اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في تقرير لها السلطات المصرية بهدم آلاف المنازل على الحدود مع قطاع غزة بطريقة "تعسفية"، معتبرة أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بذلك "قد تكون خرقت قانون الحرب".
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء (22 سبتمبر/ أيلول 2015) مصر "بانتهاك القانون الدولي" في سيناء، بتدميرها "آلاف المنازل" والمزارع وتهجيرها بالقوة ثلاثة آلاف أسرة لإقامة منطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة.
وفي تقرير من 84 صفحة، قالت المنظمة الحقوقية، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إن "الجيش أزال آلاف المنازل بطريقة تعسفية ... مدمراً أحياء بكاملها ومئات الهكتارات من الأراضي الزراعية". كما أشار التقرير إلى "طرد قرابة 3200 أسرة بالقوة".
وخلصت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن مصر "قد تكون بذلك خرقت قانون الحرب". ووفق السلطات المصرية، فإن الهدف من هذه المنطقة العازلة، التي تمتد على مساحة 79 كيلومتر مربع، هو تدمير الأنفاق التي يتم حفرها من قطاع غزة والتي تستخدم، بحسب هذه السلطات، من قبل نشطاء فلسطينيين لتهريب أسلحة إلى الجهاديين في شمال سيناء.
وتعتبر إسرائيل من جهتها هذه الأنفاق الأداة الرئيسية لتنظيمي حماس والجهاد الإسلامي للحصول على الأسلحة والالتفاف على الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في العام 2007.
هذا وضاعفت المجموعات الجهادية، وخصوصاً "ولاية سيناء"، التي أعلنت مبايعتها لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الهجمات على قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حالياً، في يوليو/ تموز عام 2013. وانتخب وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية في مايو/ أيار من العام الماضي.
وبحسب تقرير المنظمة الحقوقية، فإن السلطات "هدمت على الأقل 3255 منزلاً ومحلاً تجارياً ومكتباً إدارياً ما بين يوليو/ تموز 2013 وأغسطس/ آب 2015". واستندت المنظمة في تقريرها على شهادات 11 أسرة مطرودة وعلى صحفيين ونشطاء في شمال سيناء، بالإضافة إلى صور أقمار اصطناعية لعمليات الهدم.
وأضاف التقرير أن السلطات "لم تحذر السكان المطرودين مسبقاً أو أبلغتهم قبلها بفترة وجيزة للغاية. كما لم تمنحهم مساكن مؤقتة وقدمت لهم تعويضات غير كافية تماماً عن هدم منازلهم". وقبل صدور هذا التقرير، أكدت السلطات المصرية أن إقامة هذه المنطقة العازلة ضروري لإغلاق "مئات الأنفاق التي تستخدم في تهريب البضائع والأسلحة والأفراد"، ووعدت السكان المهجرين بأنهم سيحصلون على تعويض مادي أو منزل جديد.
كما أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن القاهرة "لم تقدم أدلة تثبت تلقي الجهاديين دعماً عسكرياً من غزة". وتابعت أن "الحكومة المصرية لم تفسر لماذا لم تلجأ قواتها إلى التكنولوجيا المتطورة التي تتيح كشف الأنفاق"، مذكرة بأن الولايات المتحدة دربت القوات المصرية على هذه التكنولوجيا "منذ العام 2008".
وقالت المنظمة الدولية إن "الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى تسلح حكومة الرئيس السيسي تصرف النظر عندما تسيء قواته معاملة المواطنين استناداً إلى منطق مشكوك فيه، وهو أنها تساعد في مكافحة 'الدولة الاسلامية'". وأكد التقرير أن "استراتيجية السيسي المتهورة لمكافحة الجهاديين تؤدي إلى وقوف مواطنيه ضد حكومتهم".
هذا وكانت الحكومة المصرية قد لفتت إلى صرف "كافة التعويضات للسكان المحليين عن ممتلكاتهم الخاصة، إضافة إلى الشروع في بناء مدينة سكنية جديدة (رفح الجديدة)، جاري الانتهاء من البنية التحتية لها لتستوعب كافة المواطنين الراغبين في الانتقال للمناطق الجديدة، علاوة على تقديم إيجار شهري للمساكن التي تم الحصول عليها"، حسب قولها.