كشفت تقديرات المنظومتين السياسية والأمنية في "إسرائيل" أنّها ترى في الفترة الراهنة الأقوى لإبرام اتفاق تسوية مع حركة حماس بغزّة، بما في ذلك القضايا التي بدت غير قابلة للحل خلال الآونة الأخيرة.
وقال الخبير العسكري "الإسرائيلي" بصحيفة "يسرائيل اليوم" يوآف ليمور: "إننا لا نتكلم عن علاقات غرام مفاجئة بين الجانبين، بل ربما يمكن اعتبارها براغماتية أكثر لدى قيادة حماس، فغزة تعيش أزمة إنسانية غير مسبوقة، والوضع الاقتصادي سيئ جداً، والطاقة الإنتاجية مدمرة، والظروف الصحية أقل من أي مستوى، ولعلها تكون الأسوأ في العالم".
وبيّن ليمور المقرب من المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية"، أنّه في ضوء كل هذه المعطيات الصعبة، ظهر وباء "كورونا" في وقتٍ تشهد فيه المنظومة الصحية بالقطاع معدلات لا تكفي لإنقاذ مصابين بالوباء في حال ظهر هناك بأعداد كبيرة.
وأضاف: "في آب/ أغسطس المقبل، تُطوى ست سنوات من انتهاء الحرب الأخيرة على القطاع، الجرف الصامد لعام 2014، وقد تأملت حماس بعد الحرب أنّ يتداعى العالم، لا سيما الدول العربية، لتلبية احتياجات غزّة، لكنّها تلقت وعوداً دون تطبيق، فالعالم انشغل آنذاك بإيران وتنظيم الدولة، اللتين احتلتا عناوين الأخبار، فيما غزة عادت لمشاكلها القديمة الحديثة، وبقيت على هذه الحال أكثر من ثلاث سنوات، دون أن تحرك ساكناً".
وأردف: "في السنوات السابقة توفرت لإسرائيل العديد من الفرص التي أمكن استغلالها، لكنّها فرطت فيها، ولم تُحسن استثمارها، وبدلاً من استغلال الهدوء، الذي أسفرت عنه الحرب الأخيرة في غزة، فقد أهدرتها إسرائيل، فيما واصل الوضع الإنساني في غزة التدهور والتراجع، أما حماس فقد أصابها الملل واليأس، حتى أطلقت مسيرات العودة في مثل هذه الأيام قبل عامين في آذار/ مارس 2018، وشكلت استئناف الكفاح المسلح ضد إسرائيل".
واستدرك: "العام الأخير شهد منح الجانبين لبعضهما سلماً للنزول منه عن الشجرة التي صعدا إليها، كما قدمت إسرائيل بعضاً من الجزرات من خلال إقناع الحكومة القطرية بنقل تمويل شهري لقطاع غزة، وأحياناً ببعض العصي من خلال اغتيال عدد من المسلحين في القطاع، وتواصلت الوساطات المصرية بين تصعيد وآخر؛ لضبط نفس الجانبين دون انفلات الأمور من عقالها".
وأوضح: "الجهود المصرية تراوحت بين تحقيق التسوية التي أرادها الفلسطينيون، والتهدئة التي بحثت عنها إسرائيل، مع أنّ الأخيرة تُبدي استعدادها للذهاب لتسوية تشمل إعادة إعمار القطاع وإقامة بنى تحتية واسعة، بما فيها خيار الميناء البحري والمطار الجوي، لكنها تريد مقابل ذلك نزع سلاح القطاع، وإعادة الأسرى والجنود في غزّة".
كما لفت إلى أنّ "حماس" لا تُبدي استعدادها لسماع الشرط الأول، وتُصر على دفع ثمن ترفضه إسرائيل، لكنّ في ظل وباء "كورونا" كأن الأمور قد تغيرت في القطاع، فحماس تُبدي استعدادها للحديث، وتُظهر براغماتية أكثر.
وختم ليمور مقالته بالقول: "إنّ إنجاز صفقة التبادل يتطلب تقديم تنازلات من إسرائيل، بعضها مؤلمة، لأنها تشمل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الكبار، وفي حال تعثرت الأمور، فستجدد حماس إطلاق الصواريخ والقذائف باتجاه إسرائيل".
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس قد أثارت قضية الجنود في قبضتها مراراً خلال السنوات الأخيرة، بعدما عرضت صور أربعة جنود إسرائيليين يُعتقد أنّهم أسرى لديها، وفي مقابل ذلك أعلنت أنّها لن تكشف أي معلومات عنهم من دون مقابل.
وأيضاً اتهمت كتائب القسام الطبقة السياسية والعسكرية في إسرائيل بممارسة عملية تضليل وكذب بشأن ملف الأسرى والمفقودين، وقالت إنّ حكومة بنيامين نتنياهو تتهرب من صفقة تبادل أسرى مع المقاومة.
كما أعلنت أنّ عدداً من الأسرى الإسرائيليين لديها أصيبوا في قصف "إسرائيلي" على قطاع غزة العام الماضي، حيث قال الناطق باسمها أبو عبيدة: "إنّ عدداً من الأسرى "الإسرائيليين" أُصيبوا بشكلٍ مباشر، لكنّ كتائب القسام تتحفظ عن كشف مصيرهم في هذه المرحلة".