دانت الخارجية الاسرائيلية مسلسلا مصريا بعنوان "النهاية" لانه توقع نهاية دولة اسرائيل ، وتعدى غضبها على المسلسل واسرته الفنية الى الدولة المصرية كلها ، على اعتبار انه يربطها بها علاقات سلام منذ احدى واربعين سنة ، فرد نائب مصري وازن "تامر الشهاوي" على الخارجية الاسرائيلية من ان "اعتراضكم غير مقبول" .
ودانت حركة حماس على لسان احد قيادييها " باسم نعيم" من ضمن حركات سياسية ودينية مسلسلا خليجيا بعنوان "ام هارون" بأقسى العبارات "جريمة تاريخية ، تجدر ملاحقة ومحاسبة من أنتج ومن أخرج ومن بث ومن مثّل" .
اسرائيل التي ذهبت خارجيتها لادانة مسلسل "النهاية" ، انبرى المتحدث باسم جيشها "افيخاي ادرعي" للدفاع عن مسلسل "ام هارون" وعن بطلته التي واجهت الاضهاد بسبب من عقيدتها الدينية قبل وبعد قيام دولة اسرائيل .
في حين ذهبت حماس لامتداح مسلسل "النهاية" والاشادة بما اسماه الناطق باسمها حازم قاسم "الاحتفاء الواسع من الجمهور العربي لما جاء في المسلسل من تنبؤ بزوال الاحتلال وتحرير القدس".
تبقى الاعمال الفنية وجهات نظر اصحابها ، وينظر اليها الجمهور من الزواية التي يرغب النظر اليها ، بما في ذلك نقدها سلبيا في شكلها ومضمونها ، حتى الحق المطلق في عدم مشاهدتها ان كان شيئا تصويريا مرئيا او عدم سماعها ان كان اذاعيا او قراءتها ان كان كتابيا ، وهذا لربما اقصى ما يمكن ان يقابل به الفن على اختلاف صنوفه ، وينقلنا هذا للمأثور الديني بشكل عام الذي نظر الى الفن نظرة دونية وصلت حد التحريم ، فالتمثيل حرام ، والغناء حرام والرقص حرام ، والموسيقى حرام والرسم حرام ، ونسوق من تاريخنا المعاصر طعن نجيب محفوظ لأنه كتب رواية اولاد حارتنا ، ليتبين ان الذي نفذ عملية الطعن لم يقرأها ، وانه بعد فوز جماعة الاخوان في مصر سرت اقتراحات لتغطية تمثال سيدة الغناء العربي أم كلثوم – حجاب على شعرها - ، و كان هذا أكثر قبولا من ان يقوموا بردمه ، كما فعلت حركة طالبان بردم تمثال بوذا في افغانستان قصفا بالمدافع الثقيلة ، وحركة داعش بنبش قبر الشاعر الكبير ابو العلاء المعري في سوريا بعد اكثر من ألف سنة على دفنه ، ما عبر عنه المفكر المصري سيد قمني عرض عصا توت عنخ امون التي لا تقدر بثمن ، او لوحة المونوليزا ذات الشهيرة العالمية على رجل دين ، مسكون بتحريم الصور والتماثيل ، من المؤكد انه سيرفضها .
عندما وضع محمود درويش رائعته الشعرية "عابرون في كلام عابر" ابان الانتفاضة الاولى ، تقدم اسحق شامير رئيس الوزراء انذاك بطلب رسمي الى الحكومة الفرنسية ان تقوم بطرده ، لكنه قبل ذلك بسنة ، تجرأ ان يمد كاتم صوته على رأس ناجي العلي في لندن ، وقبلها ماجد ابو شرار في روما و غسان كنفاني وكمال ناصر في بيروت وباسل الكبيسي في باريس ويوسف نصري نصر في القدس .
الرد على الفن لا يصح الا بالفن او بالنقد الفني والفكري ، ولهذا فإن الاعتراضات من القبيل الذي عرضنا، مرفوضة.