الاتفاق "العفن" بين نتنياهو وغانتس يزعزع أسس النظام الإسرائيلي

حجم الخط

بقلم: إيهود باراك*



لم يسبق أن حدث أمر كهذا، لا في إسرائيل ولا في أي دولة ديمقراطية متقدمة. اتفاق سياسي عفن ومعطوب يضعف الكنيست تحت غطاء "كورونا"، ويزعزع أسس النظام، ويُخضع المحكمة العليا لسلطة حكومة الغرض الواضح لوجودها ليس "كورونا" ولا الطوارئ، بل منح الحصانة لمتهم بأي وضع وبأي ثمن.
قائمة جزئية كلها في خدمة المتهم: إذا مُنع المتهم من تولي رئاسة الحكومة ستذهب إسرائيل إلى انتخابات. وسيُلغى عملياً قانون درعي - بنحاسي الذي ينص على استقالة وزير أو رئيس حكومة متهم بالرشوة وما شاكل ذلك. في لجنة اختيار القضاة ستعيَّن ممثلة المتهم، بدلاً من ممثل للمعارضة. وأخيراً، وليس آخراً، "القانون النرويجي"، و50 وزيراً ونائب وزير، بينما في الشارع مليون عاطل عن العمل.
يكشف الاتفاق انهياراً نفسياً وسياسياً وأخلاقياً لبني غانتس وغابي أشكنازي. خيانة فاضحة لثقة الناخبين ونتيجة ملموسة بائسة. مع دعم المحكمة العليا، وبينما كل ما تبقى عمله كان تشريع "قانون المتهم" الذي جوهره: شخص متهم جنائياً لا يستطيع مستقبلاً تأليف حكومة، فإن كل شيء انهار بطريقة بقيت غير مفهومة بالنسبة إلي.
من هنا يبرز احتمال بأن جزءاً من الصورة مصدره اعتبارات لا يمكننا رؤيتها، ومفادها إنقاذ المتهم من رعب المحاكمة.
لا يقولون لكم إنه لم يكن هناك خيار. كان نتنياهو يهدد بمسدس فارغ. مجرد سن القانون كان سيضعفه بصورة دراماتيكية، وسيوضح عدم إجراء انتخابات رابعة، ويفتح احتمالات، بينها تمديد طارئ مدة ستة أشهر للحكومة الانتقالية، ومن المحتمل أيضاً انتفاضة "الليكود" على زعامة المتهم الذي انتهى زمانه.
أيضاً إن كان لا مفر من عودة نتنياهو إلى مناقشة حكومة وحدة، فإن الحكومة حينها ستكون حكومة وحدة بين متساوين في القوة مع 33 مقعداً لـ "أزرق أبيض" وقوة سياسية أيضاً لغانتس. رئيسا أركان الجيش السابقان اللذان قادا خلال 3 معارك انتخابية لمعسكر "نتنياهو عد إلى المنزل"، يجدان نفسيهما يتوّجان المتهم ويتعاونان معه في إسقاط سلطة القانون. هذا جنون النظام. مَن كان يعتقد قبل سنة أن غانتس سيمنح المتهم حق الفيتو على تعيين المستشار القانوني للحكومة والنائب العام، والمفوض العام للشرطة، ومحققي وقضاة المحكمة العليا؟
كثيرون ساهموا في هذه الأزمة. المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الذي قدم لائحة اتهام "بقلب مثقل لكن مطمئن" وصمت بعد ذلك. ماذا بشأن التحقيق في قضية الأسهم والعلاقة مع ابن عم نتنياهو [المليونير نتان ميليكوفسكي] الذي سيتقادم بعد نصف سنة؟ وتقارير نتنياهو الكاذبة لمراقب الدولة؟ واختراق الهاتف الجوال لخصومه، ودور رافي فايتسمان [المتورط في عملية اختراق هاتف غانتس].
أيضاً للمحكمة الإسرائيلية العليا دور في الأزمة. عشية الانتخابات الثالثة، رفضت التدخل في مسألة هل يحق لمتهم بالرشوة تأليف حكومة، بحجة أنها مسألة نظرية. ما الذي يمكن أن يكون ملموساً أكثر؟ ملايين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع والمحكمة العليا غير مستعدة للرد عن هذا السؤال البسيط؟ مَن لم يتجرّأ حينها، هل سيتجرأ اليوم؟
يا لها من سخرية: ابن مؤرخ محاكم التفتيش وابن ناج من المحرقة يوقعان في ذكرى المحرقة وثيقة مخزية سيذكرها التاريخ كعار، ومع احتمال كبير أيضاً بألاّ تتحقق.
الكرة اليوم في ملعب غانتس والمحكمة العليا. إذا لم يُتخذ قرار حاسم هناك، فإن شعلة النضال لإنقاذ إسرائيل التي أحببناها ستنتقل إلى أيدي المواطنين.

عن "هآرتس"
*رئيس حكومة أسبق.