حول قرارات وزارة الصحة التخفيف من الإجراءات

حجم الخط

بقلم مصطفى إبراهيم

 

 أعلنت حكومة غزة اليوم عن عودة العمل في الوزارات وفي المطاعم، ودخل قرار وزارة الاقتصاد حيز التنفيذ يوم امس الأحد.
قرارات الحكومة في غزة بالسماح لبعض القطاعات الاقتصادية بالعمل بعد تعطيلها بناء على تعليمات وزارة الصحة إثر انتشار فيروس كورونا، مع ان غزة لم تتخذ قرارات صارمة بإعلان منع الحركة اًو فرض العزلة في البيوت، واكتفت بتعليمات واجراءات التباعد الاجتماعي وحجر العائدين من الخارج وأغلقت المنشآت الاقتصادية والجامعات والمدارس والمساجد، غير ان الأسواق والمجمعات التجارية وصالونات الحلاقة والتجميل لم تغلق، وتم السماح لكافة الدكاكين في الحارات والأحياء والبسطات في الشوارع بالعمل تحت قيود وقائية.
قرار الاقتصاد فجر جدل وانتقادات للحكومة في غزة التي لم تلتزم تماما بالإجراءات الصارمة، وظل الأمر مرهون بوعي وثقافة الناس، والحياة في غزة كانت ولا تزال شبه طبيعية.
حتى مع شهر رمضان ما تغير هو عدم الصلاة في المساجد، وتأثير ذلك وجدانيا ودينيا على الناس اللذين لم يحرموا من الصلاة في المساجد الا في فترات منع التجول الطويلة في الانتفاضة الأولى، اًو بعض الفترات الزمنية خلال دورات العدوان الاسرائيلي على غزة من سنوات الحصار المستمر منذ ١٤ عاماً.
ومع ارتفاع درجات الحرارة وقدوم فصل الربيع، جعل الناس يتراخوا اكثر ونسيان حقيقة أن الفيروس لا يزال منتشرا، والانتقال من حالة الهلع والرعب الى التسهيلات، وما يطمأن الناس ان حالات الإصابة محدودة وغالبيتها في أماكن الحجر الصحي.
ان فكرة انتشار المرض يتراجع في العالم خطيرة، وليس من السهل اتخاذ قرارات بالعودة للحياة الروتينية، مع ان الحياة في غزة كانت روتينية والتعايش مع الفيروس مرة واحدة ومن دون تعليمات واضحة وشفافة وإبلاغ الناس قبل الإعلان عن التسهيلات مثل ما جرى مع المطاعم يربك الناس ويدخلهم في تساؤلات من الضروري الإجابة عليها مثل، لماذا المطاعم وليس المساجد؟
كما ذكرت أعلاه غزة لم تفرض العزلة في البيوت، ولم تعطل جميع القطاعات الاقتصادية باستثناء الوزارات وعدد من منظمات المجتمع المدني، الناس يطالبوا بالعودة إلى العمل، لكنهم لم ينقطعوا عن التنزه وإخراج الأولاد من البيوت لشاطئ البحر.، وقد يقول البعض ان العودة للحياة في هذا الوقت بالتحديد ولا معطيات حقيقية حول طبيعة الفيروس ومدى انتشاره ومتى سيضرب في واقع صحي صعب ومحدودية عينات الفحص التي من المفروض ان تشمل قطاعات واسعة من المواطنين والتي تكشف عن مدى انتشار الفيروس وبدون ذلك ستكون الخطوة خطيرة ووصفة كارثية.
قد يقول البعض ان حكومة غزة لم تستجب للضغوط من اجل سواد عيون اصحاب المطاعم والقطاع الاقتصادي وقطاع الخدمات، بل هي اقدمت على تلك الخطوة لان ايراداتها الضريبية تضررت وتراجعت بشكل كبير وهي بحاجة لأموال لإدارة الحكومة وحياة الناس، اذ ان الحكومة في غزة كباقي الحكومات تعتمد في دخلها على الإيرادات المحلية.
ربما تكون حكومة غزة مرتبكة وقد تكون بحاجة إلى ايرادات محلية وقد تكون الضغوط الممارسة عليها من أجل إنعاش المرافق الاقتصادية، إلى جانب الرأي العام، المتراخي والمتساهل منذ البداية في التقيد بالإجراءات والالتزام بالتعليمات والاستخفاف بها والتشكيك فيها أيضاً جراء الانقسام والمناكفات، وانتقل بسرعة من الاستخفاف والتشكيك إلى الخوف والهلع مرة أخرى!
نحن بحاجة إلى بلورة إستراتيجية شاملة وخروج امن مخطط لها، وبشفافية ومقنعة وتفسير للناس حيثيات الخطة وحذرة بالأساس. وتتماشى مع ما هو قائم في أنحاء دول العالم الذي تبذل جهودا لوضع خطة تدريجية وواضحة لإدارة حياة روتينية تحت تهديد كورونا.
لا نريد تخفيف الإجراءات مرة واحدة وليس تحت ضغط الحاجة لإنعاش الاقتصاد بدون دراسة، والخشية ان تمارس ضغوط والعودة لحديث غزة خالية من كورونا، وتتم الاستجابة لبعض القطاعات، كما كان في البداية والجدل حول استمرار التعليم والقرارات الفردية التي اتخذت وتحت الضغط تم التراجع عنها.
هذه القرارات قد تكون متسرعة إذا ما اتخذت بشكل سريع وبدون دراسة، وقد تلحق ضررا يصعب إصلاحه، مثل انتشار الفيروس.
على وزارة الصحة الاستمرار بفرض القيود الصارمة والرقابة المستمرة على الأماكن التي تم السماح لها بالعمل والتقيد بإجراءات الأمان والوقاية، ومن الضروري نشر المعلومات بشكل صريح وشفاف وليس بشكل جزئي.