في خطوةٍ غيرً مسبوقةٍ بتاريخ الدولة العبريّة، سمحت الجيش الإسرائيليّ لصحافيين اثنين من صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة بإجراء مقابلةٍ نادرةٍ مع قائد الوحدة الأكثر نخبويّة في جيش الاحتلال، الكوماندوز البحريّ، والمُسّماة إسرائيليًا “شايطيت 13″. طبعًا الرقابة العسكريّة لم تسمح بنشر اسمه الكامل أوْ صورته، وبالتالي اكتفت الصحيفة بالقول إنّه في الأربعين من عمره، ويسكن في مدينة كفار-سابا، الواقعة في مركز إسرائيل، غوش دان، داخل ما يُطلق عليه الخطّ الأخضر.
وبما أنّ الإعلام العبريّ، وهو إعلام متطوّع لصالح ما تُسّمى بالأجندة الصهيونيّة، فقد كالت الصحيفة المديح للجنرال، أيْ قائد الوحدة، وأكّدت من خلال التقرير واللقاء معه، على أنّه من أشجع وأبرز المُقاتلين الذين عرفهم الجيش الإسرائيليّ منذ العام 1948 وحتى اليوم، على حدّ زعمها.
اللافت، أوْ بالأحرى عدم اللافت، أنّ المُقابلة الحصريّة جاءت بعد مرور وقتٍ قصيرٍ من تعبير قادة الجيش الإسرائيليّ عن خشيتهم العارمة من القوّة البحريّة التي تعمل حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، وتحديدًا الجناح العسكريّ فيها، كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام على إقامتها لمُباغتة إسرائيل في المُواجهة القادمة، بحسب التقارير الإسرائيليّة، التي تعتمد على مصادر عسكريّة وأمنية رفيعة في تل أبيب.
واللافت أكثر من ذلك، أنّ قائد الكوماندوز البحريّ الإسرائيليّ، يقول في المُقابلة عينها، في خطوةٍ استباقيّة، إنّ حماس تعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ على تقوية القوّة البحريّة الخاصّة بها، وفي الوقت عينه يُحذّر الجمهور الإسرائيليّ قائلاً: إنّ العملية التي قامت بها القوّة البحريّة في زيكيم، خلال العدوان الإسرائيليّ البربريّ الأخير على قطاع غزّة، في صيف العام 2014، قد تتكرر في المُستقبل المنظور ويُشدّد على أنّ العملية، التي يُقّر بأنّها كانت نوعية وفاجأت المخابرات الإسرائيليّة وجيش الاحتلال، يُمكن أنْ تقوم حركة حماس بتنفيذها في عكّا وحيفا والخضيرة، على حدّ تعبيره.
وفي معرض ردّه على سؤالٍ للصحيفة يقول الجنرال الإسرائيليّ إنّ الحلّ الوحيد لمُواجهة قوّة حماس البحريّة هو ضربها في عقر دارها، بحسب تعبيره، لأنّ الوسيلة الأنجع للدفاع، هي الهجوم، حسبما ذكر.
وفي خطوةٍ تعكس مستوى القلق الإسرائيليّ من قدرات المقاومة الفلسطينية، أجرى سلاح البحرية التابع لجيش الاحتلال أخيرًا مناورة ضخمة للتدرّب على مواجهة عمليات تسلّل تنفذها حركة “حماس″ إلى حقول الغاز الإسرائيلية والسيطرة عليها.
وبحسب الصحيفة، المناورة حاكت هجومًا ينفذه عناصر من “الكوماندوس البحري” في “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس″، على أحد حقول الغاز والسيطرة عليه، والهيمنة على المنظومة التقنية التي تتحكم باستخراج الغاز في الحقل.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ السيناريو الذي يثير الفزعَ لدى القيادة الإسرائيلية، يتمثّل في تمكّن عناصر “كوماندوس حماس″ البحري من الوصول إلى الحقل عبر قوارب صيد أو من خلال وسائل الغوص ومن ثم السيطرة عليه، وأسر كل العاملين في الحقل، والتعاطي معهم كرهائن. ونقلت الصحيفة عن قائد سلاح البحرية: إنّ المناورات تهدف للتدرّب على عدة سيناريوهات هجوم يمكن أن تتعرض لها حقول الغاز، لافتًا إلى أنه تمّ التدرب على مواجهة كل هذه السيناريوهات.
وأضاف: نظرًا لأن مساحة المياه الاقتصادية تبلغ ضعف مساحة إسرائيل، فإنّ هذا الأمر يمثّل عامل إغراء للجهات المعادية لاستهدافها وتنفيذ عمليات عدائية داخلها، وعلى رأسها استهداف حقول الغاز.
وأعلن أنّ سلاح البحرية وضع إستراتيجية دفاعية من خلال تطوير أجهزة تقنية للكشف عن عمليات التسلل البحرية سواء كانت فوق الماء أو تحته.
وأشار إلى أنّ إسرائيل لا تدري على وجه اليقين سبب عمليات إطلاق الصواريخ التي تنفذها “حماس″ حاليًّا صوب البحر، وما إذا كانت تهدف لإصابة حقول الغاز أمْ لمجرد تجريب الصواريخ التي أنتجتها الحركة حديثًا. علاوة على ذلك، ذكرت “يديعوت أحرونوت”، أنّ إسرائيل تبدي قلقًا كبيرًا إزاء إمكانية قيام “الكوماندوس البحري” التابع لـ”حماس″ بإلحاق ضرر كبير بالتجارة الدولية لإسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك ما يدل على أن “حماس″ تخطط لاستخدام عناصر “الكوماندوس″ في تنفيذ عمليات تسلل إلى موانئ إسرائيل الكبيرة، لا سيما ميناء أسدود، وتنفيذ عملية كبيرة فيه، مما سيفضي إلى المسّ بشكل كبير بحركة السفن من الميناء وإليه. يذكر أن 90 في المائة من التجارة الخارجية لإسرائيل تمر عبر البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
وفي معرض ردّه على سؤالٍ، قال قائد الوحدة 13 إنّ عناصره قادرون على الوصول إلى أيّ مكان في العالم، لافتًا إلى أنّ الجنود في الوحدة شاركوا في قمع الانتفاضة الثانية، وما زالوا يُشاركون في عمليات خاصّة بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، دون أنْ يكشف النقاب عن طبيعتها.
وعندما سُئل عن قوة حماس البحريّة قال الجنرال الإسرائيليّ، الذي أشارت الصحيفة إلى اسمه بالحرف (جيم)، قال إنّه في إطار استخلاص العبر والنتائج من المُواجهة الأخيرة بين الطرفين في عملية (الجرف الصامد) تقوم حماس، وبوتيرةٍ عاليّة ببناء قوّتها العسكريّة البحريّة، لافتً إلى أنّه من غير المُستبعد بالمرّة، وفق تقديراته، أنْ يقوم الكوماندوز التابع لحماس بمُهاجمة منصّات الغز أوْ مُهاجمة ميناء أسدود، وجرّنا إلى تلك المناطق، على حدّ قوله.
وتفاخر الجنرال بالعمليات التي نفذّتها وحدته خلال العدوان الأخير على القطاع، وقال زاعمًا: لقد قتلنا أكثر من مائة عنصر من مُقاتلي حركة حماس خلال عملية (الجرف الصامد)، فيما أُصيب أربعة من جنودي فقط خلال العمليات في أرض العدو، على حدّ قوله.