مصر تقود جهوداً حثيثة لإنجاز صفقة تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل

حجم الخط

بقلم: يوني بن مناحيم*



تبذل مصر جهوداً لتعزيز صفقة تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، وتحاول تشجيع "حماس" من خلال لفتات تشمل الإفراج عن "إرهابيين" من "حماس" من السجن المصري.
تكمن المصلحة المصرية في تشجيع الهدوء طويل المدى في قطاع غزة من خلال صفقة التبادل الجديدة، التي ستؤثر على الوضع الأمني ​​في شمال سيناء ومحاربة "داعش".
يعتقد مسؤولو "حماس" أن تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، في تقديرهم، سيساعد في إنشاء ائتلاف واسع في إسرائيل على تحقيق صفقة تبادل أسرى جديدة، ويسمح بدعم الجمهور للحكومة الجديدة لتقديم تنازلات مؤلمة وتلبية مطالب "حماس" في التفاوض على صفقة تبادل أسرى جديدة.
يقول تقييم "حماس" للوضع إن الجمهور الإسرائيلي يريد إنهاء القضية المؤلمة للسجناء الإسرائيليين الأربعة، الذين تحتجزهم "حماس" في قطاع غزة، وسوف يكون على استعداد لدفع ثمن باهظ لصفقة تبادل أسرى جديدة.
إن إنشاء حكومة طوارئ في إسرائيل، حسب تقدير "حماس"، سيساعد السياسيين على التغلب على الحاجز النفسي الذي نشأ بعد “صفقة شاليت” في 2011 التي دفعت فيها إسرائيل ثمناً باهظاً بعودة جندي إسرائيلي حي، اسمه جلعاد شاليت، من خلال الإفراج عن نحو 70 "إرهابياً" في الصفقة، حيث عادوا إلى النشاط "الإرهابي"، وتم اعتقالهم من قبل جهاز الأمن العام.
لا تخفي "حماس" توقعاتها، وقد أفرجت إسرائيل عن أكثر من ألف "إرهابي" في “صفقة سابقة” لجندي واحد، وتتوقع "حماس" أن تدفع إسرائيل ثمناً للإسرائيليين الأربعة الذين تحتجزهم.
ووفقًا لمصادر "حماس"، التي تحدثت إلى صحيفة "الأخبار"، اللبنانية القريبة من "حزب الله" في 22 نيسان، فإن "حماس" متفائلة أيضاً بجهود مصر لإرضائها وتقدم إيماءات حسن النية لتشجيعها على التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى مع إسرائيل.
وأفاد تقرير صحافي بأن مصر أفرجت مؤخراً من السجن المصري عن أربعة أطباء من قطاع غزة احتجزوا لأسباب أمنية لمدة عام ونصف العام. كما وعدت "حماس" بإطلاق سراح خمسة فلسطينيين آخرين محتجزين في السجن المصري، أحدهم من أعضاء الجناح العسكرية لـ"حماس" عز الدين القسام.

صفقة من مرحلتين 
وبحسب مسؤولي "حماس"، فإن الخطوط العريضة للصفقة الجديدة هي مخطط من مرحلتين، على غرار “صفقة شاليت”، والمرحلة الأولى تُعرف بأنها “مرحلة إنسانية” تُطلق خلالها إسرائيل سراح السجناء الأمنيين البالغين والمرضى والنساء والقاصرين بسبب خطر الهالة وفي المقابل ستتلقى معلومات محدثة حول مصير الأسرى الإسرائيليين الأربعة الذين تحتجزهم "حماس".
تثير "حماس" غموضاً متعمداً بشأن مصير جنديين من الجيش الإسرائيلي، أورون شاؤول والراحل هدار غولدين. في إسرائيل واثقون من أنهما قُتلا أثناء عملية إيتان كليف، لكن "حماس" تحاول خلق انطباع بأن أحدهما على قيد الحياة لرفع الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل المعلومات.
المرحلة الثانية هي المرحلة الصعبة والكبيرة من الصفقة، تطالب "حماس" إسرائيل بإطلاق سراح مئات "القتلة الإرهابيين"، الأسرى من "عرب إسرائيل"، ورموز "الإرهاب": مروان البرغوثي (فتح)، أحمد سعدات (الجبهة الشعبية)، عبد الله البرغوثي ("حماس")، عباس السيد ("حماس") وآخرين مقابل إعادة 4 أسرى إسرائيليين.
في "حماس"، يرفضون تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة حتى يتم الاتفاق على جميع تفاصيل الصفقة بالكامل.
كما لم تتخل "حماس" عن الشرط المسبق الذي حددته للإفراج عن العشرات من معتقلي “صفقة شاليت” الذين أعيد اعتقالهم، لكنهم قد يتمكنون من تحريك هذا الطلب حتى لا يكون هناك مزيد من العوائق في طريقهم إلى صفقة جديدة.

مصالح مصر
تريد مصر الاستفادة من نافذة الفرص المتاحة لصفقة تبادل أسرى جديدة تم فتحها بسبب أزمة كورونا، وفي الوقت نفسه سيطرت "حماس" على مدى انتشار الكورونا في قطاع غزة، ويتم الحفاظ على الهدوء نسبياً على الحدود مع إسرائيل.
لا تعرف المخابرات المصرية إلى متى ستبقى نافذة الفرصة مفتوحة لصفقة جديدة، وبالتالي يريدون التسريع في المضي قدما في الصفقة.
مصر هي الوسيط الرئيس بين إسرائيل و"حماس"، كما أنها حققت “صفقة شاليت”، العام 2011، وتوسطن لوقف إطلاق النار في العام 2014.
المصلحة المصرية معقدة، وتعتبر مصر صفقة تبادل أسرى جديدة عنصراً مهماً في تنفيذ التفاهمات الهادئة بين الطرفين خاصة إذا تم الإفراج عن "إرهابيين" من "الجهاد الإسلامي" في الصفقة، ما سيتطلب من المنظمة عدم انتهاك التهدئة.
إن صفقة التبادل المصرية، في تقدير مصر، ستعزز الجوانب الإنسانية للهدوء، خاصة في ضوء أزمة "كورونا"، وستسمح بالتقدم نحو اتفاق هدوء طويل الأمد تعارضه "حماس" في ظل الظروف الحالية.
كانت مصر وصيفة الشرف للتهدئة بين إسرائيل و"حماس" بعد اغتيال زعيم "الجهاد الإسلامي" الكبير بهاء أبو العطا، الذي حرص على تخريبها باستمرار من خلال الهجمات على جنود الجيش الإسرائيلي وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، حتى بعد اغتياله استمرت "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في انتهاكها وقد استخدمت الصواريخ كوسيلة ضغط على إسرائيل للتعجيل بها لمنحهم المزيد من الراحة.
تقوية الهدوء تخدم الأمن القومي المصري، الذي يعتبر قطاع غزة “الفناء الخلفي” لمصر، ويؤمن بأن الاستقرار في قطاع غزة سيساعد أيضاً في تحقيق السلام في شمال شبه جزيرة سيناء، حيث يقاتل الجيش المصري ضد "داعش"، التي تهاجم المدنيين وقوات الجيش والشرطة المصرية.
كانت مصر قلقة للغاية في الأشهر الأخيرة من ظاهرة التحايل على قوات "حماس" العسكرية والانضمام إلى صفوف "داعش" في شمال سيناء.
تحتاج المخابرات المصرية إلى تعاون وثيق من "حماس" لمنع تسلل الإرهابيين من قطاع غزة إلى شمال سيناء، وتلتزم "حماس" بالطلب المصري، وأنشأت منطقة عازلة لعدة كيلومترات على طول حدود غزة مع مصر، لكنها لا تمنع تسلل الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين إلى شمال سيناء.
لذلك، تبذل مصر قصارى جهدها لتعزيز الهدوء في قطاع غزة وتقويته مادياً وإنسانياً، وزيادة التعاون مع "حماس" لزيادة السلام على حدودها مع قطاع غزة ومساعدة "حماس" في الحرب ضد "داعش" في شمال سيناء.

عن موقع "نيوز1" العبري
*صحافي إسرائيلي ومحاضر في شؤون الشرق الأوسط.