حكومة اليمين تحاول التقدّم باتجاه الضم بينما ينفخ نتنياهو البالون الإيراني

حجم الخط

بقلم: ران أدليست



سنعرف، غداً الأحد، فقط إذا كانت لدينا حكومة. في اتفاق وقع بين غانتس ونتنياهو يوجد ثغرة تسمح بضم مناطق. هذه هي الخطوة المنتصرة لليمين. يقال إنه مجرد ضم صغير جداً. من حيث المبدأ فإن هذا بالون تظاهري على مستوى «إسرائيل اليوم» (استغلال الوضع لضم غور الأردن). المناورة هي التعويل على صرف الانتباه نحو «كورونا»، وانتزاع اقرار من ترامب في تغريدة أو رسالة للضم. وبالتوازي، قبيل تشكيل حكومة الطوارئ، يجند نتنياهو وشركاؤه الشيطان الايراني. ليس لديّ أي فكرة اذا كان الغانتسيون سيكونون شركاء في الحكومة، وماذا سيكون رد فعلهم أو وزنهم. فاستمرار حكم تجمع اليمين في الحكومة الانتقالية، بينما نتنياهو هو رئيس الوزراء، وبينيت وزير الدفاع، وفي «الكابينت» يجلس يريف لفين، يوآف غالنت، وميري ريغف، هو وصفة للمصيبة.
الضم الحقيقي بالمناسبة لن يتم، مثلما هو الإعلان عن القدس موحدة، وكذا عن ضم هضبة الجولان، ولم تكن إقامة هضبة ترامب اكثر من مهزلة. ورغم المظهر السطحي للهدوء في «المناطق» فإن الفلسطينيين مفعمون برواسب الغضب والثأر الديني والتزمت و»كورونا» والاقتصاد المنهار. وكل حيلة للإعلان عن الضم ومرسوم اداري في هذا الاتجاه قد يحوّل هذه العناصر الى عاصفة كاملة الأوصاف. وليس فقط «الارهابي» الذي ستعتقله المخابرات الإسرائيلية هو الذي سيعمل، بل جدته وطفلته أيضا. أقدر انه في الحديث، الذي عين فيه بينيت وزيرا للدفاع، حرص نتنياهو على ألا «يوجه» بينيت رئيس الاركان لإعداد دراسة لغرض الضم. وهي الخطط التي على اي حال تدفن في مكان ما في الجوارير وفقاً لتوصيات نتنياهو في الماضي.
في هذه الاثناء يطير، اليوم، من جديد البالون الايراني، الذي هو علاوة مهمة لتبرير كل خطوة، من حكومة الوحدة وحتى تصريحات الضم. من أجل هذا توجد لنتنياهو هيئة الأمن القومي. في احدى جلسات الحكومة الاخيرة عرض نتنياهو شريطا مصورا أعده مئير بن شباط، رئيس هيئة الامن القومي والجندي في طابور معتمري «الكيباه» ممن يحمون نتنياهو. وشرح نتنياهو كيف يظهر الشريط الايرانيين وهم يلقون بجثث موتى «كورونا»، التي تتراكم في مكان ما، في مكب القمامة. بالنسبة لمن يختص بالتخويف والتهديد لاغراض سياسية وشخصية، هذا ذهب إعلامي. ولاحقا تبين أن هذه لم تكن في إيران بل هو فيلم هوليوودي قديم عن وباء آخر في بلاد أخرى، ما يتيح اطلالة اخرى على آلية اتخاذ القرارات في محيط نتنياهو. أحد ما في هيئة الاركان العامة يري بن شباط شريطا اصطاده في الشبكة. احد ما، بنية مبيتة أو بالخطأ، يلصقه بإيران. وبن شباط، الذي ليس له أي صلة بالموضوع الايراني باستثناء فهم ما يريده الزعيم، يشتعل على الفور. ليس لأن الشريط ساهم في أمن إسرائيل، أو أثبت شيئا ما لم نعرفه، بل لأن بن شباط عرف بأن نتنياهو سيفعّل من هذا على الفور استخداما سياسيا على نمط «انظروا الى اولئك الكذابين في ايران، فهم لن يقولوا الحقيقة أبدا، ولا سيما في موضوع النووي، وإذا كانوا هكذا يتعاملون مع ابناء شعبهم، فتصوروا ما الذي يرغبون في فعله معنا».
من ناحية بن شباط، إذا كان نتنياهو يشتري ويبيع هذه الفرية في مؤتمره الصحافي اليومي، فإن الحديث يدور هنا سواء عن دليل على أن الايرانيين قادرون على عمل كل شيء أو هو دليل على القدرات التنفيذية الرائعة لبن شباط. وعندما تبين أن هذا غباء تام، عقّب مكتب رئيس الوزراء بأن «هذا شريط من الشبكة ليس واضحا مدى مصداقيته». أحقاً، فلماذا نشره نتنياهو على الوزراء، إذاً؟ الدرس الواضح هو أن علينا أن نتعاطى مع كل تصريح لرئيس الوزراء بروح النص الذي يكتب على علب السجائر: الحذر! مادة سامة (هل فهمت هذا يا بيني؟)!
وبالمناسبة التي ليست صدفة على الاطلاق: في جلسة لجنة «كورونا»، التي عقدت في الكنيست قبل نحو ثلاثة اسابيع، شرح بن شباط ان نتنياهو قال، إن الحديث يدور عن حدث فوق طاقة الوزارات، وبالتالي فإن «هيئة الامن القومي ستجمل، تنسق، وتتحكم بالحدث على المستوى القومي». وهذا هو بن شباط ذاته الذي «سيجمل السياسة ايضا حين توسط في دخول «يمينا» الى الحكومة (بالتشاور مع نسيبه الحاخام حاييم تروكمان) وهو الذي «سيجمل» التهديد الايراني ايضا.

معدلات التخصيب
قبل وقت ما، هاجم سلاح الجو «اهدافا ايرانية» في سورية. وحسب تسفيكا يحزقيلي «حصل هذا لأن هناك تقديرا إسرائيليا بأن ايران أضعف حاليا سواء على مستوى فروعها أو مستوى مبعوثيها في لبنان وفي سورية... تعرف إسرائيل ان ايران مع «كورونا» هي ايران أضعف». كل شيء صحيح، باستثناء استنتاج يحزقيلي بالتشجيع المغرض من نيسيم مشعال: «اذا فكر أحد ما بمهاجمة ايران، فهذا هو الوقت»، يقول يحزقيلي. بحياتك يا تسفيكا، لا حاجة للمرء أن يكون محرراً في الإعلام كي يوقف «هجومك». فكرة سوية العقل أكثر عرضها في «واي نت» اودي أفينتال، عقيد في الاحتياط تولى مناصب في بحوث وتصميم سياسة الامن. هو ايضا يعتقد انه يجب تشديد الضغط على ايران، ولكن بحكمة أكبر، تكفي ألا يروج للهجوم. فقد كتب أفينتال يقول، ان «خبراء ومحافل رسمية في الولايات المتحدة وفي إسرائيل يشخصون فرصة في الأزمة الخطيرة التي علقت فيها إيران. حكومة جديدة في إسرائيل يجب أن تحددها بأولوية عليا، الى جانب مكافحة كورونا». ويضيف، إن «المشروع النووي الايراني وتوسيعه هو تهديد لا يمكن لإسرائيل أن تكف عن معالجته».
بعد أن دفع أفينتال دينه للعصبة التي يعيش فيها أضاف، «هناك أيضا من يعتقدون بأنه من خلال التخفيف من العقوبات او الموافقة الاميركية بالسماح لصندوق النقد او البنك الدولي بمساعدة ايران، يمكن شق طريق العودة للحوار معها»، وان «على إسرائيل ان تحث الولايات المتحدة على استغلال أزمة «كورونا» في محاولة لاعادة ايران الى الحوار» برافو! أهلا وسهلا بك في النادي. خطوة صغيرة اخرى تأييداً لتسويات من وقف النار في كل حدودنا وسيصبح أفينتال خائنا كغيره، بل ربما سيودع عاموس جلعاد.
في شعبة الاستخبارات، حيث يئسوا من نتنياهو وبينيت، لا يترددون في توجيه وسائل الاعلام (كان 11) بأن «الإيرانيين خفضوا الاهتمام في سورية وفي دول المنطقة». شموئيل مئير (شعبة الاستخبارات في الاحتياط)، المحلل الحاد والمركز اكثر منهم جميعا في موضوع النووي، يقول، ان «ايران تبقي على أداء كامل للمراقبين كي تسير على الخط مع الاتحاد الاوروبي الذي يحميها ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبالفعل، التخصيب هو استثنائي في الكمية ولكنهم يحرصون على عدم رفع درجة التخصيب الى ما فوق المستوى المدني الادنى». نتنياهو وهيئة الامن القومي بالطبع يتجاهلون الحقائق. توجد لهم، اليوم، اجندة أكثر إشكالية: قصورات «كورونا» في طريقها الى تقصي الحقيقة، وعلى ما يبدو أيضا إلى لجنة تحقيق. لقد صنفت شركة eep knowledge Group إسرائيل قبل اسبوع في المكان الاول في العالم في معالجة «كورونا». ولاحقا تبين أن هذه عصبة من نحو عشرة عاملين طوعوا المعطيات لصالح النتيجة النهائية. في الفجوة الزمنية الممتدة بين النشر الكاذب والكشف عنه غرد نتنياهو بالرسم البياني للمعطيات المضللة الى جانب كلمات «نواصل القتال والانتصار».

عن «معاريف»