، ايال زمير، قال: «اذا تلقينا المسؤولية عن الفحوصات فسنصل في غضون اسبوعين أو ثلاثة أسابيع الى الهدف الذي وضعه رئيس الحكومة وهو 30 ألف فحص يوميا». ما الذي نريده أكثر، أن يركعوا ويتوسلوا؟
ولكن نتنياهو يواصل معارضة نقل المسؤولية الى بينيت والجيش، بل شهّر بالجيش بسبب طلب رئيس الأركان. هو يرى العالم من خلال منظار شخصي ضيق، فيه بينيت هو خصم سياسي خطير يهدد كرسيه. والأقل أهمية بالنسبة له أن بينيت ملائم أكثر لوظيفة «مشروع كورونا». توجد لبينيت خطة منظمة لاجتثاث الوباء وقدرة عالية. وهو يعرف أيضا أنه يجب الخروج من الإغلاق من أجل منع نسبة بطالة فظيعة وانهيار الاقتصاد. ولكن يوجد لنتنياهو أجندة معاكسة. فهو يفعل كل شيء من اجل تقزيم بينيت والمس به وتصفيته، وليذهب «كورونا» إلى الجحيم.
في كتاب «الأمير» لميكافيلي، يجب على الزعيم أن «يجد خدعة بحيث يكون المواطنون بحاجة الى حكومته في أي وقت وفي أي ساعة وفي كل الظروف. لأنه فقط حينها سيكونون مخلصين له». هكذا بالضبط يفعل نتنياهو. هو يظهر في التلفاز وحده بدون وزير الصحة وبدون وزير المالية وبدون وزير الدفاع ويبلغنا كيف أنقذنا اليوم وكيف سينقذنا غدا. هو يريد أن نستوعب فكرة أنه من غيره نحن ضائعون، وسنكون قطيعاً بدون راعٍ.
لحظة، ماذا عن مصلحة الدولة؟ لقد اضحكتموني. مصلحة الدولة واضحة: بقاؤه في الحكم الى الأبد. أو الى حين ذهاب بينيت الى التقاعد.
عن «هآرتس»
